منذ اندلاع التظاهرات في سوريا، يتسمّر نزلاء سجن رومية المركزي من السوريين أمام شاشات التلفزة لمتابعة الأخبار الواردة من وطنهم. يترقّبون كل شاردة وواردة من دون أن يستطيعوا شيئاً من خلف القضبان، اللهم إلا الدعاء، إلى جانب الشعور بالغضب حيناً، والتعاطف أحياناً مع ما يجري في شوارع وطنهم. الوجوم والقلق اللذان عاشهما هؤلاء منذ بدء الأحداث لم يستمرا طويلاً. فمع إصدار الرئيس بشار الأسد مرسوم العفو الرئاسي عن السجناء في السجون السورية، استبشروا خيراً، آملين أن يشملهم العفو، مستندين إلى اتفاقية تبادل المجرمين التي وقّعها لبنان وسوريا في 18/6/2010، والتي تقضي بإعادة المحكومين لقضاء فترة العقوبة في سجون بلدهم.ويعتقد السجناء السوريون في رومية أنه في حال تنفيذ الاتفاقية، التي وقعها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ووزير العدل السابق إبراهيم نجار في دمشق العام الماضي، فإن ذلك سيخفف الى حد كبير من معاناتهم، بسبب بُعد المسافة التي تفصلهم عن ذويهم. فبعض هؤلاء السجناء لا يرى ذويه سوى مرة واحدة كل سنتين، بسبب عدم قدرة معظم الأهالي على دفع تكاليف الزيارة التي تناهز الـ 500 دولار، وهو مبلغٌ كبير بالنسبة إلى دخل عائلة سورية فقيرة. ويناشد «سوريو رومية» الرئيس السوري النظر في أمرهم لتخفيف معاناة عشرات الأمهات اللواتي بتن ضحايا ما اقترفه أبناؤهن. ويتساءل هؤلاء: «إذا كان العقاب على جرائمنا يُختصر بحجز الحرية سنين معدودة وفق الحكم القضائي، فلماذا لا تُحجز حريتنا خلف قضبان بلدنا إن كانت تؤدي الغاية من العقاب».
وقد سجّل عدد من السجناء السوريين الذين اتّصلت بهم «الأخبار» داخل سجن رومية «عتباً يوازي المحبة» على ما سمّوه «إهمال السفارة السورية في لبنان لشؤوننا»، مشيرين الى أن السفارة لم ترسل أي مندوب عنها للوقوف على مشاكلهم كما تفعل بقية السفارات، «ومنها السفارة السريلانكية، التي تحرص على حقوق مواطنيها فيما السجين السوري لا يسأل عنه أحد». وناشدوا الرئيس السوري وسفارة بلادهم في لبنان «بذل الجهد اللازم للسعي إلى نقل المحكومين السوريين من لبنان إلى سوريا لقضاء فترة محكوميتهم فيها، أسوة بما هو معتمد في العديد من الدول في العالم». انطلاقاً مما سبق، وفي حال نقل المحكومين السوريين إلى بلادهم، يكون هؤلاء أمام احتمالين: الأول يتمثل في الحرية إذا شملهم العفو الرئاسي، أما الثاني، فهو السجن في سوريا، ويبقى «خياراً أفضل» إذا ما قورن ببقائهم في سجون لبنان.
وقد علمت «الأخبار» من مسؤول في السفارة السورية في بيروت أن مسألة نقل السجناء السوريين من السجون اللبنانية إلى سوريا تُدرس على نحو جدي، لكنه لفت إلى أنها بحاجة إلى أن تسلك الطرق القانونية السليمة قبل وضعها موضع التنفيذ. علماً أن النائب العام التمييزي سعيد ميرزا أشار سابقاً إلى أن اتفاقية تبادل المحكومين لم تقر بعد في لبنان، لكونها تحتاج إلى إقرار في مجلس النواب.
من جهته، رأى مصدر قضائي تحدث الى «الأخبار» أن لإقرار هذه الاتفاقية إيجابيات على مختلف المستويات، إذ إنها تُسهم في خفض الاكتظاظ في السجون، الذي يُعد المشكلة الأكبر للسجون في لبنان، كما أن نقل السجين لقضاء العقوبة في بلده الأم له «الأثر الكبير على المستوى الإنساني لجهة تخفيف الضغط عنه وعن ذويه على حدّ سواء».



100 موقوف واستثناءات

يبلغ عدد السجناء السوريين في سجن رومية المركزي نحو مئة، من بينهم ستة محكومين بالإعدام، سبعة محكومين بالمؤبد، ثلاثون محكوماً وموقوفاً بجرائم قتل، 15موقوفاً بجرائم ترويج مخدرات، خمسة محكومين بجرائم اغتصاب، سبعة موقوفين بجرائم سلب، خمسة موقوفين بمحاولة قتل، موقوفان بجرائم إرهاب وخمسة موقوفين بجرائم تزوير. وتراوح معظم أحكام السجناء السوريين المحكومين بين عشر سنوات وعشرين سنة.
يُذكر أن مرسوم العفو السوري يستثني «جرائم الدعارة الشائنة والمخلّة بالآداب العامة، والاتجار بالمخدرات وتخريب المنشآت العامة والخاصة وإثارة أعمال الشغب والفوضى، وجرائم الاتجار بالأسلحة والسلب واستعمال السلاح». وبذلك ينخفض عدد السجناء الذين سيشملهم العفو الرئاسي إذا نُقلوا إلى السجون السورية.