القاهرة | يبدو أنّ الرئاسة المصرية لا تزال عاجزة عن توقّع ردّة فعل الرأي العام. ظهر ذلك جلياً فور الإعلان عن الفنانين المصريين المرافقين للرئيس عبد الفتاح السيسي في زيارته التي بدأت اليوم لألمانيا. للنجوم المصريين مكانة في الشارعين المصري والعربي، لكن هل لهم التأثير نفسه أوروبياً؟ الإجابة هي لا. لهذا، بحث كثيرون عن تبرير لوجود وفد من 19 فناناً في قائمة مرافقي السيسي إلى ألمانيا في أوّل زيارة له كرئيس، بينما تواجه الزيارة انتقادات من تحالفات سياسية مؤيدة للإخوان المسلمين. لماذا اختارت الرئاسة وجود فنانين في هذه الزيارة تحديداً؟ ومن الذي اختار الفنانين المرافقين وعلى أيّ أساس؟ الذين عملوا في السينما العالمية، بات أكبرهم مصاباً بلألزهايمر وهو عمر الشريف. أما الشباب على غرار خالد أبو النجا وعمرو واكد، فهم من معارضي السيسي. فلماذا يذهب فنانون محليون، بعضهم مغمور في مصر إلى ألمانيا؟ أسئلة ظلّت بلا إجابة، بينما تلقّف مناهضو السيسي الخبر وأشبعوه سخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع التركيز على يسرا وإلهام شاهين اللتين أطلقتا تصريحات حماسية عن الزيارة قبل أن تبدأ.

اعتبر المتشدّدون أن اصطحاب الرئيس للفنانات بمثابة تأكيد أنّه في زمن مرسي كانت الرئاسة خصماً للفنّ. لكن هؤلاء لا يتذكّرون أن مرسي نفسه فتح القصر لمجموعة من الفنانين، منهم من انقلب عليه لاحقاً، وناصر السيسي. لكن الحقيقة أنه منذ «ثورة يناير»، هناك استغلال سلبي لمعظم النجوم المصريين، وخصوصاً هؤلاء الباحثين عن الأضواء بأيّ ثمن، ليلحق وجودهم في الصورة ضرراً بالفنّ والسياسة. على مستوى الفن، بات الجمهور غاضباً من الوجود المكثّف للنجم سياسياً، وكثيرون فقدوا شعبيتهم بسبب هذا الوجود. أما على مستوى السياسة، فلا تزال الرئاسة عاجزة عن إقناع الشارع بأن وجود الفنانين إلى جوار الرئيس في رحلة خارجية أمر مبرَّر. فالرسالة لن تصل إلى أهل ألمانيا بكل تأكيد، وما سيحدث أنّ مرافقي الرئيس وعددهم غير مسبوق هذه المرة، سينهالون على الجمهور بتصريحاتهم على مدار أسبوع. لكن أيّ جمهور مقصود في العبارة السابقة؟ الجمهور المصري، فيما يُفترض أن هؤلاء سافروا من أجل مخاطبة الجمهور الألماني، فكيف سيخاطبونه وهم وجوه محلية؟ لا أحد يعرف. دائرة مغلقة تخرج منها أسئلة من قبيل: لماذا لا يصطحب السيسي فرقاً للفنون الشعبية أو مصوّرين وتشكيليين، أو حتى لاعبي كرة احترفوا في الدوري الألماني. هؤلاء بالتأكيد سيكونون أكثر إفادة للزيارة من إلهام ويسرا بطلتي فيلم «دانتيلا» (إخراج إيناس الدغيدي) الذي استدعاه مستخدمو تويتر المناهضون للسيسي فور إعلان الخبر. هكذا، احتلت المشهد الأصوات المتشددة التي تختزل تاريخ السينما المصرية بالأفلام «الساخنة». أما الزيارة نفسها، فلا تحظى بالاهتمام نفسه لأنّ أحداً ممن نظّمها لم يدرس ردود الأفعال جيداً.