لا تعيش الدراما السورية أحسن أحوالها. مع ذلك، يسيطر عليها سوق المديح المجاني، وتحوّل بعض العاملين فيها إلى «بيت فستق»، يتسابقون على نشر المجاملات على طريقة دروس التربية القومية التي تعلّموها خلال 16 عاماً من التحصيل الدراسي. بمعنى أنّه حتى الإطراء بصيغة الشعارات الفضفاضة وجمل الفخر والاعتزاز لا يمثّل سوى شتيمة من العيار الثقيل، لكن بأسلوب مهلهل بذريعة تعاقب العصور وتراكم الغبار عليه! ولم يكن ينقص الحال ليكتمل عقد الانحدار، سوى ترك المنابر مفتوحة لكلّ من يبتغي قصفنا بمعلومات مغلوطة، ويردّد على مسامعنا جملاً سمجة يبدو واضحاً أنّها تمثّل جوهر ثقافته التجميعية! السؤال: كيف يصل هؤلاء إلى تلك الوسائل الإعلامية؟ لن يكون الجواب صعباً طالما أنّ الخواء الذي يسطو على البلاد وإفراغ ميادينها الإعلامية والثقافية، هو ما جعل تلك المنافذ تترنّح أيضاً وتصاب بحمى البحث عن الضيف، وترك استديواتها مفتوحة على مصراعيها لأي حديث يمكن أن يملأ الهواء، حتى ولو كان طرحاً مستفزاً وصاحبه فارغاً وربما يملك سجلاً مشيناً في تاريخه إذا قرّرنا التدقيق في ما أنجز. ومع ذلك، فإنّ تصريحاته تترك فرصة الحكم عليها فوراً كونها تمثّل استمراراً لأسلوب «مسيلمة» الدارج منذ أكثر من 1400 عام.على أيّة حال وفي سياق آخر، ربما يكون لفت استماع كلّ من سنحت له الفرصة بالمتابعة، حديث مدير شركة «قبنض»، وسيم الشبلي، عن نية الشركة افتتاح قناة فضائية وربما يصل عدد الفضائيات لاحقاً إلى عشر قنوات. «قبنض سات» و«قبنض ميديا» و«قبنض فليكس» وهكذا... حتى يصل عددها إلى عشر أو أكثر... طبعاً التصريح يذكّر بطريقة عدّ الخواريف التي تساعدك على النوم عند الأرق! أو ربّما يكون بمثابة حلم أو وهم طالما أنّ الحكومة السورية لم تمنح رخصة واحدة لقناة تلفزيونية منذ أكثر من عشر سنوات. حتى رجل الأعمال السوري المعروف، سامر فوز، انطلق بقناته «لنا» من بيروت لعدم إمكانية الحصول على ترخيص في دمشق. بكل الأحوال، لم تكن هذه المعلومة الوحيدة التي تدعو للتهكّم، عندما أردف بأنّ أحد المرشّحين لأداء دور البطولة في مسلسل قيد التحضير ويروي سيرة مالك شركته محمد قبنض هو النجم تيم حسن!!
لن يستغرب أحد حتى لو أكمل بأسماء المرشحين ليصل إلى: آل باتشينو وروبرت دي نيرو ونيكولاس كيدج... طالما أنّهم مجرّد مرشّحين، والكلام المجاني ليس عليه جمرك. علماً بأنّ الشركة تفضّل غالباً نجاح سفكوني كبطل لأعمالها أكثر من تلك الأسماء! لكنّ القصص وصلت إلى ذروتها عندما تناول الشلبي ربّما في لقاء ثان النجم عبّاس النوري بطريقة مؤذية، وقال إنّ الشركة أخذت عليه حكماً بالحبس لثلاثة أشهر ودفع مبلغ مالي كبير، لـ «ينقذه» العفو الرئاسي من عقوبة السجن ، قبل أن يمنّ عليه «الحجّي» بالتنازل عن الدعوى. النجم السوري طلب عند حديثنا معه عدم التعقيب على الموضوع معتبراً أنّه سمع من الجمهور عن هذه التصريحات ولا يريد التعليق عليها. أخيراً، وجّه مدير الشركة المعروفة بإنتاجاتها الدرامية المنحدرة رسالة تنضوي على دعوة حقيقية لكمّ الأفواه عندما طالب كل من تسوّل له نفسه انتقاد «قبنض» بفعل ذلك بينه وبين نفسه، ليس أكثر! السؤال الذي سيخطر في بال معظم المتابعين وهم يستمعون إلى هذا الرجل: ترى من أنت بحقّ السماء؟!