أُحيل العميد أنطوان شكّور على التقاعد ليحل مكانه لنحو ثلاثة أيام العميد علي خليفة، قبل أن يتسلّم زمام قيادة الدرك بالوكالة العميد صلاح جبران. قيادة الدرك السابقة كانت «عصيّة» على بعض قرارات المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي بعدما رأى فيها العميد المتقاعد «مخالفات قانونية» لا يجوز السكوت عنها. حينها، رفض شكّور تنفيذ أوامر فصل الضبّاط لأنها من صلاحيات مجلس القيادة في قوى الأمن، علماً أنّه يحقّ للمدير العام فصل الضبّاط مؤقتاً لمدة ثلاثة أشهر على أن يعودوا إلى مراكزهم لاحقاً. رفض قائد الدرك السابق فصل الضباط لأنه رأى فيها «كيدية» تطال الضباط الرافضين للتعامل مع «فرع المعلومات»، فضلاً عن أنها تريد فرض أمر واقع يقوم وفق قاعدة: «من يتعامل مع فرع المعلومات يُرض عنه ومن لا يتعاون يُستبعد». الأمر الحاصل استفزّ العميد شكّور الذي رأى حينها أنّه يُجرّد من ضبّاطه بطريقة غير قانونية، رادّاً الأسباب إلى إجراءات انتقامية من الضباط لخلفيات طائفية خدمة لشعبة غير قانونية. فكان أن رفض شكور عشرات قرارات الفصل، ولم يكتف بذلك، بل منع تسلّم قيادة الدرك لأي برقية أو مراسلة أو بريد مصدره «شعبة المعلومات غير القانونية»، وكان لا يمرّ من المراسلات غير تلك الآتية عبر شعبة الخدمة والعمليات التي يتبع لها فرع المعلومات قانوناً.
تراكمت أوامر المدير العام، ومعها المراسلات الصادرة عن فرع المعلومات، من دون أن تصل إلى أدراج قيادة الدرك. غادر شكّور بعد إحالته على التقاعد، فحلّ مكانه العميد علي خليفة بوصفه الأعلى تراتبية حيث شغل قيادة الدرك لنحو ثلاثة أيام قبل أن يأتي تمنّي البطريرك على رئيس الجمهورية لتعيين ماروني مكان الماروني أُسوة بما حصل عندما عيّن اللواء ريفي ضابطاً سنياً في قيادة شرطة بيروت بدلاً من السني المحال على التقاعد.
لم يستجب ريفي للتمنّي إلا بعد توسط الرئيس سعد الحريري، عندها عُيّن العميد صلاح جبران قائداً للدرك بالوكالة. تشير المعلومات إلى أن العميد علي خليفة أصدر قبل ساعتين من تسلّم العميد جبران أمراً خطياً ألغى فيه قرارات قائد الدرك السابقة. تلتها برقية ممهورة بعبارة: معجّل جداً عن المدير العام لقوى الأمن الداخلي، «يطلب فيها إلى قيادة وحدة الدرك الإقليمي تنفيذ كل أوامر الفصل الصادرة عن هذه المديرية العامة والتي لم تُنفّذ لغاية تاريخه 26/03/2011».
طُرح تساؤل حيال مصير الأوامر علماً أنها منتهية المفعول، فكان الجواب بأنها ستُنفّذ، أو بالأحرى قيل إنها نُفّذت. المعلومات المتداولة تحكي عن تقاذف مسؤولية تنفيذ قرارات الفصل بعدما نفت أوساط خليفة أن يكون قد اتّخذ أي قرار في هذا الخصوص.
من جهة أخرى، انقسمت الرؤية حيال موقف العميد صلاح جبران، فتارة ذُكر أنه نفّذ القرارات رغم عدم قانونيتها بإيعاز من وزير الداخلية والبلديات الذي يريد تلافي تجدد المشكلة القديمة.
وتارة أخرى، ينقل مسؤول أمني لـ«الأخبار»، أن العميد جبران نفّذ قرارات الفصل لكونه لا يملك خياراً آخر، إذ لو لم يُنفِّذ جبران قرارات المدير العام، فإن ذلك لن يُكلّف الأخير غير برقية إلغاء فصله قبل أن يضعه في تصرّفه.
وبين هذه وتلك، يبرز موقف مسؤول أمني آخر يرى أن توافق الأطراف السياسية على تسمية العميد جبران قائداً للدرك ينفي الفرضية الأخيرة لجهة انصياعه لأوامر اللواء خوفاً على مركزه، ويُعزّز ما سيق حول إخلاء مسؤولية العميد جبران إذ إنّ من ألغى أوامر شكّور كان العميد خليفة، وبالتالي لا يتحمّل جبران سوى وزر المضي قدماً في تنفيذ هذه القرارات، إلا إذا حاز موافقة أطراف المعارضة على ذلك.



لقطة

مشكلة مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي قديمة جديدة. يُفتح ملفّها عند كل منعطف، فتكون مجالاً يُلقي من خلاله كُثر المسؤولية على كاهل وزير الداخلية والبلديات زياد بارود باعتباره المسؤول الأول عن المديرية العام لقوى الأمن الداخلي، علماً بأن مديرها العام يخضع له مباشرةً بحكم قانون تنظيم قوى الأمن.
يتّهم هؤلاء بارود بالتقصير لا لعلّة فيه، بل لكونه يواجه وحيداً ما يفوق قدرته على الاحتمال، إذ يُحكى اليوم عن مخالفات قانونية تحصل على مرأى من الوزير بارود، لكن أوساط وزارة الداخلية تنفي علم الوزير بارود بما يجري، باعتبار أن الأوامر شأنٌ داخلي بين قطعات قوى الأمن والوزير يتحرّك عند معرفته بالمخالفة.
من جهة أخرى، تناقش أوساط اللواء أشرف ريفي في قانونيةِ ما يُتّخذ من أوامر، فترى أن مصلحة المؤسسة تقتضي المرونة في التعامل لضمان حُسن سيرها.
وتنفي الأوساط نفسها ما يُساق حيال تخطّي ريفي صلاحياته باعتبار أنّ مجلس القيادة غير قائم، وبالتالي يملك المدير العام حق اتّخاذ ما يلزم لتسيير الأمور.