عبّر فريد وماهر صباغ عن حلمهما بلبنان العيش المشترك، وبزوال علة الطائفية التي تقسم أبناءه. انطلاقاً من هذا الهمّ، ولدت «الطائفة 19» كمسرحية غنائية وطنية، أرادها الأخوان أبعد من مجرد عمل فني ينتهي بانتهاء عروضه في «قصر المؤتمرات».
قررا أن يقاتلا من أجل تحقيق مشروعهما بالقضاء على عقلية الانقسام التي وزّعت الشعب اللبناني على 18 طائفة، وجرّت حروباً أهلية لا تنتهي.
يضع العمل مسؤولية كبيرة على يوسف الخال. هو النجم الذي يقع عليه الرهان الأهم لاستقطاب الجمهور. يجسّد الممثل اللبناني شخصية الضابط الرافض لفكرة الطائفية، والمؤمن بلبنان الحلم. حضور الخال شكّل نقطة قوة في المسرحية، فهو مُقنع على المسرح كما في الدراما، لكنّه كممثل أقوى منه كمطرب بأشواط. أضف إلى ذلك أنّ بطلة المسرحية كارين رميا (تجسّد شخصية سارة المارونية التي سجنت بتهمة قتل زوجها الذي خانها)، هي التي تؤدي بصوتها سلسلة من الأغنيات، فبدا الغناء ملعبها بامتياز مع صوتها الرائع وإحساسها الجميل.
يحمل العمل أفكاراً مهمة، اجتهد فريد وماهر في تقديمها ضمن صيغة مسرحية راقية. كما كان حضورهما التمثيلي عفوياً وتلقائياً، وخصوصاً فريد في دور «الزعيم فيصل» الذي تلعثم مرة، ثم أكمل قائلاً بأنه نسي جملةً عن تقسيم البلد إلى دويلات لأنّه حتى في التمثيل ليس قادراً على تصوره. هو النموذج المثالي للمواطن اللبناني الوطني الذي تخلص من آفة الطائفية، مطالباً بإزالتها من النصوص والنفوس معاً. تأتي شخصيته في العمل لتقف في وجه «الزعيم بن» الذي يؤدي دوره ماهر، ويريد تشكيل «الطائفة 19» من أجل مصالحه في إنشاء طائفة إضافية للملحدين. أما النقيب (يوسف الخال)، فيعدّ استمراراً لفكر الزعيم فيصل.
المشكلة الأساس تكمن في إيقاع العمل البطيء أحياناً ومدته الطويلة التي تحتاج إلى صبر كي يتمكّن المشاهد من متابعته حتى النهاية. ثلاث ساعات هي مدة الفصلين الأول والثاني، يبدأ أولهما في سجن رومية ويكمل في مختبر يخضع فيه المساجين لاختبارات، تنقذهم من المرض الذي يسمّى طائفية، كما يصفه الخبير الياباني (يؤدي دوره نبيل أبو مراد) الذي نجح في اكتشاف دواء يقضي على الطائفية عند اللبنانيين. الفصل الثاني يُخرج المساجين إلى مكب الكرنتينا حيث يبدأ هؤلاء رحلتهم في المطالبة بمشروعهم، بعد تقسيم لبنان الافتراضي إلى دويلات عدة. ورغم وجود بعض المآخذ وعلامات الاستفهام التي تتعلّق بالنصّ، إلا أنّ فريد وماهر الصباغ يستحقّان التحية لهذا المشروع الوطني، وهذه التجربة المسرحية الثالثة لهما. بدا واضحاً الجهد المبذول في هذا العمل الذي تميّز بإتقان في الديكورات وبكلفة إنتاجية عالية.




«الطائفة 19»: أيام الخميس والجمعة والسبت والأحد ــ «قصر المؤتمرات» (ضبية) ــ للاستعلام: 01/999666