لجأت غالبية الدول إلى تحفيز العرض والطلب وضخّت كمية كبيرة من السيولة في الأسواق، سواء عبر خلق كتل نقدية جديدة أو تحرير كتل «صامتة». برأيك هل ستكون اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقوقاز، قادرة على استيعاب السيولة؟
خلال عام 2020 أخذت دول المنطقة مجموعة من الإجراءات التحفيزيّة. في المرحلة الأولى كان الجزء الأكبر من هذه الإجراءات مخصّصاً للأمور الصحيّة لمواجهة الموجة الأولى من جائحة «كورونا» وتأهيل المؤسّسات الصحية. لاحقاً شهدنا نوعَين من الإجراءات: مالية عامة، ونقدية. التحفيز المالي، أتى على شكل مجموعة من آليات الدعم التي خُصّصت بغالبيتها لدعم المداخيل، بينما اتُّخذت إجراءات عبر المصارف المركزية من أجل دعم المؤسّسات. اعتمدت هذه الإجراءات على محورَين: خفض الفوائض، والسيولة. السيولة أتت من خفض الاحتياط الإلزامي كما رأينا في الأردن والمغرب، أو من خلال سيولة إضافية كما حصل في دول الخليج (الإمارات، عمان، البحرين) أو من خلال قروض وتسهيلات مصرفية بتغطية مالية من المصارف المركزيّة.

في الإجمال، إن إجراءات التحفيز في دول المنطقة لم تكن كبيرة نسبيّاً قياساً إلى الانفلاش الذي حصل في دول العالم أو حتى في الدول المشابهة. بمعدل وسطي، كانت الإجراءات في هذه الدول أقلّ مما كانت عليه في مناطق أخرى، ونوعيتها أضيق، إذ صبّت غالبيتها لدعم المداخيل وتأمين السيولة، ولم تكن مفاعيلها مشابهة لما حصل في أوروبا ومناطق أخرى. لذا، كان تأثير الأزمات المضاعفة في 2020 أكبر على دول هذه المنطقة، (أزمة الجائحة، تزامنت مع أزمة نفطيّة كبيرة جداً خفضت أسعار النفط إلى مستويات لم نرَها منذ 1973، بالإضافة إلى أن تراجع تحويلات المغتربين أثّر على دول في المنطقة تستفيد منها وقطاعات مثل قطاع السياحة). تركُّز الأزمات في دول المنطقة لم يواكَب بإجراءات توسعيّة كبيرة كما حصل في غير مناطق في العالم، لذا كان مفعول السيولة في تخفيف حدّة الأزمة أقلّ. لا أقول إنه كان يمكن التوسّع أكثر لتخفيف حدّة الأزمة أكثر، لكن الواقع أن عدداً كبيراً من دول المنطقة دخل الأزمة في ظلّ عدم وجود مساحة مالية توفّر له قدرة أكبر على التحرّك.

(أرشيف ــ مروان طحطح)

وقد تراوح معدّل الإجراءات بين 1% و3% من الناتج الإجمالي لدول المنطقة. وهي تختلف من دولة إلى أخرى وحتى ضمن مجموعات الدول نفسها في المنطقة. فعلى سبيل المثال، لم تعتمد دول الخليج النهج نفسه، ولا دول المغرب العربي. لم يكن هناك تشابه شامل. التشابه في البدء كان يتعلّق بالأولوية للمسائل الصحية ثم للتحويلات الاجتماعية، وفي المقلب الآخر على صعيد المصارف المركزية لدعم المؤسسات. لكنْ ما أضعف القدرة على الحركة أمران:
- وجود قطاع غير رسميّ كبير يعيق آليات الدعم المؤسساتية الرسمية، ما دفع بعض الدول إلى تطوير القدرة على استعمال إجراءات تصيب القطاع غير الرسمي. فالمغرب، مثلاً، تمكّن من إيصال المساعدات المالية لنحو 5 ملايين عائلة من خلال التحويلات عبر الهواتف النقالة. مصر حاولت، والأردن أيضاً ودول أخرى، لإيصال الدعم للقطاع غير الرسمي.
- عدم وجود إحصاءات جيّدة مثل مسح الأسر وحاجاتها، ما أضعف فعالية الإجراءات. سلّطنا الضوء على هذا الأمر في دراسة أجريناها أظهرت أن الإنفاق الاجتماعي بمعناه الحقيقي، أي الذي يستهدف الشرائح الاجتماعية الأكثر حاجة، هو ضعيف في دول المنطقة رغم كبر حجم الإنفاق العام، والجزء الذي يذهب إلى هذه الشرائح هو قليل. هذا محور أساسي لتطوير السياسات المالية في المنطقة.

