لم يكن لدى العسكريين اللبنانيين أيّ سلاح حربي يفاجئون به الوفود العسكرية والأمنية الآتية من 28 دولة، سوى مروحية «الغازيل»، التي بدأ تصنيعها في ستينيات القرن الماضي، واستعملت أخيراً في قصف مخيّم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين. فوجئوا بها فعلاً. بدت أثرية بالنسبة إليهم. وفي الأساس، قاعة «البيال» في وسط بيروت، غير معتادة معارض كهذه، كذلك الذي نظمته مؤسسة «SEMS». ستستضيف القاعة معرض الكتاب اليوم، وهي سلعة «مقدور» عليها محلياً، وإن كانت الوقائع التاريخية قد أثبتت أن اللبنانيين يميلون إلى إطلاق النار أكثر من القراءة، لكنّ اللبنانيين لم يمانعوا فرجة عتاد حربي، دولتهم لا تستطيع دفع أثمانه الماديّة والمعنوية. في البداية، استطلعت القوى العسكرية والأمنية اللبنانية أسلحة تشتهيها، ثم عرضت 180 شركة أمنية بضاعتها على مؤسسات خاصة لـ «الاطلاع على حلول أمنية لحماية منشآتهم من كافة الأخطار الأمنية». وعلى قاعدة «العين بصيرة واليد قصيرة»، جذب نظر العسكريين اللبنانيين مدفع ضخم، موضوع على «محمولة» تشبه عربة «الهامر»، من صنع صيني. أحد العاملين في تنظيم المعرض، وأثناء حديثه مع الصينيين، ذكر أن هذه العربة «تصنف من النوع الهجومي، وهي من الأشياء المحظور توريدها إلى لبنان لاعتبارات عدّة، لكن حالياً يمكن استيرادها من دون المدفع المخصص لها، حيث يوضع أحد المدافع الموجودة لدى الجيش اللبناني عليها عندما تصبح على الأراضي اللبنانية». إذاً، حتى لو توافر الشق المادي، العارضون يعرفون جيداً أنهم هنا «للعرض فقط». ويلفت المتحدث إلى أنه ليس ثمة قطع حربية بارزة في المعرض بسبب «قدرات لبنان المتواضعة، وإمكاناته المادية الشحيحة، إذ لا تسعى الشركات إلى عرض قطع فخمة ومتطورة لعلمها باستحالة شرائها».
لكن لم يقفل التجار جميع الأبواب في وجه اللبنانيين. سوَّق المشاركون في معرض مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري «INEGMA» أعتدة «خفيفة»، نصحوا الأجهزة الأمنية اللبنانيّة بالاستفادة منها، كبنادق القناصة المتطورة «نسبياً»، إضافة إلى بعض الرشاشات الأوتوماتيكية والآليات المصفحة. يُشار أيضاً إلى أن الأمنيين اللبنانيين وضعوا في المعرض بعض المعدات المعمول بها حالياً، منها ناقلات جند حربية وبعض العربات التي يستخدمها «الفهود»، ولم يبد مفهوماً على الإطلاق، سبب عرضهم قطعة كبيرة من حشيشة الكيف، على منصة عائدة إلى مكتب مكافحة المخدرات. وبعيداً عن «الحشيشة»، وقع سجال في المؤتمر الذي أقيم على هامش المعرض، وحضره ممثلو الشخصيات الرسميّة اللبنانية، إذ اعترض الوفد الإيراني على «تعريف الإرهاب»، قبل أن يوضح المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي، أنه «لا يشمل المقاومة أبداً، بل على العكس من ذلك». وفي تمرين «افتراضي» على «مكافحة الإرهاب»، نفذّت السرية الخاصة «الفهود» وسرية الخيّالة والكلاب البوليسية وحدة القوى السيّارة في قوى الأمن الداخلي «مناورةً» أول من أمس، جرى خلالها تقديم عروض قتالية ومداهمة وتوقيف مطلوبين خطرين، وذلك بحضور اللواء أشرف ريفي المدير العام لقوى الأمن الداخلي، والعميد روبير جبور قائد وحدة القوى السيّارة، وشخصيّات أمنيّة، سبق لها أن استمتعت بالمعرض.