التقى عدد من الاقتصاديين والكوادر الإدارية العليا وبعض النواب والمصرفيين، في ورشة عمل نظّمتها جمعية «كلنا إرادة» في فندق «البريستول» نهاية الأسبوع الماضي. حاول المشاركون أن يشخّصوا المخاطر ومصادرها ويقدّموا الحلول، كلّ من موقعه والمصالح التي يمثلها. طبعاً، أقرّوا جميعاً بأننا الآن في «قلب أزمة»، إلا أنهم اختلفوا كثيراً في وصفها والتعبير عنها، واختلفوا أكثر في ترتيب الإجراءات المُقترحة للتعامل معها. وما عدا قلّة قليلة منهم، تبنّى المشاركون خطاب «الإصلاحات» المُتماهي مع «وصفة» صندوق النقد الدولي المُعتادة، وتكرّرت الدعوة إلى «التقشف» على لسان الأكثرية، كما لو أنه الحلّ السحري لكل المشكلات. كيف يفكّر اقتصاديو لبنان؟ وما هي تصوّراتهم للحلّ؟
آلان بيفاني: المدير العام للمالية العامة

هناك تحدّيات بنيوية يواجهها لبنان، وقد أثبتت التجربة الماضية أن اختصار الحلول بعصر النفقات وترشيدها وزيادة الضريبة على القيمة المُضافة، لم يُسهم في الخروج من الأزمة. إن المشكلة التي يجب علينا معالجتها تكمن في بنية الحكم والتناقضات داخلها والفساد وسيطرة المؤسّسات المدعومة وتبادل الأكلاف من النقدي إلى المالي وبالعكس، وفقدان شبكات الأمان الاجتماعي وارتفاع أسعار الخدمات العامة والخدمات الرديفة لها... كلّها عوامل تضعف الثقة بالنظام وتعوق النمو وتعرقل الاستثمارات وتؤثّر بجودة الاستثمار. كذلك يؤدي الحكم الائتلافي إلى عدم استيعاب كلفة العملية النقدية، وارتفاع أسعار الفائدة عالمياً يؤثّر بقدرة القطاع المُنتج على التحرّك ويزيد الأعباء على الفسحة المالية الباقية في الموازنة (بعد اقتطاع حجم الرواتب والأجور ودعم الكهرباء وخدمة الدين)، وهي فسحة ضيّقة بالأساس وتحتاج إلى حلول. فضلاً عن حاجة الاقتصاد الدائمة للتعويض عن قلة إنتاجيته عبر تأمين الدولارات بأغلى الوسائل، دون الأخذ بالاعتبار الحاجات الفعلية. وبالتالي، إن خفض العجز التزاماً بما تعهّدت به الحكومة في مؤتمر «سيدر» يمكن تحقيقه عبر خفض الإنفاق الزبائني وضبط الإنفاق ووقف الدعم العشوائي، ولكن ذلك لن يكون كافياً، إذ لا بدّ من تصحيح النظام الضريبي، ولدينا تجربة أولية (التعديلات الضريبية الأخيرة) سمحت بتأمين إيرادات من الريع، ويمكننا استكمال هذه التجربة من خلال تحصيل ما هو مُستباح من موارد الدولة وفرض ضرائب مُحقّة على المستفيدين من هذه الموارد لا زيادة الأعباء على الفئات غير الميسورة. من هنا، المستثمرون لا ينتظرون الموازنة لأن شكلها معروف مسبقاً، والأسواق المالية لا يهمّها سوى معرفة الطاقات التمويلية للدولة بغضّ النظر عن طريقة تأمينها. أمّا صندوق النقد، فهو يتحمّل مسؤولية كبيرة عمّا آلت إليه الأوضاع، لكونه على مدار السنوات الماضية كان مؤيّداً للسياسات المُعتمدة، وهو ما شكّل ضوءاً أخضر لمواصلة السياسات نفسها، التي أدّت إلى تركيز الإيرادات في مكان معروف، وكذلك تركيز الثروة، وبات هناك أشخاص يتنعمون بامتيازات الدولة، ولكنهم لا يسدّدون ضرائب تتجاوز ما يسدّده الآخرون، لذا من غير الطبيعي تحميل من دأبوا على تحمّل الأعباء المزيد منها عبر رفع الـTVA وفرض التقشّف، وإذا كان الصندوق لا يرى كلّ ذلك يكون أعمى!

ناصر السعيدي: وزير اقتصاد سابق، نائب سابق لحاكم مصرف لبنان


يمرّ لبنان بوضع مالي حرج مُرجَّح للتفاقم إن لم يقم بأي إصلاحات وتغييرات في السياسات النقدية والمالية المُتبعة. وفق أرقام صندوق النقد الدولي، لن يتجاوز النمو المُرتقب في عامي 2018 و2019 نسبة 1 – 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن التضخّم سيبلغ 5% إذا استمرّت أسعار النفط بالارتفاع، كذلك سيرتفع الدين العام نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 160%، فيما سيسجّل العجز نحو 10% من الناتج. فضلاً عن ذلك، يحلّ لبنان في المرتبة الثالثة بين الدول الأكثر مديونية في العالم، بعد اليابان واليونان، وتستنفد خدمة الدين فيه 50% من مجمل الإيرادات و35% من مجمل النفقات، وهو ما يجعل الميزانية غير قادرة على تحمّل المزيد من الأعباء. وإضافة إلى مشكلة التمويل، تبرز مجموعة من المخاطر المتزايدة تتهدّد القطاع المصرفي الذي يموّل عجز الدولة، إذ إن 65% من ميزانية المصارف هي ديون على الدولة ومصرف لبنان، وهو ما يحدّ من قدرة القطاع على تمويل الاقتصاد الخاص والاستثمارات والصناعة وغيرها من القطاعات المُنتجة. نحن نعلم أنه لا توجد أي رؤية سياسية مالية للدولة، ولكن الأسواق المالية تنتظر منا إقرار موازنة تُبيّن الخيارات التي يمكن اللجوء إليها، كذلك ذكر صندوق النقد الدولي ضرورة القيام بإصلاحات بنيوية وهيكلية، مثل رفع الـTVA إلى 15%، وتخفيف دعم الكهرباء، ورفع أسعار النفط، وعصر النفقات.

وسام حركة: خبير اقتصادي أول في البنك الدولي


لعبت السياسات النقدية دور المحرّك في ظلّ غياب السياسات الحكومية والاقتصادية في لبنان، وباتت كل القطاعات الاقتصادية اللبنانية بحاجة للإصلاح، مع التركيز على إصلاحات هيكلية، على أن يكون الانطلاق من معيار الثقة وتعزيزه، لكون فقدان الثقة بالدولة يؤدي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي. ويضاف إلى ذلك، القيام بتدخلات استراتيجية تؤدي إلى تطوير البنية التحتية ومعالجة أزمة الكهرباء وتخفيف تكاليف الإنتاج لتعزيز الاستثمار. فضلاً عن تحديد الأولويات لترشيد الإنفاق عند اتخاذ قرار التصحيح المالي، واعتماد قواعد مالية لضبط العجز.

