ضخامة شكلية، إبهار تقني في العزف (جمل سهلة ذات ملامح توحي بالصعوبة)، إرفاق الأداء بحركات جسدية تعكس «عمقاً» واضطراباً داخلياً كبيراً لشدة التأثر بالجمال (وأيّ جمال!)، انتفاضٌ مفاجئ بعد انتهاء كل مقطوعة (الصحوة من الانخطاف!)… إنها عدّة الشغل اللازمة في هذا النوع من الموسيقى الآلاتية، بغية جذب جمهور مغلوب على أمره بفعل غياب الثقافة الموسيقية… والمنظمون، في لبنان، بخلاف المُفتَرَض، هم بمستوى الجمهور في الإلمام بالموسيقى. بدل أن يوظّفوا اطلاعهم الموسيقي الواسع لتقديم ما يرتقي بالمجتمع إلى الأعلى جمالاً وأخلاقاً ومتعةً، يقبلون بما يُقدّم لهم من عروض لهذا النمط من «موسيقى المصعد» (أو المطار أو السوبرماركت) أو الـ«لايت» أو الـEasy Listening أو «الكلاسيك الخفيف»… كلها تسميات تحمل فروقات صغيرة أو كبيرة فيما بينها، لكنها متّحدة في الجوهر.الأسماء المحلّية في هذا السياق باتت معروفة، وبات يعوَّل عليها تفادياً لدعوة أجانب قد ينهكون المهرجانات مادياً وتنظيمياً. وللمفارقة، لا يمكن وضع فناني هذا النمط في الخانة نفسها من الناحية الشخصية، فبعضهم استغلالي وينضح بالادعاء والفوقية (المغلفة بتواضع مزيّف بطبيعة الحال) وبعضهم الآخر لديه أخلاق وشغف حقيقي وقد اختار هذا الطريق لأنه يتماشى مع إحساسه وأسلوبه في التعبير.
البداية مع غي مانوكيان (الصورة) الذي ينطلق في جولته من القرية/ الشركة المستحدثة، بيت مسك، أو «غيتو» الأثرياء (قام مرّة بحملة إعلانية ضخمة لتلقين مبدأ «الجيرة» للحث على التواصل بين سكان «المستوطنة»، لا مع «رعاع» العالم الخارجي طبعاً!). قدم قبل أيام حفلته الأولى مع فنان «الأغنية الواحدة»، المصري اللطيف «أبو»، ثم ينتقل إلى «مهرجانات صور الدولية» ويقدّم أمسية في 26 من الشهر المقبل، قبل أن يختتم جولته، مع «أبو» مجدداً، في «مهرجانات زحلة الدولية» (17/8). أما ميشال فاضل فيطلّ من «يوميات غلبون» (مهرجانات غلبون الدولية) في 29 الجاري ثم ينتقل إلى العاصمة ليقدّم أمسية لاتينية المزاج ضمن «أعياد بيروت» مع الفرقة الفرنسية ذات الأصول الإسبانية، The Gypsy Kings (7/8). أخيراً، في افتتاح «غلبون»، عرضٌ لعازف البيانو والمؤلف اللبناني فادي أبي سعد المعروف باسمه الفني Aleph (28 الجاري)، بعنوان Radio at the Symphony بمشاركة «الأوركسترا السمفونية اللبنانية».