ليست المرّة الأولى التي يهرب فيها رجال الأمّن المكلّفون تطبيق القانون من المخالفين له. فالمتابع للأحداث يحصي عشرات الاعتداءات اليومية على عناصر القوى الأمنية أثناء محاولتهم قمع المخالفات، وتحديداً المتعلّق منها بالبناء. السيناريو الذي يتكرّر يومياً بات ظاهرة يتندّر بها كثيرون، إذ حالما تصل الدورية الأمنية المكلّفة قمع المخالفة يتجمهر عشرات النسوة والأطفال ليرشقوها بالحجارة.
في معظم الأحيان، تنسحب القوّة الأمنية، لكن إن لم تفعل، يستدعي المخالفون التعزيزات ليحضر الرجال مدجّجين بالعصيّ والأسلحة الحربية. يُحطّمون سيارة حماة الأمن الداخلي، وإن استلزم الأمر، «يبلّون» أيديهم بالعسكري الخائف ويشبعونه ضرباً. الاعتداءات على العناصر الأمنيّين لم تعُد تقتصر على الضرب بالأيدي، بل تعدّتها ليدخل الرصاص عاملاً أساسياً فيها.
وبالتالي، صارت هذه الأحداث تُمثّل رادعاً للضباط المسؤولين، ما قد يمنعهم من التجرّؤ وتطبيق القانون. المسؤولية يتقاسمها ضبّاط هذه المؤسسة والقيمون عليها. فالاستنسابية في تطبيق القانون والرشى العلنية التي يتردّد أن مواطنين يدفعونها لرائد أو عقيد، انعكستا سلباً على الضبّاط الشرفاء. ذهب الصالح منهم بجريرة الطالح، فاختلط الأمر على مواطنين اعتادوا أن كل شيء يُشترى في هذا الوطن.
أمّا مسؤولية حماية ضبّاط هذه المديرية، فقضية وضعها مسؤولون رفيعون في مؤسسة قوى الأمن في عهدة العناية الإلهية منذ زمن. ليُصبح بعدها رجال قوى الأمن مكسر عصا، حيث باتوا الحلقة الأضعف، التي يستهدفها مواطنون مستغلّين هزالها لإمرار مخالفاتهم.
ففي عُرف هؤلاء لا يُطبّق القانون إلا على الضعفاء، وهم ليسوا كذلك أمام رجال أمن يبحثون عن الهيبة. يبحثون عن الدعم من مؤسسة أمنية لا تجد من يحميها.