توفيق كسبار: اقتصادي، خبير سابق لدى صندوق النقد الدولي


المشكلة الأولى التي تهدّد الوضع القائم هي السياسة النقدية التي يتبعها مصرف لبنان. يظهر ذلك من خلال ديون مصرف لبنان التي ستبلغ كلفة تمويلها خلال عام 2018 ما يوازي 6.3 مليارات دولار تقريباً، منها نحو 4 مليارات دولار تُسدَّد بالدولار مقابل ديونه بالدولار من المصارف. ونقدّر قيمة ديون مصرف لبنان بالدولار للمصارف حالياً بـ65 مليار دولار تقريباً. وتتعدّى هذه الكلفة الإجمالية بالدولار، للمرّة الأولى، كلفة الدين الحكومي التي تبلغ وفق موازنة عام 2018 ما يوازي 5.4 مليارات دولار. أي إن على مصرف لبنان تأمين 4 مليارات دولار خلال عام 2018 فقط، وذلك لتسديد كلفة الفوائد على ديونه بالدولار، وهذه الكلفة السنوية إلى تصاعد مستمرّ نظراً للارتفاع المُطرد في استدانته بالدولار والمنحى التصاعدي لنسبة الفائدة على الدولار عالمياً. هذا الدين والكلفة المتصاعدان أتيا نتيجة الهندسات المالية لمصرف لبنان، وهي هندسات مستمرّة حكماً، ولم تؤدِّ إلى زيادة في الاحتياطي بالعملات الصعبة أو تحسّن في ميزان المدفوعات كما وَعَدَت. لا، بل أجرى مصرف لبنان منذ شهر تشرين الثاني 2017، وباعترافه على موقعه الإلكتروني، تعديلاً على المنهجية المُعتمدة في كل دول العالم بطريقة احتساب الاحتياطي، فابتدأ بقرار أُحادي احتساب سندات اليوروبند بالدولار، التي تصدرها وزارة المال والتي بحوزته، كجزء من الاحتياطي بالعملات الأجنبية لديه، وهكذا أصبح ميزان المدفوعات فائضاً بدلاً من أن يكون سلبياً. وكأنه يكفينا إصدار سندات اليوروبند لكي تختفي كل مشاكلنا بالنسبة إلى النقص في الاحتياطي وعجز ميزان المدفوعات!
هذه مشاكل أساسية تطاول الاستقرار النقدي والمالي. السلطة في لبنان غير مُكترثة بالاستقرار النقدي والمالي، إذ إن اهتماماتها تكمن في مسائل أخرى. يتكلّمون عن الفساد، والفساد لا يتجلّى إلّا في النفقات في القطاع العام أو في عدم جبي الإيرادات، وكل هذه الأمور لا تحصل إلا بموافقة المسؤولين وتواقيعهم.
الحلّ ممكن إذا اتفق الرؤساء الثلاثة على مساءلة مصرف لبنان عن سياسته النقدية وعلى خفض فعلي للعجز في الموازنة لسنوات عدّة، مثلاً من 5 إلى 3 مليارات دولار، مهما كانت الطريقة أو الكلفة. لن يأتي قرار كهذا بالحل، بل سيسمح بشراء الوقت ومنع الانهيار الآتي الذي سيطاول على الأقل 85% من الشعب اللبناني. لكن يبدو أن السلطة غير مكترثة بأيٍّ من هذه المسائل.

نقولا نحّاس: نائب حالي - وزير اقتصاد سابق (تيار العزم)


وصلنا إلى نهاية المطاف ولا يمكننا الإكمال بالمسار نفسه، المطلوب الآن أن نعرف كيف نقلب الطاولة، لا أن نردّد الخطاب نفسه. منذ عام 1992 يطغى مسار واحد يُعبّر عنه بزيادة المداخيل والمصاريف والعجز، دون سلوك أي مسار للحل. ما نطرحه هو تشكيل لجنة متخصّصة لقراءة المؤشرات المتعلّقة بالاقتصاد اللبناني وتحليلها لنتمكّن من الوصول إلى تصحيح مالي بقيمة 5%، بعد وضع سياسة للتحسين وخفض النفقات، وإطلاق حركة الاستثمار الداخلي، إذ لم يعد هناك من إمكانية للجوء إلى الخارج لانعدام ثقته فينا، فضلاً عن كفّ يد السلطة عن التوظيف، وإدخال القطاع الخاص إلى الكهرباء، ومراجعة نظام التقاعد، ومكافحة التهرب الضريبي.

