بعد وقوفها على مسارح معروفة في العالم، ومشاركاتها في مهرجانات عريقة، تستعد عبير نعمة لتحقيق حلم لطالما راودها، وهو الغناء في «مهرجانات بعلبك». في 19 آب (أغسطس) المقبل، تستضيف أعمدة معبد باخوس عبير نعمة في رحلة موسيقية ستقوم بها على خطى المتنبّي. فكرة العرض انطلقت من الإمارات حيث طُلب سابقاً الى الفنانة العمل على مشروع يحيي أعمال المتنبي. قدّمت هذا العرض مرات عدة في الامارات، وفي كل مرة كان المفهوم يتطور. في اتصال مع «الاخبار»، شرحت نعمة: «بدأنا منذ سنتين في «معرض الكتاب الدولي»، حين طلبت مني «هيئة أبو ظبي للثقافة والسياحة والفنون» أن ألحّن عملاً متكاملاً للمتنبي. لحنت العمل وعزفته أوركسترا من بلغاريا. كما طُلب مني أيضاً تقديم حفلة كبيرة في افتتاح المعرض. بدءاً، اكتفينا بالتوقف عند المحطات التي زارها المتنبي في حياته، بالشعر والغناء. ثم في افتتاح «مهرجان الموسيقى الكلاسيكية» في أبو ظبي، تطور المفهوم وذهب إلى مكان آخر. كذلك الأمر في «مهرجان الفجيرة» حيث المسرح كان كبيراً وفتح المجال للمزيد من الامكانات».
عبير نعمة من الفنانات المثقفات جداً موسيقياً. هي مجازة بالعزف على آلة القانون وبالغناء الشرقي بدرجة ممتاز من «جامعة الروح القدس» في لبنان، فضلاً عن أنها حائزة شهادة في العلوم الموسيقية. مشاركتها الناجحة في أحد برامج المواهب العربية، لم تضلل طريقها الموسيقية إذ لم تغرها سهولة النجاح التجاري. فضلت نعمة البقاء على مسارها الجدي في الموسيقى. من الأعمال اللافتة التي قامت بها، تصوير سلسلة من الافلام الوثائقية التي تندرج تحت برنامج بعنوان «موسيقى الشعوب» الذي يعرض على «قناة الميادين» مساء كل أحد، نتعرف في كل حلقة إلى الموسيقى التقليدية لشعب ما.
يتنوّع الغناء بين الكلاسيكي والطربي والأوبرا

بالعودة إلى «بعلبك»، ستكون حفلة نعمة رحلة مع المتنبي، ولكن ليس بالشعر، بل بالسفر. انطلقت نعمة من بعض الأشعار التي كتبها المتنبي، فلحّنتها، وستقدمها على المسرح، حيث ستذهب الى كل المحطات التي سافر إليها، من الكوفة في العراق حيث ولد، فالحجاز ثم بلاد الشام وحلب وبلاد الروم وإيران ولبنان. في كل من هذه البلدان، تستكشف التقليد السائد هناك، عبر الموسيقى والقصص الجديدة. سيحتوي العرض على موشحات ومقطوعات من ريبرتوار نعمة الخاص وكذلك على قصص خاصة بالمتنبي، أما الغناء فمتنوع بين كلاسيكي وطربي وأوبرا. تضيف الفنانة: «سيكون هناك قراءة من الشعر الذي كتبه عن البلد أو الحضارة تلك، بصوت شخص مهم لن أعلن عن اسمه الآن. كل محطة سنقابلها بمحطة أخرى موازية لها سواء بالتاريخ أو بالجغرافيا. مثلاً لبنان، سنقابله بساردينيا التي سكنها الفينيقيون أيضاً. حضارة البدو سنقابلها بالمجر أو رومانيا حيث الغجر. سنذهب في كل محطة الى أبعد من المتنبي، ونفترض أنه لو ذهب الى محطات أخرى تشبه الحضارات التي زارها كان سيختار تلك. بالنتيجة، نريد أن نقول إننا نشبه بعضنا بعضاً في أي مكان من هذا العالم. نلتقي في القصص وبالتالي الموسيقى تجمعنا. هناك حضارات موازية كثيرة».
سترافق نعمة على المسرح فرقة كبيرة من لبنان ومن بلدان العالم، اختيرت من مختلف الحضارات التي يتوقف عندها العرض، كما سيعزف الموسيقيون على آلات عدة تنتمي الى تلك الحضارات. إضافة الى العازفين، ترافق نعمة غناءً «جوقة جبل لبنان» التي تتألف من أكثر من 35 شخصاً. أن يقف المرء على مسارح مهمة في العالم شيء، وأن يغني في بلده في مهرجان عريق كـ «بعلبك» أمر آخر بالنسبة إلى نعمة التي تقرّ: «عندما يغني المرء في مهرجان دولي عريق ومهم مثل بعلبك يشعر أنه أنجز خطوة خاصة ومميزة في بلده، وخصوصاً أن هذا المسرح العريق الذي مر عليه من نعتبرهم أيقونات في الموسيقى العربية واللبنانية والعالمية. هي مسؤولية كبيرة، وأنا شاكرة للجنة «بعلبك» التي تركت لي الخيار لأنجز العمل الذي أحب، وأنفّذ الفكرة التي أريدها بكل حرية وثقة. غنيت في «بيت الدين» سابقاً، ولكن الأمر الآن يختلف. أنا وحدي هنا. أشعر بالمسؤولية وبالخوف. حلمي طوال حياتي كان أن أذهب الى بعلبك وهو حلم كل فنان لبناني على ما أظن». تعدّ نعمة حالياً لسلسلة من الحفلات في باريس وبروكسيل واسبانيا وكندا، ولحفلة كبيرة في بيروت مع الأوركسترا، كما أنها تطلق ألبوماً مزدوجاً، أحدهما من ألحان مارسيل خليفه بالكامل، إضافة الى أعمال أخرى جديدة تسجلها.