القاهرة | بلاغ جديد أمام النائب العام، قرار من نقابة الموسيقيين بمنعها من الغناء لحين انتهاء التحقيقات، اتهام يتكرر بإساءتها للدولة المصرية، جدل حول عفويتها التي زادت عن الحد... هكذا يمكن تلخيص أزمة المغنية المصرية شيرين عبد الوهاب الجديدة التي تفاعلت بقوة خلال اليومين الأخيرين، ويمكن أن نصفها اختصاراً بـ «أزمة حفل البحرين».كثيرون لم يتوقفوا أمام كيفية تسرّب العبارة التي اعتبرها بعضهم مهينة للدولة للمصرية. قالت شيرين في حفلة أحيتها في المنامة يوم 18 آذار (مارس) الحالي: «أنا بتكلم هنا براحتي، اللي بيتكلم في مصر بيتسجن». غير أنه عكس أزمة سخريتها من مياه النيل أو اسم دولة تونس أو هجومها على عمرو دياب، لا يوجد هذه المرة مقطع فيديو يمكن الرجوع إليه واعتباره دليلاً. كيف عرف المصريون إذن ما حدث؟ وفق المحامي سمير صبري المتخصّص في هذه النوعية من البلاغات، فإنّ ابنة المهندس عزيز صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق (توفي 2008) كانت تحضر حفلة شيرين، وسمعت العبارة التي لم تعجبها، فغادرت محتجةً. لم يتوقف الأمر هنا، بل أبلغت معارفها وانتشرت الحكاية. هل فعلت ابنة عزيز صدقي ذلك احتجاجاً على إهانة شيرين لسمعة مصر فعلاً، أم أنها خشيت أن يسرّب أحدهم الواقعة وتُتَّهم هي بأنها كانت حاضرة وصمتت؟ لا إجابة على سؤال مماثل، فالنوايا لا يطلع عليها بشر.
السيناريو بعد ذلك معروف. نقابة الموسيقيين المصريين قالت في البداية إنّها تدرس الأمر، لكن ما باليد الحيلة. بمجرد تقديم سمير صبري بلاغاً ضد شيرين يتّهمها فيه بـ «التطاول على مصر، ونشر أخبار كاذبة واستدعاء المنظمات الحقوقية المشبوهة التي تعمل ضد البلاد للتدخل في الشأن المصري»، أعلن نقيب الموسيقيين الفنان هاني شاكر منع شيرين من الغناء في مصر حتى انتهاء التحقيقات. المطرب والملحن حسام حبيب زوج شيرين قال بشجاعة يُحسد عليها إنّ شيرين قالت ذلك فعلاً، لكنها كانت تقصد المحامين الذين يلاحقونها بالبلاغات لا الدولة، وأن الأمور دائماً تأخذ حجماً أكبر من حجمها. حسام لطفي محامي شيرين تكلم بثقة بأنّ لا شيء يدين موكلته ولا دليل مادياً واحداً يمكن تقديمه للمحكمة على أنها قالت هذه العبارة. وتابع أنّ مقدم البلاغ غاوي شهرة (يقصد سمير صبري الشهير برفع دعاوى ضد منتقدي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من فنانين ورياضيين ومثقفين). لم يخلُ بلاغ صبري من عبارات مضحكة كاتهام شيرين باستدعاء المنظمات الحقوقية وهي في دولة أخرى، كأن البحرين من الدول التي تهاجم أحوال حقوق الإنسان في مصر، وكأنّ المنظمات كانت بحاجة لتصريح مطربة «مشربتش من نيلها»، حتى تتأكد بأن الدولة المصرية تحبس من يتكلم. هذا إذا كانت شيرين فعلاً تقصد معنى آخر غير الذي فسّره زوجها حسام حبيب.
السيناريو المتوقّع في الأيام المقبلة، هو استمرار منع شيرين من الغناء لفترة قد تطول هذه المرة. أمر لا يضرّ المطربة التي تحيي معظم حفلاتها خارج مصر، فيما سيتم تحديد جلسة محكمة للتحقيق في بلاغ سمير صبري كما ينصّ القانون. هل يصل الأمر إلى إدانة شيرين والحكم عليها بالحبس؟ ما يحدث في المحروسة خلال الأعوام الأخيرة يقول إنّ كل شيء ممكن، وإن صاحبة أغنية «سلم على الشهداء» قد تقبع لفترة خلف القضبان، إلا إذا تدخّل أحدهم ونزع فتيل الأزمة، وطلب من صبري سحب بلاغه. لكن حتى لو حصل ذلك، فيبدو أنه لا يوجد لدى أحدهم حتى زوج شيرين ومحبّيها، القدرة على إقناعها بالتوقف عن التصرف بعفوية وبعدم القول أمام الجمهور ما لا يحمد عقباه. بات مطلوباً من شيرين عبد الوهاب أكثر من أي وقت مضى أن تغني فقط لأنّ... «اللي بيتكلم بيتحبس»!