لم يختلف إعلان شركة «زين» للاتصالات الذي بثّته في رمضان الماضي عن الشريط الذي طُرح أمس الأربعاء. في الإعلان السابق، حلّ الفنان الإماراتي حسين الجسمي، مغنياً ومؤدياً لعرض قيم الدِّين الإسلامي، ونشر التسامح والمحبة في وجه الإرهاب والجماعات التكفيرية والـ «دواعش». وفي الإعلان الجديد، استغلال واضح للطفولة، وتصوير لدول الخليج وكأنّها الأرض الجامعة لنبذ الفتن والإرهاب. يحمل العمل عنوان «سيدي الرئيس» (كلمات هبة مشاري حماده، وألحان بشّار الشطّي ــ 3:39 د)، وأحدث جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ إنّه يكثّف كلّ معاني استغلال الطفولة، ومآسي العالمين العربي والإسلامي من بورما إلى سوريا، ومراكب الموت. في الشريط، يظهر صبي صغير يتوجّه بالحديث إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب (يجسّده ممثل يشبهه)، بطريقة استجدائية فيها الكثير من الذلّ. يجلس الملياردير الأميركي في المكتب البيضاوي مستمعاً إلى الطفل الذي يدعوه إلى الإفطار ويسرد له مآسي البلاد العربية.بعد ترامب، يظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، جالساً في المطبخ مع عائلة (سورية على الأرجح)، فيما الوالد المقعد والولدان ينتظرون الأم التي تجهد لجلب الطعام.
السياق الموسيقي والإخراجي وحتى الكلامي، الذي يأخذنا إلى دوّامة الاستعطاف المبتذل والمستفزّ، وذلّ النفس أمام رؤساء العالم، يحضر بقوّة في الفيديو.
يلاقي الرئيس الكوري، كيم جونغ أون (يبدو التأثّر واضحاً على وجهه!)، الطفل في غرفة نومه، ونسمع الصغير يقول له: «كلّما أغمضت عيني أسمع انفجار»، لتتحوّل بعدها غرفته الجميلة وألعابه المتناثرة إلى مجرد ركام. لكن ما الرابط بين الرئيس الكوري والانفجار وسرقة معاني الطفولة؟!
من سوريا، تظهر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وهي تنقذ طفلاً كاد أن يغرق في البحر، في إحالة على ما حدث مع الطفل السوري إيلان كردي الذي هزّت صورته العالم في عام 2015 حين وُجد غارقاً على أحد الشواطئ التركية.
بعد التطرّق إلى المجازر المرتكبة في حق مسلمي الروهينغيا في بورما، نصل إلى القدس المحتلة التي خُصّص لها الجزء الأخير من الإعلان. «سنفطر في القدس»، عبارة يرددها الصبي، فيما يكسر قيود سجن طفلة فلسطينية، ويمشيان معاً باتجاه «قبّة الصخرة» التي يحيط بها تدريجاً ستة أشخاص يرتدون اللباس الخليجي.
ينتهي الشريط عند خلاص «زهرة المدائن» من الاحتلال الإسرائيلي الذي لم نجد له أثراً في الشريط! أو على الأرجح دخولها في «صفقة القرن» على أيدي دول الخليج. نحن أمام تلاعب واضح بالوعي العربي، ومحاولة إقناع المشاهد بأنّ الحلّ الأمثل لإنهاء المآسي العربية يكمن في استجداء التعاطف، ولغة الذلّ التي تشكّل الطفولة عنصراً أساسياً فيها. والأهم بالنسبة إلى الشركة الكويتية، غسل أيدي دول الخليج من أي أدوار في هذه الفظائع والويلات، ولا سيّما في ما يتعلّق بالقدس المحتلة، وسوريا، واليمن الذي غيّب تماماً!