«هواوي» ليست مجرّد شركة، بل هي «مشروع» يعبّر عن الطموحات الصينية في التطوّر التكنولوجي، وعن محورية هذا القطاع في الصراع الدائر مع أميركا على مستقبل العولمة والهيمنة الاقتصادية على أسواق العالم. أيضاً يعبّر هذا المشروع عن خيبات وضربات تلقّتها الصين. قد يبدو لوهلة، أن «هواوي» تُعاني من ثقل الآلة الحربية الأميركية، إلا أن الواقع يختلف. فالاستراتيجية الصينية التي تعمل «هواوي» في خدمتها، واضحة منذ سنوات في اتجاه إحياء طرق التجارة القديمة برّاً وبحراً. صحيح أنه في سياق الحرب الأميركية، بات ممنوعاً على «هواوي» استخدام منظومات «أندرويد» على هواتف تصنعها هي، إلا أن ذلك لا يعني سوى أن واحداً فقط من المنتجات النهائية سيصعب على الصين تقديمه للمستهلكين حول العالم، بينما هي بالفعل ما زالت تسيطر على نسبة وازنة من السوق العالمية لشبكات قطاع الاتصالات ولا سيما شبكة الـ5G. وصحيح أنها لم تتمكن من معالجة مشكلة إنتاج شرائح مصنوعة بحجم فائق الصغر يصل إلى 3 نانومتر، إلا أن ذلك يبطئ تقدّمها فقط ولا يمسّ بوجودها العالمي في صناعة الشرائح بشكل عام. «هواوي» تخوض باسم الصين، معركة مفتوحة مع أميركا والغرب عموماً. عنوان المعركة تكنولوجي، إنما هي حرب تشمل كل شيء. وجود «هواوي» في آسيا، وفي منطقة المتوسط وشمال أفريقيا هو جزء من هذه الحرب. أيضاً وجودها في لبنان هو كذلك. فالشركة خسرت في لبنان ما يمكن اعتباره «كثيراً»، لكنها لم تنسحب، بل قرّرت إجراء تعديل على مقرّها، وخفض الأكلاف، والبقاء في هذه السوق الصغيرة التي لا تحتمل منافسين أصلاً