عندما ألغيت المهرجانات العام الماضي؛ كان الأمل كبيراً في أن يكون صيف 2021 استعادة لأصياف الزمن الجميل الذي عرفت به تونس منذ منتصف ستينات القرن الماضي، لكن كوفيد 19 ما زال يحصد الأرواح لتكون البلاد ضمن أكثر بلدان العالم تضرراً في حصيلة الموتى والمصابين. وأمام هذا الوضع الكارثي، أصبح تنظيم المهرجانات محل شك في مرحلة أولى، ثم تم تأكيدها مع اجراءات استثنائية، وفي مرحلة ثالثة تم تأجيلها إلى شهر آب (أغسطس) قبل أن تتخذ وزارة الثقافة القرار الصادم بالحفاظ على مبدأ تنظيم المهرجانات لكن من دون جمهور ولا عروض أجنبية! هكذا ستكون المهرجانات التونسية التي كانت تصنع نكهة خاصة لليالي الصيف في تونس مع البحر والياسمين مهرجانات بلا تواصل مباشر مع عروض تونسية فقط. فوزارة الثقافة قررت تنظيم المهرجانات وفق صيغة رقمية، إذ ستبث العروض على المحامل الرقمية (يوتيوب، فايسبوك، وتويتر المواقع الرسمية للمهرجانات) كما سيتم التركيز على المعالم الأثرية التي تحتضن هذه المهرجانات مثل «مسرح قرطاج» الأثري وقصر «الجم» الروماني ومسرح «سبيطلة» الروماني ومسرح «دقة» الروماني… وسيتم تصوير هذه العروض وتنزيلها على المحامل الرقمية.
الوزارة شجعت أيضاً مهرجانات المحافظات على اعتماد الصيغة الرقمية، فهي خيار الحد الأدنى حتى لا يجوع الفنانون التونسيون بسبب توقف النشاط الثقافي.
وفي الحقيقة، هذه الصيغة التي اختارتها وزارة الثقافة التونسية تم اعتمادها سابقاً في تنظيم «أيام قرطاج الكريغرافية» و«أسبوع المسرح التونسي»، وهي أفضل من لا شيء مع مخاوف من أخطاء تقنية حصلت في «أسبوع المسرح التونسي» خاصة.
ويمكن اعتبار هذا الخيار إلى حد كبير استجابة لضغوط النقابات الفنية، فعدد العاملين في النشاط الثقافي والفني حسب حصيلة تقديرية لوزارة الثقافة، يفوق الأربعين ألفاً، وجزء كبير منهم خاصة في الميدان الموسيقي ليس لهم أي مورد عيش خارج نشاطهم الموسيقي (مهرجانات مطاعم أعراس حفلات خاصة) وكل هذه الأنشطة متوقفة منذ العام الماضي، وسبق أن نظمت نقابات الموسيقيين أحتجاجات تحت شعار «سيّب الليل» (أترك لنا الليل) في احتجاج على منع الجولان وغلق المطاعم ليلاً.
لذلك، فإن الهدف من هذا القرار هو فسح مجال العمل للفنانين التونسيين في المهرجانات حتى بصيغة رقمية لتجد الوزارة صيغة قانونية لدفع مستحاقتهم. هكذا تواصل كورونا في العبث بأرواح التونسيين وحرمانهم من متعة الصيف.