منذ تولّيه رئاسة البلدية، اكتشف بيتر البايع أنه سيحتاج إلى الكثير من العمل، فهو تسلّم «شبه بلدية» بحسب قوله «لا مشاريع مستقبلية، لا أموال في الصندوق، مبنى بلدي مهمل، بالكاد تستطيع الدخول إليه، لا بل أكثر من ذلك كلّه، الديون التي ترزح البلدية تحت وطأتها». في واقع مماثل، يرى أنه «لا يمكن تطبيق أسلوب الإنماء المتّبع في مختلف بلدان العالم، فالجغرافيا مختلفة، وكذلك ثقافة السكان، وخصوصاً لناحية التعاطي مع البلدية وإداراتها. صحيح أن المواطنين يعرفون جيداً القوانين، لكنهم لا يرغبون في تطبيقها، إنهم ينتظرون الكثير من البلدية، ولا أحد يقوم بما يجب عليه»، وإن كان البايع يعترف بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها المواطنون «معظمهم لا قدرة لهم على سدّ نواقصهم وحاجاتهم الأساسية، لذلك لا يمكن تطبيق قانون الجباية على جميع المكلّفين بالتساوي». ليست هذه المشكلةَ الرئيسيةَ التي يعانيها المجلس البلدي، وإن كان الحديث قد انطلق منها. بالنسبة إلى البايع، تبدأ المشكلة منذ دخول المجلس البلدي «لم يكن الوضع سليماً منذ تسلّمنا الرئاسة. فالمبنى كان مهملاً على نحو كبير، والموظفون لم يكونوا قد تقاضوا رواتبهم منذ خمسة أشهر». لذلك كانت المهمة الأولى «تأهيل مبنى البلدية لكي نستطيع الانطلاق بزخم. أعدنا ترتيب غرف المكاتب، وأوجدنا غرفة مخصصة للاجتماعات، إضافةً إلى دفع الرواتب المتأخرة للموظفين وتعزيز قدراتهم الإدارية».
بعدها انطلق العمل، وبرزت حاجة هذه البلدة الزغرتاوية الكبيرة إلى الكثير من الأمور: «كلّ القطاعات فيها ناقصة أو تحتاج إلى إعادة تأهيل. البنى التحتية كانت الهاجس الأكبر». ذلك أن واحدة من أبرز المشاكل التي تعانيها البلدة هي مشكلة الصرف الصحي، الذي وصل عمره إلى حدود الخمسين عاماً، من دون أن يطرأ عليه أي تحديث «وقتها كانت البلدة صغيرة جداً، وعندما نُفّذ مشروع الصرف الصحي فيها كان عدد منازلها لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة. اليوم زاد عدد الوحدات السكنية على نحو كبير جداً، واتسعت رقعة السكن فيها، واستحدثت أماكن جديدة مخصصة للبناء، ولم يطرأ أي تعديل على شبكة الصرف الصحي التي بقيت على حالها». ويلفت البايع إلى وجود «شبكة كانت البلدية السابقة قد باشرت تنفيذها لكنها لم تُستكمل، وبالتالي لا يمكن الاستفادة منها على نحو كامل، ونحن الآن نعمل على تأهيل ما يمكن تأهيله من الشبكة القديمة، ريثما تُنجَز الشبكة الحديثة بالكامل».
وتأتي مشكلة النفايات لترتب أعباءً كبيرة، فالمبلغ الذي يعود إليها من الصندوق البلدي المستقل لا يتعدّى الـ75 مليون ليرة سنوياً «ندفع نحو 50 مليون ليرة فقط لتأمين جمع النفايات وإيصالها الى المكبّ، كلّ ما يبقى لنا هو بحدود 25مليوناً لا تكفي رواتب للموظفين». يضاف إليها نحو 25مليوناً من الجبايات التي تحسنت أخيراً «وصلت إلى حدود الـ30%، علماً بأنها كانت صفراً عندما تسلّمنا»، لكن هذا المبلغ يبقى «غير كاف للقيام بمهمّات البلدية على نحو كامل، لذلك ننفّذ ما نراه مهماً أو يمثّل أولوية للناس».
هذا الواقع يحدّ من طموحات المجلس البلدي الكبيرة لأن «ما تحتاج إليه البلدة من مشاريع أكبر بكثير، لكن لا قدرة للبلدية على تنفيذها، لذلك نحن نعوّل كثيراً على ما يمكن أن تعطينا إيّاه وزارات الدولة، مستندين إلى الدعم السياسي الذي يرافقنا منذ الانتخابات البلدية». من أهم هذه المشاريع «شق طريق جديدة تختصر المسافة بين سكان كفردلاقوس وتحدّ من انفلاشها، استحداث جسر يربط ضفتي النهر لتأمين التواصل بين السكان ويوفر عليهم سلوك طرقات طويلة عبر البلدات المجاورة».