ريّا الحسن: وزيرة مال سابقة (تيار المستقبل)


التصحيح المالي المقدّر بنحو 2.5 مليار دولار (500 مليون دولار سنوياً) هو المخرج الوحيد المُتاح خلال السنتين المقبلتين إلى حين حصولنا على أموال «سيدر»، فالخيارات المُتاحة ضيّقة، خصوصاً بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب وتمويلها بإجراءات ضريبية وغير ضريبية، بحيث لم يعد من المُمكن زيادة الضرائب قبل زيادة النمو، وبالتالي من الواجب تصويب الجهد على النفقات لخفضها، على أن يطاول الخفض كلّاً من دعم الكهرباء القادر على تحقيق وفر بالنفقات، وزيادة التعرفة، مع تقليل التقنين وزيادة الإنتاجية. خفض النفقات الجارية، وإقرار موازنة تقشفية، خصوصاً أننا وصلنا إلى مرحلة ما عاد الترف مُباحاً فيها، فنحن نمرّ بمرحلة على الكل أن يتفق عليها، وأن نترك الحديث بمراجعة النظام الضريبي والتقاعدي إلى وقت لاحق بعد استعادة الثقة من منظمات التصنيف الائتماني والمنظمات الدولية.

يوسف الخليل: مدير العمليات المالية في مصرف لبنان


تخطّى الدين العام نسبة 157% من الناتج المحلي الإجمالي، وتكمن خطورة ذلك في أن يلجأ حاملو الدين إلى عدم الاكتتاب بسندات الخزينة وشراء الدولار، بما يهدّد سعر صرف العملة، أو الامتناع عن تجديد الدين وإخراج أموالهم من لبنان، وهو ما يشكّل الضربة القاضية. لكن ما يبعث على الاطمئنان، أن نسبة المديونية تصبح مقبولة إذا احتسبنا الدين الممسوك من الأسواق دون الدين الممسوك من مصرف لبنان والضمان الاجتماعي وغيرهما من المؤسسات العامة، بحيث تصل نسبته إلى 80 أو 90%، وهي نسبة مقبولة. مع الإشارة إلى أن سياسة مصرف لبنان ارتبطت منذ البداية بالثقة، وهي تقوم على تعزيز هذه الثقة بحيث لا تتخلّف الدولة عن تسديد دينها السيادي، وعدم وضع عوائق على تحويل الرساميل من الداخل إلى الخارج أو على التحويل من الليرة إلى الدولار، وتأسيس جهاز مصرفي يبعث الثقة لدى المستثمرين، وتكوين رأسمال كافٍ للمصارف لا لميزان المدفوعات. ربّما لم تحلّ هذه التدابير المشكلات القائمة، وهي بطبيعتها بنيوية، ولكنها ساعدت على الصمود، فسياسة الفوائد جذبت الرساميل، أمّا إعادة هيكلة الدين فهو أمر غير ممكن لأن 68% من الودائع هي بالدولار، وفي حال خَفضِنا قيمة الليرة نكون قد عالجنا ربع القيمة وأخرجنا الدولارات من البلد وأضررنا بالحالة الاجتماعية. الحلّ ليس نقدياً، بل بتسكير المزاريب وإعادة الثقة إلى الأجهزة. ما يمكن القيام به من إصلاحات قليل جداً، وعلى الحكومة على وضع أطر لتحسين الإنتاجية والاستثمار ومساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحسين التجارة وقدرة الوصول إلى الرساميل، واعتماد حلول سريعة تربط فيها كل ما يُتداوَل عن الزبائنية والفساد بطرق للمعالجة، فضلاً عن التفكير بأسواق رأسمالية جديدة ومبادلة الأسهم والخصخصة والشراكة مع القطاع الخاص.

عبد الحليم فضل الله: رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق (حزب الله)