ما هو الأثر الناتج من السيولة الإضافية على معدلات التضخّم والبطالة. كيف يمكن أن تكون العلاقة بين التضخّم والبطالة والسيولة متوازنة، وما هي الأدوات التي يمكن استعمالها ليبقى التضخّم بمستوى مقبول وقادر على خلق فرص العمل في فترة ما بعد كورونا؟
لقد شهدنا في الموجتين الأولى والثانية من كورونا تراجعاً في النشاط الاقتصادي. في الموجة الأولى كان للإجراءات المتّخذة، مثل التباعد الاجتماعي وسواه، تأثير كبير على النشاط الاقتصادي، وهي عوّضت عن نقص السيولة وخفضت مخاطر التضخّم بعدما خلقت طاقة إنتاجية غير مستهلكة. ولغاية 2021 تعدّ مخاطر التضخّم من السيولة محدودة لأننا ما زلنا دون القدرة الإنتاجية القصوى.
لكن هناك أمر لم نرَ مداه بعد، لا في دول المنطقة ولا على صعيد العالم أيضاً. لم نعرف بعد، ما هو حجم القروض المتعثّرة التي نشأت في هذه الفترة، وما هو حجم الزيادة في الديون الضعيفة في القطاع الخاص. السبب يعود إلى الإجراءات المتّخذة التي أدّت إلى تأخير وتمديد المهل. مع الوقت سنعرف أكثر مدى ارتفاع هذه النسب.
لقد أجرينا اختبار ضغط في تشرين الأول الماضي لتبيان الأثر الذي قد ينتج عن احتمال ارتفاع الديون المشكوك بتحصيلها إلى مستوى معيّن. لا شكّ بأن القطاع المصرفي في المنطقة لديه مستويات جيّدة من السيولة والملاءة والربحية، إنّما في بعض البلدان يمكن أن تتأثّر القطاعات المصرفية بدرجة تبقى محدودة.
أما بالنسبة إلى البطالة، أحد التحديات الأساسية المقبلة. فقد ازدادت البطالة بمعدّلات كبيرة في بعض البلدان؛ في الأردن صارت تفوق 22% وفي تونس تجاوزت 17%… هنا يظهر فرق المخاطر بين البطالة وبين مخاطر التضخّم الناتج من السيولة. فإذا لم يحصل ارتفاع كبير في أسعار النفط وعودة سريعة إلى النشاط الاقتصادي بما يضع ضغوطاً كبيرة على القدرة الإنتاجية، لا يُتوقّع أن تكون هناك مخاطر تضخمية على صعيد دول المنطقة، بينما خطورة البطالة ناجمة من عوامل أخرى، خصوصاً أن العمل عن بُعد كان أصعب على هذه الشرائح، وخلق فرص العمل في الدول المستورِدة للعمالة لن يكون بالمستوى المطلوب، ولا سيما في دول الخليج أو في أوروبا نسبة إلى دول المغرب العربي. هذا الأمر سيكون تحدّياً في المرحلة المقبلة.

