هذه البانوراما تتناول نمطاً غنائياً شعبياً غربياً نجده بشكل أساسي على برامج الفئة الثانية من المهرجانات السياحية في لبنان، أي تلك التي انتشرت في السنوات الأخيرة. إنه اللون الشعبي الحديث، الخفيف غالباً، الذي يطال شريحة عمرية محددة: المراهقون.عندما، نرى هؤلاء يتمشون في أرجاء الـ«مولات» أو في شوارع المدينة في لبنان أو في فرنسا، في اسطنبول أو لندن، في دبي أو مانهاتن، وعلى أذنيهم سماعتان وفي يدهم هاتف ذكي، نتساءل: ماذا يسمعون؟ إن لم يكن آخر صرعات الأغنية الهابطة في بلدانهم، فهم في معظم الحالات يستمعون إلى ما يشكّل موضوع هذه المقالة، أي أغاني البوب الحديثة ذات الانتشار العالمي. في لبنان، قد يختلف الأمر بين مراهقي المدراس الخاصة، الذين يشملهم التوصيف الآنف، ومراهقي المدارس الرسمية الذين يستهلكون النمط ذاته لكن بصناعته المحلية أو العربية، مع فارق جوهري بين «الطبقتَين»: بخلاف الـteens الميسورين، غالباً ما يتشارك مراهقو الطبقة الشعبية هذه الذائقة مع أهلهم!
إذاً، وكما كان متوقعاً، قياساً بدوراتها في السنوات القليلة الماضية، أدرجت بعض المهرجانات أمسيات من فئة البوب الغربي في برامجها، جذباً للجمهور الذي يتألف بغالبيته الساحقة من تلامذة المرحلتَين التكميلية والثانوية وربما بعض طلاب الجامعات، بحسب الجودة النسبية التي قد تتمتع بها بعض الأسماء المدعوة، كما هي الحال بالنسبة إلى أمسيتَي فرقتَي الإلكترو-بوب The Chainsmokers (بيبلوس) وClean Bandit (بيت مسك). نبدأ من الثانية التي تحلّ ضيفةً على صيف لبنان بدعوة من Misk Summer Festival الذي يقتصر برنامجه، أصلاً، على موعدَين فقط. هكذا تحيي الفرقة الإنكليزية Clean Bandit حفلتها في 28 الجاري، وفيها تقدّم أشهر أغانيها مثل Mozart’s House (أغنية تتناول الموسيقى الإلكترونية ويمر خلالها مقتطف من رباعي وتريات لموزار) وRather Be وRockabye… أما «مهرجانات بيبلوس» التي كشفت تدريجاً عن مواعيد دورتها، فأولى الحفلات التي أعلنتها كانت تلك التي تحييها فرقة الإلكترو- بوب The Chainsmokers في الأول من آب (أغسطس)، في استعادة لأجواء الليلة التي أحيتها Pet Shop Boys في جبيل سابقاً. الفرقة المذكورة تتألف من الثنائي الأميركي ألكس بال وأندرو تاغرت، وترفق عرضها السمعي بمؤثرات بصرية مبهرة، ما أكسبها شهرةً عالمية كبيرة رغم مسيرتها الحديثة الانطلاق نسبياً ونتاجها المحدود (ألبوم وحيد وبضع أغنيات مستقلة). في فئة الموسيقى الإلكترونية البحت، ثمة حفلة شكلت مفاجأة سارّة لمحبي هذا النوع، تستضيفها «مهرجانات ذوق مكايل الدولية» ويحييها الفنان الفرنسي المعروف باسم
St Germain. الموعد سيدغدغ مشاعر جيل مطلع الألفية الذي اختبر تجربة ألبوم Tourist المشغول بحِرفية وذائقة عالية، وانتظر التالي طويلاً قبل أن يأتي بعد 15 عاماً بعنوان St Germain (أو بدون عنوان). الأمسية تقام في 13 آب وتحمل اسم The Lost Empire of the Sun ويشارك فيها أيضاً DJ’s من لبنان (Nesta وRea).
من جهة ثانية، ثمة أسماء أكثر تجارية تستضيفها المهرجانات اللبنانية، مثل الإنكليزي جايمس آرثر الذي يحيي أمسية ضمن «مهرجانات صيف جونيه» في 29 الجاري. آرثر هو الفائز بالمرتبة الأولى في برنامج The X Factor (موسم 2012) وفي جعبته بعض الأغاني الخاصة التي حققت انشاراً واسعاً في السنوات الأخيرة. في السياق ذاته، تأتي حفلة الفرنسي من أصول كاتالونية كنجي جيراك، الذي فضّلنا ضمّه إلى هذه الفئة بدلاً من تناوله في المقالة المخصصة للأغنية الفرنسية. يحيي الفائز بموسم عام 2014 من The Voice بنسخته الفرنسية حفلة وحيدة ضمن «مهرجانات جونيه الدولية» (9 تموز) يؤدي فيها أشهر أغانيه التي تجمع بين البوب والفلامنكو، مثل Color Gitano، وCool، وAndalouse وغيرها. أخيراً، وفي سياق متّصل ولكن من جهة الغناء الأوبرالي ذات المقاربة الخفيفة، تحيي الأوكرانية أرينا دومسكي أمسيتها ضمن «مهرجانات صور الدولية» في 4 آب، إذ تغني بعض العناوين المستخرجة من أعمال أوبرالية شهيرة بعد معالجتها بقالب البوب الغربي وأعمال خاصة بلغات عدة مثل الإنكليزية والفرنسية والإيطالية إلى الأوكرانية والروسية والصينية.