قرّرت الحكومة الأميركية مواجهة الأزمة بسياسات مالية تهدف إلى زيادة الإنفاق الحكومي وخفض الضرائب من أجل تحفيز الاقتصاد. حزمة التحفيز التي أقرّها الكونغرس في آذار الماضي بقيمة 908 مليارات دولار تأتي في هذا الإطار، لكن الحكومة الأميركية لجأت إلى الاقتراض المفرط لتمويل الإنفاق وتعويض الخسائر في الإيرادات الناتجة عن خفض الضرائب. هذا النوع من الاقتراض ليس سياسة أميركية مستجدة، بل هو ما اتبعته الحكومة الأميركية منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008 ما أدّى إلى زيادة الدين العام نسبة إلى الناتج المحلي من 68% عام 2008 إلى 106% عام 2019.
أنقر على الرسم البياني لتكبيره


أنقر على الرسم البياني لتكبيره

المفارقة أن الدين نسبة إلى الناتج شهد قفزة هائلة في عام 2020. فقد كانت 107% في الربع الأول من عام 2020 ثم ارتفعت إلى 127% في نهاية الربع الثالث من السنة الماضية، علماً بأنها بلغت 136% في الربع الثاني. ويعود هذا التراجع الطفيف إلى التعافي الجزئي الذي حقّقه الإنتاج، لكن هذا المستوى من الدين، بشكل عام، يُعدّ من أعلى المستويات في تاريخ الولايات المتحدة متجاوزة النسبة المسجّلة في عام 1946 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية حين بلغت 118% نسبة إلى الناتج المحلي.
وخلال السنة الماضية ازداد الدين العام الأميركي من 23 تريليون دولار في الربع الأول إلى 27 تريليون دولار في نهاية الربع الثالث، أي بزيادة قيمتها 4 تريليونات دولار. تراكم الدين لم يكن بهذه الوتيرة السريعة في السنوات الماضية. فالدين الأميركي ارتفع بقيمة 4 تريليونات دولار خلال الفترة الممتدة بين عام 2016 ومطلع عام 2020.
حزمة التحفيز المموّلة بالاستدانة المفرطة، انعكست زيادة في ثروة أصحاب المليارات في الولايات المتحدة. فقد واصل نحو 651 من الأغنى في الولايات المتحدة مراكمة أكثر من تريليون دولار، وفقاً لآخر تقرير أعدّته حملة «أميركيون من أجل عدالة الضرائب». يقول التقرير إن هذه الأرباح تكفي لتوزيع مبلغ قدره 3000 دولار لكل فرد من سكان الولايات المتحدة البالغ عددهم 330 مليون نسمة، أي بمعدّل 12000 دولار لكل أسرة.
هذا المستوى من الدين، يُعدّ من أعلى المستويات في تاريخ الولايات المتحدة متجاوزة النسبة المسجّلة في عام 1946 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية


هذا الأمر يثير الشكوك في مدى فعّالية سياسة الاقتراض التي تتّبعها الحكومة الأميركية بهدف تحفيز الاقتصاد. فالأرقام تشير إلى أن هذه السياسات راكمت الأرباح في جيوب من هم ليسوا بحاجة. كذلك تبيّن أن مؤشّر نسبة الادّخار من الدخل الشخصي المتاح، ارتفع بشكل كبير توازياً مع حزم التحفيز التي كانت وراء السياسة المفرطة في الاقتراض الأميركي. قبل بداية الأزمة كان مؤشّر نسبة الادخار يبلغ 8.3% إلا أنه ارتفع إلى مستوى قياسي في نيسان الماضي مسجلاً 33.7%، ثم انخفض في تشرين الأول الماضي إلى 13.6%، أي ما يساوي ضعفَي ما كان عليه ما قبل الأزمة. وهذا يدلّ على أن الاقتراض الحكومي لم يؤدّ إلى تحفيز النفقات، بل اتجه الأميركيون للاحتفاظ بها على سبيل الادخار.



21.17 تريليون دولار
هو حجم الناتج المحلي الأميركي في نهاية الربع الثالت من سنة 20202 بحسب إحتياطي الفدرالي الأميركي، ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3% عن الناتج في الربع الثالث من سنة 2019

26.95 تريليون دولار
هو الدين العام الأميركي في الربع الثالث من سنة 2020 بحسب أرقام احتياطي الفدرالي الأميركي

2.07 تريليون دولار
هو حجم الكتلة النقدية في التداول في أميركا في شهر كانون الأول 2020 بحسب احتياطي الفدرالي الأميركي ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 15% بحجم هذه الكتلة منذ بداية سنة 2020

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا