«إذا بقي السوري يقبع تحت وطأة هذه الظروف والأوضاع الصعبة أسبوعاً آخر ستصبح الصومال حلماً بالنسبة له».. كلماتٌ قليلة كتبَها الممثل والمنتج السوري فراس ابراهيم عبر حسابه الشخصي على موقع فايسبوك كانت كافية لإشعال ما يشبه ثورة افتراضيَّة صغيرة ضدّه. المفارقة أنَّ الاعتراضات على بطل مسلسل «أسير الانتقام» (كتابة محمد العاص وإخراج سمير حسين/ 2007) لم تأتِ على خلفيَّة ما يمكن اعتباره وفقاً للمصطلحات السَّائدة اليوم «تنمّراً» أو عنصرية على الصومال وأهلها من زاوية الأوضاع المعيشيَّة الصعبة في هذا البلد العربي المصنّف بين الدول الأقل نماءً بفعل عقود من الحرب الأهليَّة، وإن كانت النظرة إليه محكومة بالكثير من الاختزال والتسطيح ونقص المعلومات إلى حد تحوّل الأمر برمّته وبشكل منفّر إلى «كليشيه» ممجوج لدى مواطني دول عربيَّة أخرى ترزح تحت وطأة أزمات اقتصاديَّة لا تقل حدَّةً عن الأزمة الصوماليَّة.
إلا أنَّ الاعتراضات جاءت على خلفيَّة تحريف أحد المواقع الإلكترونيَّة المتخصَّصة في الدراما السوريَّة عبارة ابراهيم لتصبح على الشكل التالي «الحياة في الصومال أفضل من الحياة في سوريا بألف مرة.. أنا قررت الهجرة.. يا روح ما بعدك روح» ونشرها مع صورة له، لتنهال التعليقات المسيئة بحقه من قبل المتابعين، في ظل تصاعد موجة الإنزعاج من الفنانين الذين لطالما تنعَّموا بخيرات بلدهم قبل الأزمة، وأفادوا أكثر من غيرهم من الامتيازات الممنوحة للفنانين فيه، قبل أن ينتقلوا أخيراً للإقامة في دول خليجيَّة ساهمت في تمويل الحرب على سوريا وشاركت في حصارها وتعميق أزمتها، ليصوّبوا من هناك على الأوضاع في بلادهم ويعقدوا مقارنة ظالمة وغير منطقيَّة بينها وبين الأوضاع في الدول النفطيَّة التي احتضنتهم وبالغت في إكرامهم لأسباب سياسيَّة - تسويقيَّة غير خافية على أحد.
وقد سخر بعض المعلقين من أهمية مغادرة بطل «خان الحرير» (كتابة نهاد سيريس وإخراج هيثم حقي/ 1996) بوصفها «خسارة كبيرة» لا يحتملها البلد وأهله الذين لن يستطيعوا «العيش بدونه»، واعتبر آخرون أنَّه خسارة كبيرة فعلاً وأنَّهم كانوا يحترمونه قبل هذا التصريح الصادم، وقلَّل آخرون من وطنيته ووفائه، مقابل تعليقات أخرى انتقدت المزايدة عليه واعتبرت أنَّ كل من يستطيع المغادرة في ظل هذه الظروف سيفعل ولن يتأخر، إلى أن تطوَّعت إحدى المعلقات لكشف التحريف الفاضح موردةً صورة للمنشور الأصلي ومعتبرةً أنَّ «المصيبة الأعظم من الظروف الخانقة التي يمر بها المواطن السوري كل يوم هو وجود مثل هذه الصفحات»!
خرّيج المعهد العالي للفنون المسرحيَّة أعاد نشر التصريح المحرَّف عبر صفحته معتبراً أ أنَّه ملفَّق ومعيب، مؤكّداً أنَّه لا يتحدث بهذه الصيغة المستفزّة، داعياً من يهمّهم الأمر إلى الاطلاع على المنشور الأصلي على صفحته، قبل أن يعود ويؤكد في منشور منفصل ردّاً على من دعاه في رسالة خاصَّة إلى السفر إذا كان البلد لا يعجبه، أنَّه يستطيع السفر في أيّ وقت خصوصاً أنَّه يحمل جنسيَّة والدتته المصريَّة إلى جانب الجنسيَّة السوريَّة، ولكنَّه يرى أنَّ الهريبة في مثل هذا الوقت ليست «ثلثي المراجل» وأنَّ بقاءه وصموده وتحمّله مثل بقية الناس لا يلزمه بالصَّمت عن قلة حيلة المسؤولين العاجزين عن إيجاد حلول تريح الناس، طالباً مراسلة هؤلاء عوضاً عنه لأنَّه من غير المنطقي أن نسافر نحن ويبقوا هم «قاعدين هون»!