لا تعمل السيناريست السورية أمل حنا بمنطق الاسترزاق من الكتابة. لا تعنيها مسألة إنجاز نص تلفزيوني سنوي. بل تنكفئ على حياتها الخاصة مع عائلتها الروسية بالقرب من القطب الشمالي. لم تعايش فعلياً شيئاً من الحرب السورية، ولم تزر دمشق منذ سبعة أعوام.
كان ذلك عندما زارت شركة «سوريا الدولية» لإتمام الاتفاق على مسلسلها «جلسات نسائية» 2011 (إخراج المثنى صبح، وبطولة نسرين طافش ويارا صبري وأمل بوشوشة وباسم ياخور وسامر المصري ورفيق علي أحمد). منذ ذلك الحين لم تعد إلى دراما بلادها، رغم أنها ابنة عائلة فنية عريقة، فهي شقيقة الراحل الكبير يوسف حنا وابنة عم الممثل والمخرج رامي حنا والسيناريست ريم حنا. العائلة كلّها تبدو كأنها ورثت المزاج العالي من عميدها الراحل يوسف حنا. هذا العام أتمّت كاتبة «أحلام كبيرة» (إخراج حاتم علي) نصّ مسلسل تلفزيوني ثلاثيني وأرسلته إلى جهة الإنتاج الوحيدة التي تتعامل معها وهي «سما الفن» (سوريا الدولية سابقاً)، من دون أن تتلقى إجابة حتى الآن إن كانت هناك نية لإنتاجه. لكن الغالب بأن تعيد الشركة السورية علاقتها بأكثر مخرج تفضّل العمل معه من خلال هذا النص، وتنجزه ليكون جاهزاً للعرض في رمضان المقبل.
في حديثها مع «الأخبار»، تخبرنا أمل حنا عن فكرة مسلسلها الجديد فتقول إنه يحكي عن «دمشق اليوم وكيف يعيش الناس فيها، وعن محاولاتهم اليائسة للتغلب على صعوبات الحياة. طالما أنه ما من أحد بقي خارج لعنة هذه الحرب التي مسّت الجميع. وأيضاً يفتح الحدث مصراعيه نحو بوابة الأمل الوحيدة المتبقية لدى هؤلاء الناس بأن تكون الحرب قد وصلت إلى خواتيمها عساهم يعودون نحو أمل جديد في المستقبل». أفكار كثيرة منطلقة من شيء واحد هو الحرب، لكن كيف يمكن لمن يقيم بعيداً عن التفاصيل الدقيقة لمواجع الشعب السوري في الداخل أن يقدّم دراما عنها؟. تردّ كاتبة «على حافة الهاوية» (إخراج المثنى صبح) بالقول «شعرت بالخوف فعلاً من هذا الأمر، لكنني على تواصل دائم مع كثير من الاصدقاء والأهل المقيمين في دمشق، إضافة لمواكبتي الحدث ساعة بساعة من خلال الإعلام. ربما أجهل الطريقة التي يتدبّر فيها الناس الغاز مثلاً إذا حصلت أزمة على هذه المادة، لكنني أعرف بدقة كم هو ثمن قنينة الغاز وفق الواقع الجديد. المسلسل فيه عدد كبير من الشخصيات ولكلّ واحد قصته ضمن ظروف البلد. لا يوجد في حكايتي بطولة مطلقة. بل هي قصص عن لاجئين للشام من غير مناطق، وأحداث عن الأشغال التي عرقلتها الحرب والناس التي باتت عاجزة عن تأمين قوت يومها، والمصابين والجرحى والشهداء. قد يبدو ذلك تنظيراً أمام الوجع الذي مهما حكينا عنه يبقى أعمق وأكبر، لكن لا بد أن نروي شيئاً منه ولو شعرنا بالخوف. الوجع اللي شو ما حكينا عنه بضل اكبر بكتير والجروح اعمق. ولما بديت اشتغل حسيت بالرعب لأني عم اتنطع لموضوع هو اكبر مني. ولهلق الخوف ما تركني».