تحتفظ السفارة السويسرية في بيروت، منذ أكثر من أسبوعين، بالفتاتين م. ط. (17 عاماً)، وشقيقتها آ. ط. (15 عاماً)، وذلك بموجب قرار صادر عن قاضي الأحداث في البقاع محمد سلام، الذي اتخذه بغية بتّ دعوى استردادهما المقامة من والدتهما السويسرية. وهنا يُشار إلى أن الفتاتين تحملان الجنسية السويسرية.عائلة ط. البقاعية التي تنتمي إليها الفتاتان رأت أن قرار قاضي الأحداث «قرار مشبوه»، وبدا الغضب واضحاً عند الكلام عليه. كان القاضي قد أمر بتسليم الفتاتين إلى السفارة السويسرية في بيروت، التي حاولت بدورها سريعاً إخراجهما من لبنان، إلا أن والد الفتاتين ـــــ الذي يعيش في سويسرا ـــــ استصدر قراراً يمنع سفرهما من لبنان.
مختار بلدة بريتال أحمد طليس، المتابع للقضية، شرح لـ«الأخبار» أن القصة بدأت منذ سنتين بعدما انفصل والدا الفتاتين، وأقدم الأب على إرسال ابنتيه للعيش في منزل أهله في بريتال. يضيف المختار أن الزوجة «حاولت اختطافهما في شهر نيسان 2010 من أحد متنزهات مدينة بعلبك، لكنّ محاولتها باءت بالفشل». أضاف طليس أن الاتصال بالفتاتين مقطوع منذ أسبوعين، وأن معلومات توافرت أول من أمس لمحامي العائلة من السفارة السويسرية في بيروت، مفادها أن الفتاتين موجودتان «إما في السفارة، وإما في أحد المباني التابعة لها»، وأن السفيرة السويسرية الموجودة خلال هذه الفترة في لبنان، تؤكد أنها «تسعى لحل المشكلة ومعالجتها في أسرع وقت ممكن». بعض أهالي بريتال تحدثوا بلهجة غضب عالية؛ المختار طليس رأى أن الفتاتين بمثابة «رهينتين مختطفتين من قبل السفارة السويسرية»، في الوقت الذي لم تتوافر فيه معلومات عن الوالد في سويسرا، الذي أكد في اتصال أخير معه قبل أيام أن الشرطة أرسلت في طلبه، وفتّشت منزله بحثاً عن أوراق معينة، ومن ثم اقتيد إلى مركز شرطة «سان فالن».
وُزّع بيان في بريتال يحمل عنوان «السفارة السويسرية تحتفظ برهينتين لبنانيتين»، وعليه توقيع الوصيّ الشرعي على الفتاتين عبد الله ط. ومخاتير بلدة بريتال، أكدوا فيه أن السفارة السويسرية تتحمل مسؤولية ما يمكن أن تتعرض له الفتاتان، مع الإشارة إلى الخوف الشديد الذي يعتري العائلة، سواء على مصير ابنهم في سويسرا، أو بالنسبة إلى الفتاتين اللتين من الممكن أن تسعى السفارة السويسرية إلى إخراجهما من لبنان «بطريقة غير شرعية»، وفق موقّعي البيان. لذلك، ناشدت عائلة ط. والمتضامنون معها الدولة اللبنانية ووزارة الخارجية خصوصاً إيلاء القضية الأهمية الكافية باعتبارها «قضية وطنية»، والعمل على معالجتها بسرعة، «وإلا فإن التصعيد سيكون سيد الموقف ما لم يطلق سراح الوالد، وتعد الفتاتان إلى حضن العائلة في بلدتهما بريتال، بحسب البيان.
محام (رفض ذكر اسمه لاعتبارات وظيفية)، أوضح لـ«الأخبار» أن المسألة المطروحة تحمل في طيّاتها «نزاعاً قانونياً»، وهو ما يسمّى بـ«تنازع القوانين»، حيث لا يمكن بتّها بسهولة ما لم تراع فيها الناحية الإنسانية القائمة على التراضي بين الطرفين المتنازعين، الوالد والوالدة، اللذين يحملان بدورهما الجنسية السويسرية. وقد شرح المحامي أن قرار قاضي الأحداث المتّخذ بحق الفتاتين يعدّ «قانونياً»، وتعليل ذلك أن الفتاتين تحملان الجنسية السويسرية، وتسليمهما للسفارة يعدّ أيضاً شرعياً. إلا أنه لفت، من جهة ثانية، إلى أن تصرف الأب الاستباقي هو خطوة صحيحة لجهة حماية ابنتيه، وذلك يظهر من خلال استصداره قراراً من المحكمة الجعفرية يمنع سفر الفتاتين القاصرتين، بناءً على الولاية الجبرية الممنوحة له بموجب النصوص القانونية. من جهة ثانية، لفت تربويون إلى أن الفتاتين في لبنان تعيشان بعيداً عن والدهما ووالدتهما، ولذلك تأثيرات سيّئة عليهما.