لا يمكن اعتبار «التعاون» بين بعض الفنانين المصريين ورئيس مجلس إدارة «الهيئة العامة للترفيه» تركي آل الشيخ ضمن التعاقدات الفنية التي تجري عادة بين الدول. لقد كان انبطاحاً بكل ما للكلمة من معنى، يرمي فقط إلى الحصول على رضى وطاعة المستشار السعودي، فتقرّر بموجبه استحواذ تطبيق «شاهد» المنضوي تحت شبكة mbc، حصرياً على غالبية الأعمال الفنية المصرية من مسرحيات ومسلسلات. البداية كانت عام 2019، عندما وقّع آل الشيخ مذكرات تفاهم بين غالبية شركات الإنتاج من بينها «العدل غروب» ومجموعة من الممثلين المخضرمين والشباب. قيل يومها بأن العقود «من شأنها تدعيم القطاع الترفيهي في المملكة»، ثم التقطت صورة تذكارية لمجموعة كبيرة من الفنانين المصريين الذين احتشدوا حول آل الشيخ.تباعاً، بدأت ملامح التعاقد تظهر بعد حصول «شاهد» على أرشيف المسرحيات الكبيرة أبرزها «مدرسة المشاغبين» للنجم عادل إمام وزملائه التي أعيد بثها ملوّنة (أثارت الكثير من الجدل بحلّتها المشوّهة) في عيد الفطر الماضي، إضافة إلى باقة من المشاريع التي رسخت في ذاكرة المشاهد العربي. فقد قرر آل الشيخ تحويل «شاهد» إلى منصة تجمع أرشيف الدراما العربية وعصرها الذهبي، فكانت المشاريع المصرية أول ما استحوذ عليه السعوديون بكل سهولة. خطوة تذكّر المتابعين بما قام به رجل الأعمال السعودي الوليد بن طلال عند تأسيسه «روتانا» وابتلاعه أرشيف الفنّ العربي ككل.
بالطبع، هذا الاستحواذ الفني تتداخل فيه القضايا السياسية على رأسها تلميع صورة المملكة بصفتها حضناً للفن بعدما كان لعقود أمراً محرّماً هناك. هكذا، يتحكّم آل الشيخ بكل التعاقدات الفنية في «شاهد»، ثم يحيلها إلى العاملين تحت يديه لإتمام التعاقدات. وحسب معلومات لـ «الأخبار»، فإنّ آل الشيخ يقلّب ذاكرة طفولته ومراهقته ويختار ما يريد منها أن يعاد تقديمه بنسخات جديدة، فوقع على شريهان! إنّها «القطعة» الفنية الكبرى التي اشتاق إليها الجمهور العربي بعد غياب عن المسرح منذ تسعينيات القرن الماضي على إثر إصابتها بمرض كاد أن يقضي على حياتها لولا شجاعتها ومحاربتها له بكل شراسة.
عند اجتماع آل الشيخ مع الفنانين المصريين عام 2019، وقّع مع شركة «العدل غروب» التي يديرها المنتج جمال العدل، عقداً لتقديم ستة عروض للفنانة الاستعراضية. مرّ الوقت سريعاً، ولم تبصر تلك العروض النور، فبقيت طيّ الكتمان، إلى أن أعلن العدل عن تحضيره لعودة شريهان عبر مسرحية جديدة تحمل اسم «كوكو شانيل» التي كتب نصّها مدحت العدل وينتجها جمال ويخرجها هادي الباجوري. أما إدارة التصوير فهي للفنان أحمد المرسي، فيما تولّى الديكور محمد عطية، والمونتاج أحمد حافظ، وصمم اللوحات الاستعراضية هاني أباظة، ووقّعت الأزياء ريم العدل. على خلفية التعاقد، ستطلّ «أم لؤلؤة» (إشارة إلى اسم ابنتها) كما تحب أن يُطلق عليها، في تسع لوحات استعراضية تجسّد فيها شخصية أيقونة الأزياء الفرنسية الراحلة كوكو شانيل (1883ـــ 1971) كما تشاركها المسرحية مجموعة ممثلين من بينهم أيمن قيسوني، أنجي وجدان وعماد إسماعيل. هكذا، انطلق العدل بالتحضير لمشروعه، فخوراً بإقناع شريهان بالعودة إلى الأضواء رغم رفضها القرار بعد تلقّيها عروضاً مغرية. لكن العدل استطاع بداية أن يملك مفتاح الـ «نعم» لدى شريهان، ومن ثم الاستثمار في القرار إعلامياً ومادياً. ثم اتفق مع آل الشيخ على عرض «كوكو شانيل» حصرياً على «شاهد» في 20 تموز (يوليو) الحالي. في هذا السياق، تلفت مصادر لـ«الأخبار» إلى أنّ التعاقد تم مباشرة بين آل الشيخ وشريهان بحضور العدل، وسط إصرار المستشار السعودي على هذه الخطوة. وتشير كذلك المصادر إلى أنّ ميزانية المسرحية وأجر الفنانة بقيا قيد الكتمان لدى «رئيس هيئة الترفيه». وتوضح المعلومات أنّ حالة استياء يشعر بها بعض عشاق شريهان بسبب تعاقدها مع «شاهد»، لأنّ أعمال الفنانة الاستعراضية صاحبة الكاريزما اللافتة، كانت تعرض أمام جمهورها المتنوّع من مختلف الفئات، وليست حكراً على منصة سعودية! بالتالي، فقسم كبير من عشّاق شريهان لن يتاح له برؤية عملها.