«الكارول أهم زراعات بنغلادش». هكذا يعرّف البنغلادشيون نبتتهم التي زرعوها في حدائق منازل وأراض زراعية لبنانية، بعدما استقدموا بذورها من موطنهم، لتضاف إلى زراعات أجنبية باتت تنتشر في عدد من المناطق اللبنانية.تختلف التسمية من بنغلادشي إلى آخر. البعض يسميها «كارولا» فيما يطلق عليها آخرون اسم «كارول». تسميتان لم تروقا إلى البعض الذين اختاروا اسماً أدق لهذه النبتة: «كوسا بنغلادشية». وهي تتميز بعدم حاجتها إلى مساحات زراعية أو نوعية معينة للتربة. ترمى بذورها عشوائياً، فتتمدد وترتفع على غرار شتلة الفاصولياء. أسابيع قليلة تفصل بين زرعها وعملية انتاجها الغزير. سهولةٌ دفعت بالعمال البنغلادشيين إلى زرعها على الشرفات أو حدائق المنازل، وأحياناً على أرصفة المباني التي يقطنونها حيث تتسلق أعمدة الكهرباء.
لا تتطلب زراعتها مهارات أو كلفة عالية. ودفع ازدياد الطلب عليها عدداً من المزارعين اللبنانيين إلى اعتمادها. زرع محمود الزين الكارول في بستانه، قائلاً «لم يكلفني الأمر شيئاً. أصغر نبتة لبنانية تحتاج إلى تسميد وري، بعكس الكوسا البنغلادشية القنوعة».
هكذا بدأت «الكارول» تتحول من مجرد زراعة بيتية إلى زراعة ربحية، لتتوسع دائرة انتشار زراعتها وعرضها في الأسواق. ويسعى عدد من المزارعين إلى استغلال مساحات زراعية مهملة داخل بساتينهم لزرع الشتلة البنغلادشية «ليس طمعاً، فالتجارة حلال»، بحسب أحد المزارعين.
عقد بعض المزارعين صفقة مع بائع بنغلادشي يدعى معصوم كريما لتصريف نتاجهم من الكارول من خلال بيعها للجالية البنغلادشية في لبنان. مهمةٌ يعدّها كريما «غير شاقة»، خصوصاً أن «الانتاج لا يزال أقل بكثير من حجم الطلب». أخيراً، عرضت الكارول في أسواق صيدا وبيروت، ولم يتردد الناس في شرائها. حدد التجار سعرها بحسب جودتها. بيعت الحبة الواحدة بألفي ليرة لبنانية حداً أدنى.
عدا لونها، لا تشبه كوسا بنغلادش تلك اللبنانية. تضاريس ثمرتها مجدبة وغير ملساء، يوازي حجمها «القرع». تتأبط حبتها أوراقاً خضراء بحجم كف اليد، جذورها ضعيفة وساقها رفيعة جداً. وتساعد «طراوة طرابينها» على نموها وتمددها. ومع انتعاش مواسمها، لم يعد العمال البنغلادشيون يكتفون بعرض ثمارها، بل بيع بذورها المجففة وأحياناً شتلات صغيرة معدّة للزرع، ما أدى إلى انتشار «البسطات» على الطريق الساحلي.
تعمل اينورا بدامي في لبنان منذ سنوات، وقد استقدمت بذور الكارول من بنغلادش وزرعتها في منزل مستخدميها، قبل أن تطور زراعتها وتستأجر عشرة أمتار في بستان في صيدا لزرعها.
انتظرت قليلاً حتى نضجت بذورها الأولى وتحولت إلى شتول كبيرة، أكسبت بدامي مهنة جديدة ومدخولاً إضافياً بعدما عمدت إلى بيع انتاجها للبنانيين وأجانب.
وتشرح بدامي طريقة زرع الكارول، قائلة: «في فصل الربيع، تزرع بذور أو نبتة صغيرة جداً، تكبر خلال أسابيع وتكون قادرة على الانتاج». وتضيف أنه «يمكن لنبتة واحدة متى كبرت حمل عشرات الثمار، خصوصاً في شهري تموز وآب مع ارتفاع درجات الحرارة، ويستمر انتاجها للثمار حتى نهاية العام بوتيرة أقل إلى أن تذبل وتموت الشتلة». وتلفت إلى أنه «مع نهاية الموسم، يجب ترك ثمرتين أو أكثر لتموتا على النبتة. وحين يتحول لونها إلى برتقالي مائل إلى الاصفرار، تقطف وتسحب بذورها لتجفف من أجل زرعها في الموسم المقبل».
تعدّ «الكارول» زراعة بنغلادشية شعبية. يطلق عليها البنغلادشيون «وجبة الفقراء». وهي تعدّ أيضاً «فخر الزراعة البنغلادشية، خصوصاً أن زراعتها في البلد الأم لا تقتصر على مساحات زراعية واسعة، بل تزرع في البيوت». يتحدث البنغلادشيون عن مذاقها الشهي بعد طبخها وإضافة التوابل إليها، فضلاً عن كونها أساس مطبخهم، حيث تستخدم شرائحها في إعداد الصلصة وطهي أطباق أخرى.
هذا في بنغلادش. أما في لبنان، فقد دأب اللبنانيون على تناول الكوسا البنغلادشية بانتظام. لم يغرهم طعمها فقط، بعدما خضعوا لنصائح البنغلادشيين الذين اعتادوا التحدث عن أهمية تناولها لمعالجة مرض السكري إذ تحتوي ثمارها على مواد غنية تنظم نسبة السكر في الجسم. وأكد بعض المصابين بالمرض صحة الأمر. وقال محمود القبرصلي إنه «لاحظ تأثيرات ايجابية بعد تناوله الكارول، خصوصاً لناحية انتظام السكري بعدما عانى تقلباته». ولم يتردد في تقديم النصح: «تناولوا قليلا منه، تصحّوا».