ابتلي جيلبير قلوش بتعاطي المخدرات، ما أدى الى قلب حياته رأساً على عقب. حاول الشاب المولود عام 1980 الانتحار مرتين. سُدّت كل السبل أمام والدته منى لإنقاذ ابنها من إدمانه، فقصدت القوى الأمنية بعدما رأت أن السجن قد يكون السبيل الوحيد لإبعاد ابنها عن تعاطي السموم التي يُدخلها يومياً إلى جسمه. استجابت العناصر الأمنية لطلب الوالدة الشاكية، ولا سيما أن القانون يُجرّم متعاطي المخدرات ولا يرى فيه مريضاً. أوقف جيلبير الأسبوع الماضي واقتيد إلى فصيلة جونية ليودع النظارة بناءً على إشارة النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، بانتظار تسليمه الى مكتب مكافحة المخدرات المركزي.هناك كان يفترض أن يمكث الشاب يوماً قبل أن يُسلّم إلى المكتب المركزي، حيث يستجوب وتجرى الفحوصات اللازمة له لتحديد نوعية المخدرات التي يتعاطاها (كوكايين، هيرويين أو حبوب هلوسة). وأشارت مصادر أمنية الى أن نشرته الجرمية بيّنت أنه مطلوبٌ أيضاً بجرم سرقة.
لكن حصل ما لم يكن في حسبان الوالدة، وما كان يجدر أن تتحسب له عناصر فصيلة جونية. في صباح اليوم التالي وُجد جيلبير مشنوقاً داخل النظارة. وأوضحت مصادر أمنية أن جثة الشاب وجدت متدلية في إحدى زوايا النظارة بعدما لفّ حزاماً كان في حوزته حول عنقه. وقد بدئ تحقيقٌ عدلي في القضية، وخصوصاً أن القانون يقضي بتجريد الموقوف من كل ما من شأنه أن يكون خطراً على حياته كالحزام ورباط الحذاء، وغيرها من الادوات الحادة كالمفاتيح، أو اي شيء يمكن أن يستخدمه السجين لايذاء نفسه أو من حوله، علماً بأن جيلبير كان موقوفاً بجرم تعاطي المخدرات، وأن له سوابق في محاولة الانتحار، ما يعني أنه لن يتوانى عن إيذاء نفسه إذا سنحت له الفرصة.
الوالدة التي استدعيت للاستماع إلى إفادتها لم ترغب في الادعاء على أحد، ورأت أن ما أقدم عليه ولدها قضاء وقدر. فيما طال التحقيق عناصر الفصيلة. فاستُمع إلى إفادة رتيب التحقيق والدركيين علي و. ووليد س. وعلي ع. أكد الأول أن الموقوف كان يرتدي حزامه حين جرى الاستماع الى إفادته، مشيراً إلى أنه طلب من حارس الثكنة الدركي وليد س. وضع الموقوف في النظارة، معتقداً بأن الدركي سيجرد الموقوف من حزامه. لكن الدركي وليد، من جهته، أنكر مشاهدته الحزام مع الموقوف، فيما أكد الدركيان علي و. وعلي ع. أنهما فتشا الموقوف في بادئ الأمر ونزعا منه الحزام الذي استعمل في الانتحار. كيف وصل الحزام مجدداً إلى جيلبير؟
التحقيق لا يزال مستمراً لدى الفصيلة. وعلمت «الأخبار» أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي صقر صقر، أشار بتوقيف المؤهل رتيب التحقيق والدركي وليد س، وترك الدركيين الآخرين لقاء سندات إقامة. وفي السياق عينه، عُلم من مصادر مطّلعة أن الطبيب الشرعي الذي عاين الجثة أكّد حصول الوفاة بطريقة لا تُحدث أي صراخ أو صوت نتيجة توقف القلب، محدداً توقيتها عند الرابعة فجراً.