تمتاز كفردلاقوس بأنها مدخل أساسي إلى قرى وبلدات القضاء الساحلية عبر مدينة زغرتا، وهي من مؤسسي «اتحاد بلديات زغرتا». وفي هذا الإطار يستغرب البايع التأخير الحاصل من جانب الاتحاد في تمويل المشاريع «حتى الآن لم نحصل على أيّ مشروع من الاتحاد رغم الوعود التي أطلقها رئيسه طوني سليمان لإنماء البلدة وتوفير المشاريع لها». وإن لم يخف تقصير كفردلاقوس في واجباتها تجاه الاتحاد «صحيح أننا لم ندفع ما يستحق علينا من مستحقات، إلا أن هذا لا يبرّر التأخير في المباشرة بتمويل المشاريع رغم انقضاء أكثر من تسعة أشهر على الانتخابات البلدية الأخيرة»، كما لا يجد البايع مبرراً للتقصير الكبير الذي يلحظه من الاتحاد في حق قرى القضاء، وخصوصاً الإجحاف الحاصل بحق كفردلاقوس، مستشهداً بواقعة «لقد حصلنا من الاتحاد على 12 لمبة لإنارة شوارع البلدة التي تعدّ الأكبر عقارياً في قضاء زغرتا، فيما حصلت أصغر بلديات زغرتا على نحو 100 لمبة للإنارة العامة. هذا غير مقبول، ونحن لا نعرف حتى الآن أين سنضع هذه اللمبات، وما سيكون عليه ردّ فعل السكان، لذلك فضّلنا أن نتركها في مخزن البلدية حتى تتوافر الكمية الكاملة لتركيبها».
قطاع مياه الشفة في البلدة ليس أفضل حالاً من غيره، وعملية توسيع الطريق الرئيسية في البلدة قد تمثّل فرصة حقيقية لإعادة تأهيل شبكة المياه «عندما سنبدأ عملية توسيع الطريق سنستبدل قساطل مياه الشفة بالكامل، وحتى قساطل الصرف الصحي، وقد انتهينا من عملية الاستملاك في بعض الأماكن». ويوضح البايع: «مياه الشفة في كفردلاقوس تابعة لمؤسسة مياه لبنان الشمالي، لكنها إذا لم تبادر إلى تجديد قساطل مياه الشفة وتأمين المياه إلى المنازل، فنحن لن ننتظرها، لأن هذا العمل يجب أن يسبق عملية تأهيل الطريق الدائري، وبالتالي أعمال الحفر يجب أن تكون قد انتهت قبل البدء بعملية التعبيد»، لافتاً إلى أن مصلحة المياه في زغرتا «لا همّ لها سوى الجباية من دون أن تقدّم أيّ خدمة إلى المواطنين، علماً بأننا وُعدنا بعد عدة مراجعات للمصلحة بأن يتحسّن الوضع، لكننا لم نلمس شيئاً حتى الآن، وقد رفعنا كتاباً إلى قائمقام زغرتا طالبنا فيه بتحسين قطاع مياه الشفة».
وكما كلّ البلديات الواقعة على الطريق الدائرية، تحتاج طرقاتها الرئيسية إلى الكثير من الصيانة، بعدما ملأتها الحفر وأصبحت تمثّل خطراً حقيقياً على السيارات والباصات المدرسية التي تسلكها يومياً. ويبقى الأمل بتنفيذ مشروع تعبيد الطريق الدائرية بالكامل، الذي وُعدت البلديات التي يمرّ بها الطريق بتنفيذه قريباً، علماً بأن ضيق الطرقات في بعض الأحياء، استدعى تدخلاً مباشراً من البلدية من أجل تلافي زحمة السير التي كانت تحدث مراراً على خط كفردلاقوس ـــــ بيادر رشعين. يقول البايع: «يؤدي توقف السيارات العشوائي أمام المنازل السكنية على جانبي الطريق الرئيسية إلى زحمة السير هذه، من هنا لجأت البلدية إلى إيجاد قطعة أرض قريبة من الأحياء السكنية، وحوّلتها إلى موقف للسيارات التابعة لتلك المساكن، وقد ساعدنا الاتحاد بتأمين الزفت من أجل تعبيدها، الأمر الذي سهّل عملية مرور السيارات والباصات المدرسية بطريقة ملحوظة».



بين المسجّلين والمقيمين

تعدّ بلدية كفردلاقوس واحدة من كبرى بلديات قضاء زغرتا، إذ تصل مساحتها إلى نحو 3,2 كلم2. هذه المساحة متداخلة عقارياً مع عدد من بلدات الجوار وقراه. يشرح البايع: «هناك منازل سكنية تابعة لبلدية كفردلاقوس واقعة في مدينة زغرتا، مروراً بالمرداشية، دير مار سركيس وباخوس، شارع البطريرك اسطفان الدويهي، وكذلك في بلدتي حرف أرده وأرده في القضاء، وصولاً الى بلدة دير نبوح في قضاء الضنية». وهذا يعني أن البلدية «تؤمّن خدمات لأكثر من 5 آلاف نسمة، أي نحو 800 مكلّف، معظمهم ليسوا من كفردلاقوس، ونفوسهم موجودة في بلدات أخرى متداخلة عقارياً مع بلدتنا، هذا فيما الدولة تدفع لنا من الصندوق البلدي المستقل بحسب عدد السكان المسجّلين في البلدة الذين لا يتجاوز عددهم ألف نسمة».