يبدو فيلم «دفاتر مايا» (Memory Box ــ 102 د) للمخرجَيْن اللبنانيَيْن جوانا حاجي توما وخليل جريج الذي يجمع الأجزاء المفكّكة لذاكرة عائلة لبنانية في كندا، وتبدأ عروضه في فرنسا يوم الأربعاء المقبل، أشبه بناجٍ من ظروف تراوح بين انفجار مرفأ بيروت وجائحة كوفيد-19.فقد كان من الممكن ألا يرى هذا الفيلم النور، إذ أنّ الزوجين أنهيا تصوير عملهما الثالث هذا قبل أن يعصف انفجار مئات الأطنان من نيترات الأمونيوم بمرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس) 2020.
ومن بين ما دمّرته هذه الكارثة يومها شقة المخرجين ومقرّ شركة الإنتاج وقسم كبير من أعمالهما المخزّنة بالقرب من المرفأ.
في حديث إلى وكالة «فرانس برس»، قال جريج خليل خلال «مهرجان برلين السينمائي الدولي» الأخير الذي اختير الفيلم للمشاركة في مسابقته الرسمية إنّ الشريط «يعبّر بشكل لا يصدق عن الواقع الحالي».
احتار المخرجان بعد الانفجار في ما إذا كان ينبغي الإبقاء على المشهد المهم في نهاية الفيلم، حيث يلتمّ شمل الأسرة تحديداً في مرفأ بيروت المضاء. ورأت حاجي توما أنّ الكارثة «تعطي قيمة إضافية للفيلم وهذا الأمر مزعج ومحزن في آن».
يتناول الشريط قصة «مايا» المرأة اللبنانية التي انتقلت الى العيش مع والدتها المقيمة في كندا، منذ أكثر من 30 عاماً، بصحبة ابنتها المراهقة «أليكس» في مونتريال. عشية عيد الميلاد، يتلقين شحنة عير متوقعة في داخلها دفاتر وأشرطة كاسيت وصور، كانت قد أرسلتها «مايا» عندما كانت لا تزال تعيش في بيروت، إلى اعزّ صديقاتها التي هاجرت إلى فرنسا عام 1982. في الفيلم (إنتاج شركة أبوط ــ بيروت Haut et court و Microscope ــ فرنسا/ كندا) ، ترفض «مايا» فتح الصندوق أو مواجهة ذكرياتها، في مقابل حماسة ابنتها للغوص في هذا الأرشيف واكتشاف أسرار والدتها. هكذا تدخل «أليكس» في رحلة ما بين الخيال والواقع، وتغوص في عالم مراهقة والدتها الصاخبة والعاطفية خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وتكتشف ألغاز الماضي الخفي.
في هذا السباق، سبق أن صرّحت جوانا حاجي توما بأنّه «بدأت القصة عندما وجدت دفاتر كتبتها لمدة ستة أعوام في ثمانينات القرن الفائت لصديقتي التي غادرت للعيش في باريس». وهذه الذكريات عن بلد «يشعر أهله بأنّهم لا يتشاركون تاريخاً موحّداً»، على حدّ تعبيرها. نسجت بآلاف الصور التي التقطها زوجها خليل جريج في الفترة عينها في لبنان، ما أتاح للثنائي أن يروي قصة الفيلم المتخيّلة.