ذكرتَ في إحدى تصريحاتك أن العودة إلى معدّلات النمو السابقة قد تتطلّب 10 سنوات. بمعنى آخر، إن الأزمة تترك ندوباً يصعب تجاوزها ضمن مدى زمنيّ مقبول، ما سيكون له أثر كبير على البطالة والفقر في السنوات المقبلة. هذا يعني أن التداعيات الاجتماعية ستكون هائلة، فما هي السياسات التي يمكن اتّباعها في هذه الفترة؟
أظهرت التجارب السابقة والأزمات التي شهدها النظام العالمي وآخرها الأزمة المالية العالمية في 2008، أن هناك عدم تقدير كافٍ لصعوبة الخروج من الأزمة والعودة إلى مستويات النمو والأنماط الاقتصادية السابقة. لكن شهدت دول المنطقة تراجعاً متواصلاً في مستويات الاستثمار المباشر التي شهدتها خلال السنوات العشر الماضية. لم تتمكّن دول المنطقة من العودة إلى نسب النموّ التي شهدتها في فترة ما قبل 2008. يجب الانتباه إلى هذا الأمر والعمل سريعاً للخروج من هذا النوع من الأزمات، وإلا سيكون لدينا كسل في الوصول إلى المستويات السابقة.
لكن بالنسبة إلى دول المنطقة تحديداً، يجب التمييز بينها؛
في المجموعة الأولى، هناك البلدان الأكثر ضعفاً التي تعاني من أزمات سياسية أمنية وضعف اقتصادي. هذه الدول ستواجه صعوبة أكبر في العودة إلى مستويات ما كانت عليه (سوريا، لبنان، ليبيا). هذه الدول سجّلت نسب تراجع كبيرة في 2020.
في المجموعة الثانية، هناك شريحة الدول متوسطة الدخل التي لديها مستويات ديون مرتفعة، وعدد من الدول المصدرة للنفط التي لا تملك احتياطات مالية. هذه الدول ستواجه صعوبة في استخدام الأدوات المالية الرامية إلى تنشيط النهوض الاقتصادي.
أما المجموعة الثالثة، فهي تضمّ الدول التي تتمتع باحتياطات مالية، ولديها القدرة على تسريع عملية الخروج من الأزمة.
رغم صعوبة الأوضاع في بعض الدول الناشئة والتي لديها مستوى مرتفع من الديون، إنّما ما زال لديها حيّز من السياسات لرفع مستوى الاهتمام بالشأن الاجتماعي. هذا أمر ضروري للاستقرار الاجتماعي والنهوض الاقتصادي وتقليص مستويات الهجرة ولتأمين الاستفادة من الطاقات البشرية بشكل أكبر. ولا يجب أن نُغفل أننا ما زلنا في مرحلة سباق بين الوباء واللقاح. هذه معركة يجب الانتصار عليها. تسريع اللقاح يسرّع مرحلة النهوض.

في ظل هذا الوضع، هل تعتقد أنه يتعيّن على الصندوق تعديل سياساته تجاه دول المنطقة؟
لدى صندوق النقد الدولي أدوار متعدّدة في هذا المجال. فعند بدء الأزمة، رسم الصندوق دوراً لنفسه انطلاقاً من كونها أزمة خارجة عن قدرة البلدان، وأنها أزمة سريعة تؤثّر بطريقة كبرى على قطاع حساس هو القطاع الصحي. لذا، كان علينا تأمين جرعة من التمويل والسيولة السريعة لتوفير متطلّبات الدول غير القادرة على الحصول على هذه السيولة لاستيراد متطلّبات مستوردة. من هنا كان برنامج التمويل السريع RFI.

90 مليون نسمة

هو عدد الذين يُرجّح صندوق النقد الدولي وقوعهم تحت خط الفقر المدقع خلال الفترة الممتدة بين 2020 و2021، ما يؤدّي إلى الإطاحة بجهود عقدَين من الزمن تتعلّق بمكافحة الفقر


