سبق لحاتم علي أن جرّب إيهام المشاهد بأنه يتابع مسلسلاته في دمشق، بينما كان يختار المخرج المرموق مع فريق عمله مواقع تصوير لبنانية هي الأكثر قرباً على مستوى الشكل الظاهري من الشام. أدار كاميرته عندما صوّر «قلم حمرة» (كتابة يم مشهدي) في جبيل على اعتبار أنها تشبه دمشق القديمة وأسواقها التاريخية.
كذلك، صوّر «العراب- نادي الشرق» في جبال لبنان على أساس أنها أرياف الساحل السوري، وفي مخيّم ضبية على أنه عشوائيات «الدويلعة»، لكن من الصعب إقناع الجمهور بأن الحدث يدور في العاصمة السورية، بينما تصور المشاهد فعلياً في لبنان، وهو ما كان سبباً رئيساً في تضييق دائرة الحدث لاختصار أكبر قدر من مواقع التصوير التي يصعب اختراعها.
هذا الموسم، سيكون صاحب «ثلاثية الأندلس» أمام التحدي ذاته. حتى الآن، يبدو أنه أجّل مبدئياً تصوير مسلسل «أوركيديا» (كتابة عدنان العودة وإنتاج شركة «إيبلا» لهلال أرناؤوط ــ الأخبار 27/7/2015) على اعتبار أنه سيصوّر خماسيتين عن الحب في مسلسل من إنتاج شركة «سامة» (الأخبار 13/8/2015)، إضافة إلى عملين معاصرين، هما الجزء الثاني من «العرّاب» وغالباً سيؤجّل تصويره لبضعة أشهر لغاية انتهاء السيناريست رافي وهبي من إعداد النص. وخلال هذه المدة، سيتفرّغ لتصوير مسلسل «الملعونون» (كتابة حسن سامي يوسف ونجيب نصير ـ إنتاج «كلاكيت» لياد نجار). العمل هو آخر من أنجزه الكاتبان السوريان المعروفان بمنطق الورشة التي جمعتهما سنوات طويلة، كان يؤدي فيها نصير دور «ابن الشارع» الذي يصر على الذهاب إلى القاع الدمشقي والعيش فترة طويلة مع أبنائه والتقاط حكاياتهم، بينما يشرف حسن بخبرته الأكاديمية في السيناريو وخياله الروائي وحساسيته الوجدانية العالية على تلك القصص ويعيد صياغتها. هكذا، نجح الثنائي البارع في تقديم أهم أعمال الدراما السورية المعاصرة مثل «نساء صغيرات»، و«أسرار المدينة»، و«أيامنا الحلوة»، و«الانتظار»، و«زمن العار». وفي رمضان المقبل، سنشهد عودة هذه الورشة ربما لمرة أخيرة في «الملعونون»، على اعتبار أن الحرب باعدت بينهما بالنسبة إلى مكان الاقامة، لكن التجربة الجديدة تبدو محاصرة بظروف قد تحد من نجاحها بالشكل الذي اعتدناه بالنسبة إلى هذين الكاتبين.
في اتصاله مع «الأخبار»، يوضح حسن سامي يوسف من مقر إقامته في دمشق أن «العمل كتبه مع نجيب مثل العادة وأنهيناه في سنة 2012 واشتراه إياد نجار ودفع ثمنه كاملاً من دون أن تقدم شركته على الشروع في تصويره». أما عن قصة المسلسل، فيفضّل الانتظار ريثما تعلن الشركة المنتجة رسمياً بدء الاستعداد لتصوير المسلسل، بخاصة أن الحدث في الحكاية يدور كلّه في دمشق. وكان قد سبق للسيناريست نجيب نصير أن قال لنا إنّ المسلسل «مكاشفة سورية بأسلوب ونظرة جديدتين، والسؤال المطروح في العمل عن المواطن السوري الذي يسافر إلى الغرب».
سنشاهد في «الملعونون» قصة شاب سوري تجبره ظروفه على ارتكاب جريمة صغيرة، فتنجح زوجته في التوسط لدى ضابط متنفذ يسهّل له الحصول على جواز سفر أميركي مزوّر مقابل التنازل عن زوجته كي يتزوجها الضابط. تجري الصفقة ويسافر الرجل فترة ثم يعود من أميركا باسم وشخصية جديدين وقد انخرط في المافيات وأصبح قاتلاً محترفاً. وحالما تطأ قدماه أرض بلده يفاجأ بظروف وملابسات تكشفها الأحداث أولاً بأول.