في سنّ مبكرة، استطاعت نينا عبد الملك (1992 ــ الصورة) أن تحجز لنفسها مكانة على الساحة الفنية، ولو بطريقة غير مألوفة. ها هي اليوم تخوض تجربة مختلفة عن السائد من خلال ألبومها الأوّل القصير (EP) «إذا» (إنتاج «وتري» وMusic Is My Life) الذي أبصر النور الشهر الماضي ويحقّق نجاحاً ملحوظاً.
من خلال مشاركتها في الموسم الثامن من برنامج البحث عن المواهب «ستار أكاديمي» عام 2011، صار لابنة بلدة بتاتر اللبنانية (قضاء عاليه) معجبون في الكثير من الدول العربية، لتنضم بعد سنوات إلى فرقة United Arab Talent (المعروفة بـ UAT) إلى جانب مغني الراب التونسي بشير بكور ومغني الهيب هوب السعودي طارق علي فودة، ثم تنفصل عنها. قبل هذه التجربة وبعدها، عرفت عبد الملك قيمة مواقع التواصل الاجتماعي باكراً، واعتمدت منصّاتها المختلفة منبراً للتواصل مع الناس وإطلاعهم على موهبتها الغنائية وأنشطتها. هكذا، صارت تنشر لنفسها فيديوات قصيرة بتقنيات بسيطة (غالباً بواسطة هاتفها المحمول) وهي تؤدّي أغنيات تحبّها، عربية وأجنبية، قديمة وجديدة، في منزلها أو «تحت الدرج»! ولا شكّ في أنّ هذا الأمر متّن علاقتها بالجمهور وقرّبها منه، فيما صارت تمتلك أعداداً كبيرة جداً من المتابعين على السوشال ميديا (مثلاً 1.4 مليون على فايسبوك و1.8 مليون على إنستغرام حتى كتابة هذه السطور).

ألبومها الأوّل القصير «إذا» أبصر النور الشهر الماضي ويحقّق نجاحاً ملحوظاً

إذاً، المعادلة كانت معكوسة بالنسبة لنينا عبد الملك التي خلقت قاعدة جماهيرية افتراضية واسعة بالنسبة لفنانة ناشئة غير مكرّسة، ومن ثم مضت في تحقيق حلمها «بعد سنوات من النجاحات والإخفاقات والأمل والكآبة»، على حد تعبيرها في واحدة من التدوينات المصوّرة (vlogs) التي نشرتها تزامناً مع إطلاق «إذا». «مع انطلاق السوشال ميديا، أدركت أنّها ستتطوّر حتماً، ولا بد أن تصبح وسيلة أساسية في حياتنا اليومية... وهذا ما حدث فعلاً. كان إحساسي في محلّه ونجحت»، تقول الفنانة الشابة في اتصال مع «الأخبار». وتوضح أنّها أرادت في ألبومها الأوّل أن تُكمل ما بدأته على السوشال ميديا: «اعتاد عليّ الناس بغناء أعمال الآخرين بإحساسي الخاص، وأحببت أن تكون التجربة الجديدة استكمالاً لهذا. وأهدف أيضاً إلى تعريف الجيل الجديد على جزء من الإنتاجات التي رافقت طفولتنا».
بداية «إذا» كانت تدريجية وحصرية عبر تطبيق «أنغامي»، ليجد طريقه لاحقاً إلى تطبيق «آي تيونز» وموقع يوتيوب وغيرهما، وهو مؤلف من خمس أغنيات معروفة أعيد توزيعها بطريقة عصرية تُشبه عبد الملك التي أدّتها على طريقتها، إضافة إلى تحويل قصيدة «إذا هجرت» للحلّاج إلى أغنية بستايل جميل (ألحان محمد بشار وتوزيع عمر صباغ)، صوّرت أخيراً في الجميزة في بيروت تحت إدارة المخرج فادي حداد. أما الأغنيات التي «نبشتها» نينا من الأرشيف، فتعني لها الكثير منذ الطفولة، وهي: «ساكن» (كلمات عادل رفول وألحان جورج مارديروسيان ــ توزيع جديد بيكيتو) لديانا حدّاد باللهجة البدوية، و«إنسى اللي راح» (كلمات نبيل أبو عبده وألحان جان صليبا ــ توزيع جديد بيكيتو) لفضل شاكر و«خلّيني بالجو» (كلمات نبيل أبو عبده وألحان زياد بطرس ــ توزيع جديد ميشال فاضل) لمايا نصري باللهجة اللبنانية، و«يا شمس غيبي» (كلمات سامح العجمي وألحان مصطفى قمر ــ توزيع جديد عمر صباغ) لأميرة باللهجة المصرية، و«ليلي طويل» (كلمات محمد الزياتي الإدريسي وألحان يونس مكري ــ توزيع جديد عمر صباغ) باللهجة المغربية. واللافت في هذه الأعمال أنّها خُصصت بفيديوات للكلمات مشغولة بأسلوب غني بصرياً وجذّاب ومبتكر، صوّرها زياد زيّات الذي ولّفها بالتعاون مع ريشا سركيس.
قد يقول بعضهم إنّ موهبة نينا ليست «استثنائية»، إلا أنّ الأكيد أنّها أحدثت «حالة» خاصة تمكنها من التعبير عن نفسها وهويتها الفنية ومن الاستمرار والتطوّر، لا سيّما أنّ الـ covers الجديدة وصلت إلى المراتب الأولى على إذاعات ومواقع وتطبيقات في عدد من الدول العربية في وقت قصير جداً.