كذلك، عدّلنا بعض البرامج. في الأردن مثلاً، عدّلنا البرنامج الذي أقرّيناه قبل أسابيع، لمنحه مرونة أكبر. كل بلد كان مختلفاً. في مصر وقعنا برنامجاً ثانياً بسبب حجمها الاقتصادي باعتبارها إحدى أكبر الدول الناشئة في المنطقة والعالم، إذ كانت تواجه خطر خروج الاستثمارات والأموال، ما سينعكس على الاستقرار الاقتصادي. الهدف أن نمنحها قدرة على الصمود والاستمرار في الإصلاح.
هذه السنة نرى أن لدينا دوراً أيضاً في بعض البلدان التي تتطلّب أوضاعها الاقتصادية الاستمرار في الدعم، مثل الدول التي وقعنا معها برامج مثل تونس، الأردن، مصر، المغرب، العراق أخيراً، ولبنان عندما يسنح الظرف. هذه الدول تمرّ بمرحلة انتقالية، ولديها أزمات كبرى لم تمرّ بها خلال 100 سنة. الهدف أن نساعدها على الخروج من الأزمة وتسريع الخروج. كذلك يجب خلق مساحة للإصلاح، خصوصاً في الدول التي لم يعد لديها إمكانات، أي أن يُعاد النظر في أولوياتها ليكون الإنفاق أكثر جدوى وأكثر استهدافاً، فتكون لديها إنتاجية أكبر بلا هدر، وأن تصبح المسائل الاجتماعية من أولويات الإنفاق.
نحن نعتبر أنه لا يمكن الخروج من هذه الأزمة بما يتعلّق بالسياسات العامة، إلّا بالتركيز على الإنفاق الاجتماعي، وتنويع الإيرادات لتكون أكثر عدالة وعبئها أقل على الشرائح. هذا يتيح للدول مساحة مالية. في المقابل هناك إصلاحات تأخّرت أو لم تحصل بينما هي تخلق إنتاجاً، مثل التكنولوجيا التي تُحتمل إمكانية التطوير فيها، من أجل خلق إنتاج أكبر وفرص عمل أكبر.
إضافة إلى ذلك، فإن الدول التي لا تحتاج إلى التمويل من الصندوق، هي بحاجة إلى دعم سياسات ودعم تقني، مثل دول الخليج.
وفي ما خصّ الدول غير القادرة على الوصول إلى التمويل مثل اليمن والسودان، فدورنا أن نساعدها لتتأهل تدريجياً للحصول على التمويل. أعطينا اليمن منحة، ونعمل مع السودان على إعادة هيكلة وإعفائه من الدين.

سياسات الصندوق عرضة دائماً للاتهامات. التقشّف ليس حلّاً في كل الأوقات وخصوصاً في البلدان التي لا تملك قدرات مالية واسعة. التقشّف بهذا المعنى هو يخنق هذه الدول.
في الحقيقة توصياتنا تذهب في الاتجاه المختلف. التوصيات تقول إن الدول التي لديها القدرة على الدعم المالي عليها الاستمرار بذلك. طبعاً مع التأكّد أن الدعم هادف للمؤسسات الصغيرة والشرائح الأكثر ضعفاً. أما الدول التي لديها قدرات محدودة جداً يجب أن تستمر بما تقوم به، على أن تخرج من ذلك تدريجياً. أما الدول التي ليس لديها القدرة، فنوصي بأن تعيد النظر في أولويات الإنفاق. لا نوصي بتقليص الإنفاق، بل بتحويله إلى مردودية اجتماعية أعلى ومنفعة أكثر في حماية الاقتصاد. لا يمكن القول في هذه المرحلة بعد سنة من تراجع النمو، أنّ على الدول اعتماد سياسات تقشفية لأن هذا الأمر يدفع ما شهدناه في 2020 إلى الاستمرار لفترة طويلة. ليس لدى كل البلدان القدرة نفسها.
هناك من يقول إن وصفتنا هي نفسها، لكن على العكس نحن نعمل مع البلدان بحسب أوضاع كلّ منها. التفاصيل تُظهر هذا الأمر. ما قمنا به مع المغرب مختلف عن الأردن ومصر. في المغرب الزراعة مهمة. الإنتاج التصديري والاستهلاك المحلي مهم في مصر. لذا، عملية النهوض أساسية، والخروج من الإجراءات يجب أن يتم بطريقة مبرمجة وتدريجية. إعطاء الأولوية للدعم الاجتماعي، ومعالجة المشاكل التي قد تخلق هوّة إضافية، مثل التكنولوجيا، بين من لديه الوصول إليها ومن ليس لديه الوصول وكان أصعب عليه التكيّف مع الأزمة. هذه أمور جوهرية. يجب القيام بإصلاحات هيكلية ومؤثّرة. كلفة الاتصالات، قطاع الكهرباء. الخروج ليس لمصلحة الأكثر تأثراً ولن يكون هناك لمصلحة الذين فقدوا وظائفهم وجزءاً من مداخيلهم.

