أمّا في ما يتعلّق بمصادر الطاقة الأخرى، فقد زادت حصّتها من 14 إلى 19%، بحيث ارتفعت حصّة الطاقة النووية من 1 إلى 5%، وحافظت الطاقة الهيدروليكية على المستوى نفسه بنسبة 2%، وتراجع الوقود العضوي والنفايات بشكل طفيف من 11 إلى 10%، أمّا بالنسبة إلى مصادر الطاقة المُتجدّدة الأخرى التي لم تكن رائجة في عام 1971، فقد باتت تشكّل راهناً 2% من مجمل إمدادات الطاقة الأولية في العالم.
تركّز العرض والطلب
اللافت هو استحواذ أقل من 5 بلدان على أكثر من نصف إنتاج الطاقة في العالم في كل نوع من أنواع الوقود. بالنسبة للفحم تستحوذ الصين على نحو نصف إنتاجه العالمي، وفي ما يتعلّق بالنفط تنتج السعودية والولايات المتحدة وروسيا أقل بقليل من 40% من مجمل الإنتاج العالمي، فيما تنتج الولايات المتحدة وروسيا نحو 40% من مجمل الغاز الطبيعي في العالم. أمّا الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا فتستحوذ على أكثر من 60% من إجمالي الإنتاج النووي. وتنتج كلّ من الولايات المتحدة والصين وكندا والبرازيل أكثر من نصف الطاقة المائية العالمية.
الأمر مشابه نوعاً ما بالنسبة للطلب، بحيث تستأثر عشرة بلدان على نحو 62% من مجمل إمدادات الطاقة في العالم، وهذه النسبة باتت أكثر تركّزاً بالمقارنة مع عام 1971 حين كانت تستحوذ هذه البلدان على 56% من مجمل الطاقة. وأكثر تفصيلاً، تستحوذ البلدان الخمسة الأولى وحدها على أكثر من نصف الطاقة العالمية (52%)، فيما تمثّل أقل من نصف إجمالي الناتج المحلي العالمي (48%) وأقل من نصف عدد سكان العالم (44%). تحلّ الصين في المرتبة الأولى باستحواذها على 22% من مجمل الطاقة بعد أن كانت في عام 1971 في المرتبة الثانية بنسبة 7%، علماً أنها تمثّل 20% من مجمل سكان العالم، وتليها الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 16% بعد أن كانت تستحوذ على المرتبة الأولى بنسبة 29% فيما تمثّل أقل من 5% من سكان العالم. وتحلّ الهند في المرتبة الثالثة (6%) وتمثّل 19% من سكان العالم، وتليها روسيا (5%) ومن ثمّ اليابان (3%).
استخدامات الطاقة
لم يتغيّر توزّع استخدام الطاقة بين القطاعات الاقتصادية، بشكل كبير، بين عامي 1971 و2016. فما زالت الصناعة القطاع الاستهلاكي الأول للطاقة، ولم تتراجع حصّتها طوال هذه الفترة إلا نقطة مئوية واحدة من 38 إلى 37%، ويليها قطاع النقل الذي ارتفعت حصّته من 23 إلى 29%، ومن ثمّ الاستهلاك المنزلي الذي انخفض من 24 إلى 22%. في حين استقرّ قطاع التجارة والخدمات على نسبة 8%، تليه الزارعة التي تراجعت من 3 إلى 2%.
تعتمد هذه القطاعات لتوليد الطاقة الضرورية في عملية الإنتاج وفي الاستهلاك على 65% من الوقود الأحفوري و35% من موارد الطاقة الأخرى. في الواقع، لا يزال الفحم مُهيمناً على توليد الطاقة الكهربائية، وعلى رغم تراجع حصّته خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إلا أنه لا يزال يحتلّ المرتبة الأولى بنسبة 38.4% من مجمل الكهرباء المنتجة عالمياً. أمّا الغاز الطبيعي فيشكّل المورد الثالث لإنتاج الطاقة الكهربائية، إذ نمت استخداماته في شكل بطيء حتى عام 1990 حين سجلّ 15%، قبل أن تبدأ بالارتفاع وصولاً إلى 23.2% راهناً، وهي حصّة تقلّ قليلاً عن الطاقة المُتجدّدة التي تشكّل 24.2% من مجمل إنتاج الكهرباء، وتُهيمن عليها الطاقة المائية، علماً أن النمو المُحقّق منذ بداية الألفية الثانية جاء من تطوير الرياح والطاقة الشمسية والكهروضوئية. أمّا بالنسبة للإنتاج النووي فقد بدأ بالارتفاع منذ سبعينيات القرن الماضي واستقرّ على نسبة 17% طوال فترة الثمانينيات والتسعينيات، ثم تراجع مطلع الألفية الثانية ليصل حالياً إلى 10% من مجمل الطاقة الكهربائية. أما إنتاج الطاقة من النفط فقد بلغ ذروته في عام 1973 بنسبة 25%، أي قبل أزمة النفط، ومن ثمّ بدأ يتراجع، من كونه ثاني وقود يستخدم لإنتاج الكهرباء بعد الفحم، إلى خامس مصدر لإنتاج الكهرباء بنسبة تقلّ عن 3%، وعلى رغم هذا الانخفاض الحادّ في استخدام النفط لتوليد الكهرباء على مستوى العالم، إلا أنه لا يزال يمثّل أكثر من 70% من توليد الكهرباء في عدد من البلدان مثل لبنان والعراق وجامايكا، في حين أنه يشكّل مع الغاز الطبيعي المصدر الوحيد لإنتاج الطاقة في بلدان أخرى مثل البحرين وقطر وترينيداد وتوباغو وبروني ودار السلام.