لا بدّ أن ينطلق الإصلاح من رؤية مشتركة بين أطراف العقد الاجتماعي مدعومة بالقوة السياسية الفاعلة، على أن يؤخذ بالاعتبار أن ما نمرّ به اليوم هو نتاج فشل الرؤية والمقاربة السابقتين، وأن الرؤية الجديدة تتطلّب توزيع الموارد بما يتناسب مع إمكانات كل فئة ومسؤوليتها عن الأزمة المطروحة. تتمثّل الأهداف بالعمل على استقرار الدين وخفض عبء المديونية وخفض الدين نفسه وتوزيع الدين على قاعدة النسبة الأكبر بالليرة، مع اشتراط ألّا تكون الإجراءات لتحقيق هذه الأهداف انكماشية، بل أن تحافظ على التوازن الاجتماعي وأن لا تؤدي إلى زيادة الفروقات الاجتماعية. الحل المطروح والقادر على خفض عجز الموازنة إلى ما بين الثلث والنصف، يتطلّب تحقيق النمو من خلال تعزيز الاستثمار، وضبط النفقات من خلال خفض الفوائد والإنفاق غير المجدي وتنظيم عملية التوظيف، وإجراء إصلاح ضريبي عبر إقرار الضريبة الموحّدة والتصاعدية على الدخل، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي لتمكين الفئات الاجتماعية في مواجهة أي تدهور، واعتماد برنامج لمكافحة الفساد وخفض التهرّب الضريبي. ولتحقيق ذلك يجب التوافق على خفض طوعي ومؤقّت للفوائد على سندات الخزينة التي يحملها القطاع المالي بما في ذلك مصرف لبنان، بحيث نصل إلى خفض الإنفاق على خدمة الدين بنسبة 20%، وفرض الضرائب الاستثنائية على إيرادات الهندسات المالية، واتخاذ إجراءات فورية لحلّ مشكلة الكهرباء مع إمكان زيادة التعرفة عند وصول التغذية إلى مستويات عالية بحدود 22 ساعة يومياً، والتشدّد بقمع مخالفات تسعيرة المولّدات الخاصة.

غسان عيّاش: مصرفي، نائب سابق لحاكم مصرف لبنان


الإصلاح المالي هو مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى القطاع المصرفي، بدليل أن تعثّر أحد زبائن المصرف يفرض على المصرف اتخاذ تدابير لمعالجة الأزمة قبل إحالة الملف على مصرف لبنان وطلب مساعدته، فكيف الحال إذا كانت الدولة هي الزبون الأساسي للقطاع المصرفي؟ في الواقع، القطاع العام مدين للمصارف بـ30 مليار دولار (14% من موجوداته)، والقطاع الخاص بـ60 مليار (26%)، ومصرف لبنان بـ112 مليار (50%)، لكونه مكلّفاً مهمة مستحيلة تقضي بتأمين سعر الصرف وتمويل الدولة، فلجأ إلى الوسائل المُتاحة مُؤجّلاً الاستحقاقات ولكن بأسعار وفوائد عالية. وبالتالي يشكّل انهيار القطاع العام خطراً على القطاع المالي، واليوم لم يعد الخوف على الليرة، بل على البلد والنظام المصرفي ومن بعدهما الليرة. مشكلات الاقتصاد اللبناني المُتراكمة تحتاج إلى برنامج للإصلاح المالي لمدّة خمس سنوات، يستند إلى إجراءات ضريبية مثل زيادة الـTVA ورفع الدعم عن الكهرباء.

شربل قرداحي: خبير مالي (التيار الوطني الحر)


النظام السياسي غير ناضج لتبنّي مقاربة شاملة، لذلك نطرح تصحيحاً تدرّجياً لاختلالات الوضع القائم. خلال السنوات الـ25 السابقة دفعنا 67 مليار دولار على خدمة الدين، و121 مليار للنفقات الجارية، فيما بلغت الإيرادات 124 مليار، ما يعني أننا حقّقنا فائضاً أولياً بقيمة 3 مليارات، لكن انتهينا بدين عام بقيمة 84 مليار دولار ونحو 75 مليار دولار فوائد مدفوعة، ومن هنا نفهم التباطؤ بالنمو ومشكلة الدين والإصلاح المالي. لذا، المدخل هو بخفض العجز، لأن أي حلّ لا يأخذ السياسة النقدية بالاعتبار لن يؤدي إلى نتيجة، فضلاً عن رفع الفائض الأولي لمعرفة ما يمكن فعله بخدمة الدين، وتطوير البنية التحتية ضمن إطار «سيدر»، وتراجع كل فئة عن امتيازاتها. الحل المُمكن اتباعه في موازنة 2019، هو ضبط العجز عبر مراجعة السياسة النقدية، لا من خلال السياسات الانكماشية، وحلّ مشكلة الكهرباء، ورفع التحصيل الضريبي، وضبط النفقات.

روي بدارو: مستشار اقتصادي (القوات اللبنانيّة)


المطلوب إصلاح اقتصادي سريع ليحقّق النتائج المتوقّعة. وهو يتضمّن إصلاح هيكلي عبر إنشاء وكالة لمكافحة الفساد، تترافق مع إصلاح النظام القضائي لتحصينه من التدخل السياسي، والاتفاق على رؤية اقتصادية، وإعادة صياغة لدور وكلفة الدولة قبل تنفيذ السياسات المالية والنقدية، والقيام بإصلاح تنظيمي إداري من خلال وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية أو من خلال إنشاء وكالة حكومية متخصّصة. فضلاً عن تنفيذ إصلاح مالي يرتكز على الحدّ من الهدر والفساد، وعلى سياسة مالية تحاكي عوامل النمو الثلاثة، أي الرأسمال والعمالة والإنتاجية، عبر زيادة الاستثمار العام بالتوازي مع توفير الرعاية الصحية والتعليم والحدّ من الأعباء على تكاليف العمل.

عليا مبيّض: مديرة الاقتصاد الجغرافي والاستراتيجية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية


المشكلات البنيوية اللبنانية عمّقت مشكلة العجز في ميزان المدفوعات، بما ينطوي على عواقب اجتماعية واستراتيجية تؤدّي إلى تحديد هوامش التحرّك للسياسات الخارجية، واللجوء إلى الاقتراض المشروط لتمويل العجز، ويؤدّي هذا الوضع إلى زيادة خدمة الدين الخارجي، علماً بأنّ عمليات مصرف لبنان زادت كلفة التمويل والمطلوبات الخارجية للمصارف. ويتبيّن من ذلك أن هناك رابطاً بين مشكلة المالية العامة والهشاشة الخارجية، وعلى مشروع الموازنة أن يأخذه بالاعتبار، وأن تكون السياسات المرسومة واقعية وقابلة لتطبيق الإصلاحات، ومقبولة مجتمعياً.

غازي وزني: خبير مالي (حركة أمل)


التصحيح المالي المُقترح يتضمّن ضبط الرواتب والأجور، وإجراء مسح شامل لموظّفي القطاع العام، ووقف التوظيف خلال خمس سنوات لخفض حجم القطاع العام، وإصلاح النظام التقاعدي، ومعالجة خدمة الدين العام، ومعالجة أزمة الكهرباء، وضبط الهدر في الصناديق والجمعيات. فيما تحسين الإيرادات يتضمّن فرض ضريبة موحّدة على المداخيل، وتحسين الجباية والاستفادة من التسوية على الأملاك العامة البحرية ومخالفات البناء لجباية أموال إضافية لمصلحة الخزينة.

جان طويلة: مستشار اقتصادي (حزب الكتائب)


يشترط الإصلاح المالي وجود إرادة سياسية لإقرار موازنة تلتزم قطع الحساب والمهل الدستورية. بما يتطلّب خفض النفقات من خلال تصحيح آلية التوظيف في القطاع العام، وإلغاء تعويضات النواب ومخصّصاتهم، وإلغاء مجلس الإنماء والإعمار وصناديق الهدر، واستبدال وزارة التخطيط بها. في مقابل، زيادة الإيرادات عبر زيادة التعرفة على الكهرباء، على أن تكون مشروطة بتوفير الكهرباء 24 ساعة يومياً، وإنشاء هيئة مكلّفة لإدارة الدين العام، وخصخصة قطاعات حيوية، وفي طليعتها الاتصالات، فضلاً عن إنشاء مكتب لمكافحة التهرب الضريبي، وتطبيق قانون الضريبة الموحّدة والتصاعدية على الدخل والأرباح.