يمكن القول بثقة إنّ الكاريزما والوسامة والموهبة التي يمتلكها النجم السوري تيم حسن وضعته في مكان مختلف عن سواه! لا يلغي ذلك منافسة زملائه له، وربما التفوّق عليه أحياناً بالمقدرات الأدائية، وبراعة الاختيار، والبحث المحموم، والجهد المتواصل، والتراكم الصحيح. لكن لم يتمكّن أحد حتى الآن، سورياً على الأقل، من أن يضاهيه بالحضور والنجومية، واجتراح مطرح متفرّد له وحده. لدرجة أنّ بعض نجوم الدراما السورية المكرّسين ممن لا ينقصهم شيءٌ من الموهبة، والأنا، والاعتداد، يلتقطون معه صوراً تذكارية في مواقع التصوير لسعادتهم الغامرة بأنهم شركاؤه! حتى بعض خرّيجي «المعهد العالي للفنون المسرحية» يتمنّون صراحة في حواراتهم الصحافية العمل مع نجم «الانتظار» (كتابة حسن سامي يوسف ونجيب نصير، وإخراج الليث حجو). كلّ ذلك لا يُعتبر جديداً على ممثّل يعرف كيف يشدّ البساط نحوه عندما يكون واقفاً في مكانه الصحيح. طبعاً الحديث هنا بعيداً عن حمى «التجغيل» التي غرق فيها بسبب سلسلة «الهيبة» (مجموعة كتابة وإخراج سامر البرقاوي) والنمط التجسيدي الساذج، والمنطق الدرامي المبتذل، والاعتماد على لوازم كلامية متهاوية لغوياً، وتحوّل المشروع إلى حالة تجارية خالصة تدرّ أموالاً طائلة على منتجيها وربما على بطلها الأوّل!جرّب تيّم خلال السنوات الأخيرة الافتكاك من أسره الإرادي في سجون «الهيبة» من خلال تجربته في مسلسل «العميد» (كتابة وإخراج باسم السلكا) لكن دون أن يحظى العمل بجماهيرية كبيرة، أو أن يرافقه سجال نقدي مختلف. لكن في كل الأحوال أعطى تيم فرصة ذهبية للمخرج الناشئ حينها، والذي سبق أن قدّم كل ما يمكنه لـ «الهيبة» ضمن فريق الإخراج وأيضاً كاتباً أساسياً فيه، إضافة إلى مساهماته في مشاريع أخرى من بطولة نجم الوسامة السوري. الهدية الثمينة تمثّلت في وقوفه أمام كاميرا السلكا بثقة مطلقة، وفي أولى تجاربه كمخرج، فمنحه كناية عن جواز عبور نحو السوق، بعدما كان يراد له أن يظل مساعداً. الآن، انتهت فصول «الهيبة» وعُصر حتى آخر قطرة، بعد أن أنجز منه فيلماً مكثّفاً عن كل أجزائه. لذا صار لزوماً على تيم أن يفكّر بمشروعه الجديد وهو حاضر وفق شراكته مع «الصبّاح» في «عاصي الزند» (كتابة عمر أبو سعدة، وإخراج سامر البرقاوي). وإلى أن يجهز المشروع، أعلن النجم السوري أنه سيخوض تجربة الإخراج السينمائي في فيلم «الزير سالم». المشروع الذي كان في عهدة أستاذه المخرج الراحل حاتم علي، وقد أسند إلى تيم دور البطولة فيه، بعد سنوات طويلة على أدائه في النسخة التلفزيونية دور «هجرس»، لتكون الشخصية بمثابة حجر أساس لشراكة طويلة جمعت الأستاذ بتلميذه. النسخة السينمائية بحسب بيان تيم حسن على صفحته الرسمية على فايسبوك (وزّعتها أيضاً استوديوات MBC، الذراع الإنتاجية لـ مجموعة MBC السعودية)، كتب مسوّدتها الأولى زياد عدوان، وهو نجل الشاعر والسيناريست الراحل ممدوح عدوان الذي برع في صوغ نص ساحر في المسلسل التلفزيوني، لدرجة أنّ العامة تواصلت مع اللغة العربية الفصحى بسلاسة وحب شديدين، ما خلق للعمل إضافة إلى بقية عناصره الفنية جماهيرية مضافة كلّما عُرض. علماً أنه حقّق منذ إنتاجه رقماً قياسياً في مرّات العرض! فيما أعاد كتابته مجدداً السيناريست بشار عباس وعالجه درامياً الصحافي والناقد ماهر منصور. كلّ تلك المقوّمات تبشّر بمنجز واعد، بعيداً عن أي مقارنة مع المسلسل التلفزيوني الذي صار أيقونة كلاسيكية. لكن يبقى السؤال الأصعب: كيف للنجم التلفزيوني أن يخوض تجربة الإخراج السينمائي للمرة الأولى بفيلم من بطولته المطلقة؟
تاريخياً، تحوّل بعض الممثلين إلى الإخراج ولعبوا بطولات في أفلامهم، لعل أبرزهم ميل غيبسون. لكنّ هذا الأخير وفي فيلمه الشهير Brave Heart الذي جسّد فيه شخصية «وليام والاس»، اتّكأ ضمن فريقه على مخرجين مكرّسين كانا إلى جانبه خطوة بخطوة، لأنه من البديهي ألا يستطيع إدارة نفسه كممثل، خاصة في العمل التاريخي المفتوح على احتمالات صعبة أثناء تصويره. القصة علم يخضع لقواعد وشروط أساسية. إن كان تيم حسن سيصبح مخرجاً، فهذا حقه وهو أمر مشروع لا يمكن لكائن أن يصادره أو يقلّل من شأنه، لكنّ المنطق يقول إنّه من الأفضل ألا يكون بطلاً مطلقاً لتجربته الإخراجية الأولى، أو أن يكون بجانبه مخرج سينمائي محترف ليتمكّن من إدارته، وهذا ما لم يعلن عنه حتى الآن، وربما يحصل فعلاً ولكن في الظل! علماً أن الشرط الإنتاجي غالباً يصرّ على استثمار نجومية تيم في كلّ مكان، لكنّ الرجل كدّس أرشيفاً حافلاً فقط في التلفزيون، ولم ينجز سوى تجربتين سينمائيّتين، هما: «ميكانو» (وائل حمدي ومحمود كامل) و«خطة بديلة» (محمد علّام وأحمد عبد الباسط). لكنّهما لم تحظيا بالنجاح الوفير! هذا إن سلّمنا قطعاً بأن تجربة «الهيبة» حتى بنسختها الأخيرة لا يمكن أن تسمى فيلماً سينمائياً!