فؤاد زمكحل
* رئيس تجمّع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين في العالم


رياض عبجي
* رئيس مجلس إدارة بنك بيمو

كلّ اللبنانيين يعانون جرّاء الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها البلاد، وخصوصاً الشركات اللبنانية في لبنان والمنطقة، إذ تحوّلت الأزمة الاقتصادية إلى أزمة اجتماعية، والآن انتقلنا إلى أزمة نقدية. فالشركات تعاني من ندرة السيولة وديونها المُتراكمة. وبالتالي، علينا ابتكار الأفكار البنّاءة لمواجهة هذه الأوضاع الصعبة.
يُمكننا اقتراح أساليب جديدة لتحسين الوضع النقدي من طريق: تشجيع عمليّات الدمج والشراء (M&A) من خلال التمويل المدعوم، وتعزيز سيولة السوق من خلال التأمين الائتماني أو إصدار سندات مكفولة.
نقترح تشجيع عمليّات الدمج أو الشراء (M&A) في لبنان، بهدف إنشاء شراكات لبنانية لتصبح مجموعات متضامنة ومتنوّعة، تكون أقدر على التطوّر والنموّ دولياً، وأصلب مالياً، ولديها حوكمة أفضل، وأكثر فعالية. كذلك يرمي تشجيع عمليّات الدمج أو الشراء المشار إليها إلى توفير الأدوات التي تساعد الشركات على تحسين شروط الدفع، وبالتالي تقليل احتياجاتها من تمويل رأس المال العامل، بحيث يمكن تحقيق الأهداف الآتية:
• تقليل العجز في ميزان المدفوعات من خلال مساعدة الشركات اللبنانية على زيادة قدرتها التنافسية في الأسواق الإقليمية والعالمية وبالتالي زيادة الصادرات.
• تقليل حاجة الشركات اللبنانية إلى الاعتماد على البنوك المحلّية من خلال منح تلك الشركات، وصولاً أفضل إلى التمويل الخارجي (المورّدين المحلّيين والعالميين أو المؤسّسات المالية).
• التأثير بنحو كبير في القدرة التنافسية للاقتصاد اللبناني من خلال إنشاء مجموعات كبيرة تعمل في القطاعات التي يتمتّع فيها لبنان بميزات تنافسية على وجه التحديد.
ويمكن أن يكون دور البنك المركزي أمراً حيوياً في خلق مشهد أكثر نشاطاً في عمليّات الدمج والشراء في لبنان، وتوفير التمويل المدعوم لتشجيع هذه العمليّات.
في واقع الحال، يتميّز الوضع الاقتصادي الكلّي اليوم بالآتي:
(1) تقييمات منخفضة للشركات، (2) انخفاض السيولة، (3) توقّعات اقتصادية غير مؤكّدة/ محفوفة بالمخاطر. وبالتالي، إن هذه البيئة مواتية لعمليّات الدمج أو الشراء.
ويمكن تحقيق عمليّات الدمج أيضاً من طريق تحفيز البنوك المحلّية على تمويل عمليّات الشراء من خلال تقديم إعانات تمويل الشراء، إذ إن البنك المركزي سيشجّع هذا الأمر من أجل توحيد الأسواق الرئيسية التي يمكن أن يتمتّع فيها لبنان بميزات تنافسية مقارنة بالأسواق الإقليمية أو العالمية:
• من شأن عمليّات الدمج والشراء أن تخلق شركات ذات (1) حجم أكبر، و(2) حوكمة أفضل للشركات لتوفير إمكانية أفضل للوصول إلى رأس المال الدولي/ التمويل، ما يتيح للاقتصاد اللبناني الوصول إلى تمويل دولي أفضل.
• ستخلق عمليّات الدمج والشراء (1) التآزر، (2) اقتصادات الحجم، (3) مع إتاحة مساحة أكبر للميزانيات للتركيز على البحث والتطوير، ما يؤدّي إلى مزيد من التصدير ويؤثّر إيجاباً بميزان المدفوعات.
يؤدّي تشجيع عمليّات الدمج أو الشراء إلى توفير الأدوات التي تساعد الشركات على تقليل احتياجاتها من تمويل رأس المال العامل


• سيكون للمجموعات الكبيرة أيضاً نفوذ أفضل على الموردين. ومن شأن هذا الأمر أن يمنح الشركات اللبنانية التفاوض في شأن شروط أفضل للدفع وتحرير بعض رؤوس أموال البنوك المحلّية المحتجزة حالياً في التسهيلات المصرفية/ السحب على المكشوف ذات الصلة برأس المال العامل.
ينبغي تشجيع عمليّات الدمج والشراء من خلال التمويل المدعوم. إنّ تشجيع عمليّات الدمج والشراء سيكون له تأثير عميق ودائم بالوضع الاقتصادي اللبناني، وتحديداً من الناحية النقدية.
كذلك يجب تحسين شروط الدفع من الموردين من خلال تصديق البنك أو تأمين الائتمان، إذ انتهى ائتمان الموردين، وكذلك الائتمان المصرفي، وأصبح أكثر تكلفة وأقل وفراً. والفكرة هي زيادة ائتمان المورد من طريق جعل البنوك تصدّق على الفواتير التجارية أو توفير التأمين على الائتمان، وعبر السندات المكفولة. ويمكن أن يساعد البنك المركزي على النحو الآتي:
• تقديم حوافز لتسهيل كلّ من تظهير الفواتير من قبل البنوك المحلّية، وتقديم تأمين ائتماني على الشركات ذات المبالغ المستحقّة الدفع.
• الحصول من المؤسّسات المالية الدولية/ بنوك التنمية للدعم/ التصديق على أدوات التمويل والسندات هذه، وبالتالي تحسين مخاطر الائتمان الخاصة بها.
• توفير إطار يمكن من خلاله تداول/ بيع/ وخصم الفواتير المُعتمدة.
إذاً، في ظلّ أسعار الفائدة المرتفعة على السلفات المصرفية، من الصعب على شركات التوزيع اللبنانية تمويل رأس مالها العامل، وبالتالي سيُتيح التأمين الائتماني لهذه الشركات الحصول على شروط دفع أفضل من مورديها، ما يقلّل من حاجتها إلى التسهيلات من البنوك اللبنانية.
ومن شأن عمليّات الدمج والشراء في قطاع تصنيع الأغذية أن يخلق لاعبين قادرين على: (1) تصدير المزيد/ والمنافسة بنحو أفضل في الأسواق الإقليمية، (2) الحصول على تمويل من البنوك، (3) التفاوض على شروط دفع أفضل مع مورديهم.
كذلك تواجه المستشفيات اللبنانية صعوبات مالية في ظل الوضع الاقتصادي الانكماشي الحالي. من شأن عمليّات الدمج والشراء: (1) تحسين الجودة والعمليّات التي من شأنها تعزيز البلد وجهةً جذّابة للسياحة الطبية و(2) منح المستشفيات إمكانية الحصول على تمويل دولي أرخص. أيضاً، من شأن عمليّات الدمج والشراء في هذا القطاع أن يساعد على: (1) زيادة الأبحاث والتطوير (2) خلق اقتصادات حجم، ويمكن كليهما أن يحسّن الصادرات.
ويمكن أن يكون للقطاع الصناعي اللبناني القدرة على التصدير على المستوى الإقليمي بالنظر إلى وجود أطراف فاعلة رئيسية يُمكن أن تستفيد من التعاون المنظّم والطلب الإقليمي المتزايد.

* بناءً على دراسة مفصّلة قامت بها
BEMO Securitization (BESEC)