في 2020 شهدنا استقراراً في تحويلات المغتربين من دول الخليج وأوروبا لكنّ التراجعات الاقتصادية ذات المدى الأطول تؤثّر بشكل مختلف


ما المقصود بإعادة النظر في أولويات الإنفاق؟
في كثير من بلدان المنطقة، هناك حجم كبير لدعم السلع التي لا تُستهلك من الفقراء، أكبر بكثير من الدعم الذي يذهب إلى الشرائح الأكثر فقراً. مثلاً دعم المحروقات كبير جداً، بينما يمكن تحويله إلى دعم الطبابة والدعم المباشر للشرائح الاجتماعية ولأولئك الذين فقدوا وظائفهم. اللافت أن نسبة الإنفاق عالية في المنطقة بينما نسبة الإنفاق الاجتماعي لا تتجاوز 2.5%، لذا ما نقوله إنه إذا كانت لديك الاستمرارية والزيادة، يجب أن تقوم بعملية إعادة التوزيع.

القدرة الاستهلاكية الأكبر هي لدى دول الخليج، لكن الضعف الذي أصاب هذه الدول له تأثير كبير بسبب وجود عمالة أجنبية تحوّل أموالاً إلى الخارج مثل لبنان الأردن مصر وسواها، كيف سينعكس الوضع في دول الخليج على التحويلات والاستثمارات بشكل عام؟
هذا الأمر كان يشغلنا كثيراً نظراً إلى التحويلات الكبيرة التي تتأتى من دول الخليج. 16% من تحويلات المغتربين حول العالم مصدرها دول الخليج. أكبر منطقتين تساهمان في أكبر نسبة في التحويلات هي دول الخليج وأوروبا. كلاهما لديه تأثير على المنطقة. من خلال المتابعة، شهدنا في عام 2020، استقراراً في نسبة تحويلات المغتربين من هذه الدول. هذا عنصر إيجابي، لكنه يمتدّ على سنة واحدة، فإذا كانت هناك تراجعات اقتصادية طويلة المدى يمكن أن يكون لها تأثير.
هناك خطر على تراجع الاستثمارات والإنفاق المتأتّي من السياحة والطلب الخليجي. لا شكّ بأن هذا الأمر من الأمور الأساسية التي نضيء عليها، إضافة إلى موضوع الصحة واللقاح، ولذا نوصي بوجود نسبة أعلى من التعاون بين دول المنطقة. التعاون يلعب دوراً أساسياً في هذه المرحلة.

لم نعرف بعد ما هو حجم القروض المتعثّرة التي نشأت في فترة الأزمة وما هو حجم الزيادة في الديون الضعيفة في القطاع الخاص


التعاون في موضوع اللقاح وأهميته ليس فقط للخروج الآني، بل للخروج طويل المدى. والتعاون الاقتصادي بما يتعلّق بتسريع خروج المنطقة من الأزمة.
تحدّي التحويلات مهمّ لعدة دول مثل مصر ولبنان والأردن وتونس والمغرب، لكن بالنسبة إلى دول مثل السودان أكثر أهمية لأنه يمثّل ما بين 12% و14%. هذا موضوع مهم لاستقرار هذه الدول، فضلاً عن مجموعة إجراءات إضافية يمكن اتخاذها، بعضها بدأ ونتمنى أن يستمرّ، مثل تسهيل الحصول على التأشيرات أو حرية العاملين أكثر في الانتقال من وظيفة إلى أخرى، وتحسين التحويلات الإلكترونية… كلها مواضيع مهمة وتشكّل عنصراً أساسياً لمساعدة الدول التي تستقطب التحويلات للحفاظ على استقرار ميزان المدفوعات على المدى القصير والحفاظ على القدرة على المدى المتوسط.
لكن هناك أيضاً التأثيرات العامودية، أي القطاعات التي تأثّرت مثل قطاع السياحة وبعض القطاعات التصديرية. هذه التأثيرات يتطلّب التعاطي معها برامج متخصّصة تستوجب العمل على مدى متوسّط لمعالجة تداعيات الأزمة، خصوصاً أن هذه القطاعات توظف عدداً كبيراً من العاملين من ذوي الخبرة المحدودة.
كذلك هناك أهمية للآفاق المفتوحة التي لا يمكن الاستفادة منها بطريقة قطرية بل بطريقة تعاونية، مثل كل ما له علاقة بالتكنولوجيا والاستثمار في قطاع البيئة المتاح للتمويل العالمي. نحن ومؤسسات أخرى علينا مواكبة هذا الأمر.



