غيّب الموت صباح اليوم، في دمشق، أنطوانيت نجيب (1930 ــ 2022)، بعد صراع طويل مع المرض. وقد شهدت الممثلة السورية الراحلة خلال مسيرتها الطويلة، نحو قرن من التحوّلات التي طرأت على الفن السوري، إذ واكبت موجة السينما السورية التي ازدهرت في ستينيات القرن المنصرم وما تلاها، في أفلام تتطلع إلى شبّاك التذاكر في المقام الأوّل، مثل «عاريات بلا خطيئة» (1967)، و«امرأة تسكن لوحدها»، و«شقة للحب»، و«الحب الحرام». أفلام تجارية لكنّها تنطوي بشكل ما على توق إلى الحرية الفردية، والعلاقات المفتوحة، والجرأة في مواجهة التابوهات، إذ يحسب لجيل أنطوانيت نجيب مغامرته في اقتحام الأسلاك الشائكة وحقول الألغام، قبل أن تضيق الشاشة بقبلة عابرة. كما ساهمت هذه الممثلة الرائدة في معظم الأعمال المسرحية المبكرة لفرق مسرحية مستقلة، بالإضافة إلى عروض المسرح القومي، مثل «حط بالخرج»، و«الأشجار تموت واقفة»، و«سهرة مع أبو خليل القباني». وسوف تكون أنطوانيت نجيب، ابنة مدينة درعا، قاسماً مشتركاً في معظم أعمال الدراما التلفزيونية السورية، سواء في بداياتها أم في حضورها الراهن، في دور الأم التي تحتضن أمهات في صدرها، بأعلى درجات الألفة والحميمية والحنان، في تنويعات بيئية وبدوية ومعاصرة، مثل «الشريد»، و«الخطوات الصعبة»، و«الجوارح»، و«حمّام القيشاني»، و«حي المزار»، و«أخوة التراب»، و«عائلتي وأنا»، و«الخوالي». ولن ينسى جمهور التلفزيون شخصية «نعيمة» التي قدّمتها في مسلسل «الفصول الأربعة»، أحد أكثر أدوارها حضوراً في الذاكرة.
وحالما نعت صفحة نقابة الفنانين (فرع دمشق) على فايسبوك «الزميلة القديرة أنطوانيت نجيب»، شارك عدد كبير من الممثلين والمؤثرين على الشبكات الاجتماعية الخبر مع عبارات التعزية. كما نعاها المخرج السوري محمّد زهير رجب عبر صفحته على الموقع نفسه، قائلاً: «رحلت حبيبة الكلّ، القلب الطيّب المحبّ».
أنطوانيت نجيب صنيعة الموهبة الفطرية والخبرة والمغامرة، فهي من ذلك الجيل الذي دفع فاتورة باهظة في اقتحام الحقل الفني، حين كان عمل «المشخصاتي» مهنة مستهجنة.
علماً بأنّ تفاصيل الدفن ستُحدّد في وقت لاحق.