«أم التسعين ولداً» هو الاسم الأكثر تداولاً في بلدة تولين الجنوبية (قضاء مرجعيون). الرقم غير دقيق، لأن أم حمادة، ابنة الستين ربيعاً، حملت وأنجبت 25 ولداً «فقط». لكن وصول الرقم إلى تسعين، هو للإشارة إلى الأحفاد الذين تزوّجوا أيضاً وبات لديهم أولاد على الرغم من أن الوالد محمد الحمادة لا يزال في السادسة الستين من العمر. ويتوزع الزوجان، السوريا الجنسية، مع أفراد الأسرة الكبيرة على أربعة منازل في أحياء البلدة الصغيرة.

يجلس محمد في زاوية غرفة الجلوس، وبكل ثقة يطلب من جميع أفراد أسرته الجلوس حوله، يوزّع عليهم النصائح، ولا يتردّد في اصدار الأوامر الصارمة لهم، وهو يعلم بأنها سوف تنفّذ بحذافيرها. يتباهى بعدد أفراد أسرته، قائلاً: «لو قدّر لي لأنجبت عشرين ولداً إضافياً، هؤلاء كل ثروتي اليوم، بعدما أصبحت أملاكي وأرزاقي تحت رحمة المسلحين في مدينة حماة في سوريا».
لا يستطيع أبو حمادة أن يحصي عدد أحفاده، لكنه يعلم أن «عددهم تجاوز الثمانين». كلّهم تزوجوا وأنجبوا، باستثناء الولد الأصغر الذي لم يتجاوز عمره الثمانية عشر عاماً، «ولي أحفاد تزوجوا ولديهم أولاد، لكنني لا أعرف عددهم أيضاً، رغم أن جميعهم، باستثناء ولد واحد، يعيشون معي هنا في تولين، التي احتضنت عائلتي كلّها، وساهم أبناؤها في تأمين فرص العمل لها».
حبّ الزوجة وصبرها هو الذي جعل حمادة يحجم عن الزواج من امرأة ثانية، كما كان يرغب. يقول «لم أختلف يوماً معها، لذلك أخجل من الزواج من امرأة ثانية، رغم رغبتي في إنجاب عدد إضافي من الأولاد. رغم ذلك، حاولت أن أنجب منها أكبر عدد ممكن من الأولاد، فكانت تنجب لي ولداً كل 11 عشر شهراً، ولم يتوفّ منهم إلا طفلان صغيران كانا في سنّ الرضاعة».
تزوج حمادة من أم حمادة وهي في الرابعة عشرة من عمرها. يومها كان يعمل في البناء، لكن أحواله المادية تراجعت، فاضطر للعمل في تجارة الحبوب، قبل أن يقرّر السفر الى لبنان قبل نحو 15 سنة، ثم الإقامة في بلدة تولين.
مع بداية الحرب في سوريا، طلب من جميع أولاده وأصهرته وأحفاده اللّحاق به الى تولين، وهذا ما حصل، «تركوا جميع أشغالهم هناك وبدأوا العمل معي هنا. وفي البداية سكنوا معي في منزل واحد، قبل أن نستأجر ثلاثة منازل أخرى». هنا، كلّ الأولاد يعملون، أما الأطفال، الذين يزيد عددهم على العشرين، فهم بلا مدارس. «عندما تراجع وزير التربية عن قراره بخصوص منع تسجيل السوريين كان الوقت قد فات، لذلك ننتظر العام المقبل لتسجيلهم من جديد».
يعتبر حماده أنه «حقق أكبر انجاز في تاريخ قبيلته وعشيرته في سوريا، لأنه أنجب 25 ولداً من امرأة واحدة، وهذا ما لم ينجح به جميع أقربائه، رغم أن بعضهم تزوج أكثر من امرأة، وكانوا يرغبون مثلي في الانجاب، الذي يعتبر سنّة القبيلة». ويطالب أولاده بـ«إنجاب ما أمكن انجابه». ويعلّق ابنه محمد (33 سنة): «عندي أربعة أولاد، واذا تحسنت أحوالنا المادية، سأنجب المزيد. نحن نشعر بأهمية ذلك، نظراً إلى أننا نتعاون معاً على مواجهة أعباء المعيشة، فاذا احتاج أحدنا الى المال، نقوم جميعاً بمساعدته، وكل ما نجنيه نضعه في تصرف العائلة كلها، لذلك بتنا نعيش في أربعة منازل مستأجرة، نستطيع تأمين كامل مصاريفنا، باستثناء الاستشفاء الذي حرمنا منه هنا في لبنان، بعدما كان مؤمناً بالمجان لنا في سوريا».
لم يعبر أبناء بلدة تولين عن ضيقهم من العدد الكبير للأسرة الزائرة، لكنهم يعلنون استغرابهم «عندما حضرت العائلة بكاملها، فوجئنا بعدد أفرادها، لم نكن نصدق أن أم حمادة المعروفة بنشاطها، هي أم لـ25 ولداً». ويقول علي شقير: «لا يمكن أن تعبر أحد شوارع البلدة من دون أن تصادف واحداً من أولاد وأحفاد أبو حماده، لكنهم جميعهم مهذبون ونشيطون، يعملون بكدّ واستطاعوا أن يكسبوا ودّ أبناء البلدة واحترامهم».