نبذة


جهاد أزعور هو مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقوقاز في صندوق النقد الدولي. يحمل دكتوراه في العلوم المالية الدولية ودرجة علميّة عليا في الاقتصاد الدولي والعلوم المالية، وكلاهما من معهد الدراسات السياسية في باريس. كان زميلاً لما بعد الدكتوراه في جامعة هارفرد، ولديه أبحاث حول الاقتصادات الصاعدة واندماجها في الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى مقالات منشورة حول القضايا الاقتصادية والمالية وخبرة أكاديمية أيضاً. شغل أزعور من عام 2005 ولغاية 2008 منصب وزير المال في لبنان. أما في القطاع الخاص، فقد عمل مع شركة «ماكينيزي»، ثم أصبح نائباً للرئيس والمستشار التنفيذي الأول في شركة «بوز آند كومباني»، وقبل انضمامه إلى الصندوق في آذار 2017، كان مديراً شريكاً في شركة «إنفنتيس بارتنرز للاستشارات والاستثمار».


لبنان بحاجة إلى ورشة شاملة
يقول جهاد أزعور هل يمكن إجراء أي حلّ أو أي علاج في لبنان قبل إعادة هيكلة القطاع المصرفي؟
نعتبر أن لبنان بحاجة إلى ورشة شاملة بمقومات عدّة. أحدها هو المقوّم المالي والنقدي والمصرفي، إنما هناك أيضاً إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية برمتها وليس الرعاية الاجتماعية، خصوصاً بعد التضخم والتراجع الكبير في النمو. كذلك هناك مساعدة لبنان في النهوض السريع اقتصادياً، ومعالجة بعض الاختلالات البنيوية التي جزء منها الحوكمة ومنظومة محاربة الفساد وغيرها. يجب القيام بعملية نهوض مقنعة لإعادة الثقة، وتسمح بتخفيف الأعباء عن اللبنانيين من خلال دعم خارجي. يجب أن يكون لدى لبنان مقاربة شاملة لا تغفل مشكلة التراكم في السنوات الماضية، وحتى أوسع من ذلك يجب أن تكون المواضيع التي لم تكن مطروحة في السنتين الماضيتين مثل الحماية الاجتماعية، في صلب الحلّ والمخارج. غير ذلك فإن الحلول ستكون جزئية وغير مستدامة.


التحوّلات المفيدة لإيران
يقول جهاد أزعور من المبكر التكهن بحصول الاتفاق الإيراني الأميركي ومدى تأثيره ومهله الزمنية. إنما بشكل عام، فإن أي تحسّن في الأوضاع الجيوسياسية له انعكاسات إيجابية على المنطقة، وبما يتعلّق بإيران له انعكاسات إيجابية، وخصوصاً إذا انحسر أو تقلّص مستوى ما يسمى العقوبات، إضافة إلى ذلك هناك تحوّلات اقتصادية ضرورية جزء منها يمكن أن تستفيد منه إيران مع ارتفاع أسعار النفط، وجزء منها بالسياسات الداخلية من خلال إعادة النظر بمنظومة الحماية الاجتماعية ليكون فيها حماية أكبر، وإعادة تفعيل بعض القطاعات التي ترفع من الإنتاج المحلي وتقليص الاعتماد على قطاع النفط. هذا موضوع بذات الأهمية للمواضيع الخارجية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا