انتشر الخبر سريعاً: بلدية بيروت تترك بعض محاضر جلساتها الأسبوعية مفتوحة. مفاد هذه العبارة أن المحاضر لا توقّع من بعض الأعضاء الحاضرين، كي لا نقول الجميع. وهذه مجازفة. سرعة انتشار الخبر، أو تسريبه، الذي ردّته البلدية إلى «مغرضين»، قابلته سرعة في الردّ البلدي. ردّ صارم مفاده أن كل المحاضر تتلى بعد انتهاء الجلسة وتوقّع. ولمزيدٍ من التأكيد، تقول مصادر البلدية إن تلك المحاضر تذيّل أيضاً بعبارة «موافقة بالإجماع». لكن، هذه التأكيدات، لا يمكن أن تنفد من الأسئلة. ولعل الأهم هنا سؤالان: أولاً، لماذا كان محضر جلسة الخميس في الرابع والعشرين من الشهر الماضي هو المحضر الوحيد الذي يوقّع بعد عدة محاضر مفتوحة؟ وثانياً: ما مدى تأثير عدم توقيع الأعضاء الحاضرين على مجريات الجلسة وربما القرارات؟ولئن كانت البلدية تنفي نفياً قاطعاً أن يكون الرابع والعشرون هو اليوم الوحيد الذي وقّعت فيه المحاضر، إلا أنها لا تنفي أن بعض المحاضر لا توقع في الوقت نفسه، على اعتبار أنها غير ملزمة بوجود عبارة «موافقة بالإجماع»، وعلى اعتبار أن كل جلسة يرد فيها كمّ هائل من البنود، وقد تبقى الجلسة مفتوحة أسابيع عدة إلى حين مناقشة كل البنود. وعندما تصبح قرارات تعمل البلدية على إصدارها في كتيّب يوقّع من جميع الأعضاء فور إصداره، أي «ممكن أن يكون بعد شهر»، يوضح رئيس البلدية الدكتور بلال حمد.
توضيح قد لا يفي بالغرض، وخصوصاً أن الكتيب لا يلغي أبداً ضرورة التوقيع على محاضر الجلسات، وهي التي يجب أن تضم نسخاً منها إلى الكتيب. هذه الـ«يجب» التي يقولها العارفون في شؤون البلدية، توصلنا إلى السؤال الثاني عن مدى شرعية القرارات، وقانونية المحضر. في المبدأ، عدم توقيع جميع الأعضاء الحاضرين لا يلغي شرعية القرارات التي تؤخذ في الجلسة، ذلك أنه بحسب قانون البلديات، مجرد التصويت العلني لمجموعة «النصف زائداً واحداً من الأعضاء يضفي الشرعية على القرارات المتخّذة». هذا الوجود يلغي أي أثر سلبي في ما يخص ما يتخذ في الجلسة. لكن، ثمة مادة تفرض توقيع جميع الحاضرين، إن كانوا النصف زائداً واحداً أو النصف زائداً اثنين، فهذه المادة تفرض «ختم المحاضر حرصاً على عدم إضافة أي بنود جديدة من خارج جدول الأعمال»، حسب ما يشير أحد الخبراء القانونيين. فبحسب المادة 46 من القانون نفسه، يجب أن «ينظّم محضر بكل جلسة ويتلى في نهايتها وأن يوقّع عليه في الجلسة نفسها جميع الأعضاء الحاضرين، وذكر تحفظاتهم إذا طلبوا ذلك». ولئن كانت البلدية تؤكد أن كل محاضرها توقّع، إلا أنها لم تذكر أنه يتم ذلك في الجلسة نفسها. وهنا، تجدر الإشارة إلى أن بعض الأعضاء لم يوقّعوا منذ سبعة أشهر على المحاضر. وإذا كان ذلك لا يؤثر في شرعية القرارات، إلا أن هناك احتمال إضافة قرارات جديدة إلى المحضر لاحقاً، كما في النموذج الذي نورده أدناه. ففي 26 تشرين الثاني الماضي، عقدت البلدية جلستها الأسبوعية، ونوقشت خلالها سلسلة من البنود، ومنها «بند الموافقة على محضر لجنة المناقصات البلدية عدد 129 التي عقدت بتاريخ 25 من الشهر نفسه». وقد تقرر في هذه الجلسة إعلان «العارض مؤسسة NFA ملتزماً مؤقتاً لهذه الصفقة بقيمة إجمالية قدرها مليار و144 مليون ليرة لبنانية، بما فيها الضريبة على القيمة المضافة». وفي الوقت نفسه، ورد بند آخر يقضي بأن «يتم التلزيم لمدة سنة واحدة فقط إلى حين الانتهاء من إعداد دفتر شروط شامل للواجهة البحرية في مدينة بيروت الممتدة من السان جورج إلى السمرلند». ثم يضيف «وبناءً على اجتماع المكلّف من البلدية بمتابعة الموضوع، أشارت مؤسسة NFA بتاريخ 26 تشرين الثاني إلى الموافقة على تحديد مدة الالتزام بسنة واحدة لتصبح قيمة عرضها 427 مليون ليرة لبنانية، بما فيها الضريبة على القيمة المضافة». هنا، وبعيداً عن هذا الخفض المخالف للمادة 13 من دفتر الشروط وحتى مواصفات المتعهد، تجدر الإشارة إلى أنه جرى تمرير أحد البندين من خارج الجدول.