في عام 1973، أسّست ستة مصارف دوليّة كبرى تشرف عليها المصارف المركزية، بما فيها بنك كندا، والاحتياطي الفيدرالي الأميركي، والبنك المركزي الأوروبي، نظام «SWIFT». الشكل القانوني - المؤسساتي كان عبارة عن «تعاونية» انضوت فيها هذه المصارف، وحُدّد مقرّها الأساسي في بلجيكا لإسباغ صفة «المحايد» على عملها. فهو في النهاية عبارة عن نظام معلوماتي لضمان عمليات الدفع، وهذا وحده يتطلّب استدراج ثقة الأطراف المرتبطة به. فهو نظام يوصف بأنه خط «الأنابيب» الذي يربط النظام المالي العالمي بعضه ببعض. ويُعدّ نقطة مركزية للنظام المالي العالمي، إذ لا يمكن نقل الأموال من دونه عبر الحسابات المصرفية حتى من خلال القنوات الخلفية. كل المصارف حول العالم تستعمل هذا النظام.قبل تأسيس «SWIFT»، كانت 90% من رسائل الدفع المصرفية الدولية تُحوّل عبر البريد. غيّر «SWIFT» هذا الواقع، من خلال تقديم «آلة طباعة عن بعد» تعمل بسرعة أكبر من البريد وهي أقل عرضة للأخطاء. في الوقت الحاضر، عندما يتحدث الناس عن «SWIFT»، فإنهم لا يقصدون قطعة من الأجهزة أو مؤسّسة، إنما نظام الاتصالات الذي يديره «SWIFT»، وهو المسؤول عن أكثر من نصف المدفوعات العالية القيمة عبر الحدود حول العالم.

بالأرقام

42 مليون
رسالة مالية يتم إرسالها وتسليمها يومياً عبر نظام «سويفت» وهي مكتوبة برموز خاصّة بهذا النظام
11000
مؤسسة مالية حول العالم ترتبط بنظام «سويفت» وتستفيد من خدماته وضمانته لتأكيد دفعه الأموال

هو أشبه بشبكة رسائل نصية، باستثناء أنه بدلاً من إرسالها بواسطة الـ«SMS»، يتم إرسال رسائل مشفّرة بلغة خاصة بنظام «سويفت» للربط بين مؤسسات مالية في أكثر من 200 دولة حول العالم. وتتضمن هذه الرسائل أوامر وتأكيدات الدفع. عملياً، لا يرسل «SWIFT» الأموال بنفسها، بل يجعل التحويلات ممكنة من خلال الحرص على وصول المعلومات بين الأطراف المعنية، وتأكيد عمليات التسليم. إنه قناة بمثابة ضمانة لعمليات التسديد والتحويل الجارية حول العالم.
يعمل نظام «SWIFT» على الشكل الآتي على سبيل المثال: إذا أراد أحد عملاء فرع «Bank Of America» في نيويورك إرسال أموال إلى صديقه العميل في مصرف «UniCredit Banca» في فرع جزيرة البندقية.، يمكن للعميل الموجود في نيويورك الدخول إلى فرع «Bank Of America» واستخدام رقم حساب صديقه ورمز «SWIFT» الخاص بـ«UniCredit Banca» لفرعه في البندقيّة، يعمد إلى إرسال الأموال إلى الحساب المقصود في الفرع المقصود. وعبر شبكة «SWIFT» الآمنة يرسل «Bank of America» رسالة تأمر بتحويل المبلغ إلى فرع «UniCredit Banca». وبمجرد أن يتلقّى «Unicredit Banca» رسالة «SWIFT» حول الدفعة الواردة، سيقوم بتسوية الأموال وإيداعها في حساب العميل الإيطالي.


لا يراقب «SWIFT»، وهو «أداة محايدة» بحسب وصفه لنفسه، الرسائل التي يرسلها المستخدمون أو يتحكّم فيها. لكنه، مثل أي منظمة قانونية، يخضع للنظم الوطنية والدولية. هذا يعني أنه إذا قامت دولة ما بفرض عقوبات على دولة أخرى، فيجب على «SWIFT» الامتثال. وقد حدث ذلك من قبل. فمثلاً، في آذار 2012، أصدر الاتحاد الأوروبي قوانين تحظّر على مقدمي الخدمات المالية، من ضمنهم نظام «SWIFT»، من خدمة المصارف الإيرانية الخاضعة للعقوبات. ولأن المقر الرئيسي لشركة «SWIFT» موجود في بلجيكا، وبالتالي هي جزء من الاتحاد الأوروبي، كانت الشركة ملزمة بفصل المصارف الإيرانية عن شبكتها. وبعد بضع سنوات، بعد الاتفاق النووي الإيراني-الأميركي، أعاد نظام الـ«SWIFT» المصارف الإيرانيّة إلى شبكته، إنما قطعها مجدداً في عام 2018 على إثر الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة لعزل إيران مجدداً.
يعد الـ «SWIFT» نقطة مركزية للنظام المالي العالمي، إذ لا يمكن نقل الأموال من دونه عبر الحسابات المصرفية حتى من خلال القنوات الخلفية

في كلتا المرتين اللتين أخرج فيهما النظام المالي العالمي، المصارف الإيرانيّة عن شبكة «سويفت»، انخفضت صادرات النفط الإيرانية بأكثر من النصف، وفجأة لم يكن لدى عشرات مليارات الدولارات أي وسيلة للوصول إلى إيران أو الخروج منها. ورغم هذه التداعيات الهائلة، إلا أن النصف الآخر من الصادرات الإيرانية وجد طريقه إلى مقاصده وتسديد ثمنه بعيداً من شبكة «سويفت».