مطلع شهر شباط الماضي، هدّد السائقون العموميون في طرابلس بعد اعتصام نفذوه أمام مقر نقابتهم، بتنظيم تحرك احتجاجي في وجه البلدية التي تتلكأ، وفق رأيهم، في إصلاح الحفر المتكاثرة في شوارع المدينة، الرئيسية والفرعية منها على حد سواء، التي تلحق أشد الضرر بسياراتهم، لافتين يومها إلى أنّ تحرّكهم سيجري تحت شعار «السائقون يريدون إسقاط البلدية!».لكنّ تدخّلات واتصالات عديدة جرت حينها، دفعت السائقين إلى تأجيل تحرّكهم الذي كانوا يزمعون القيام به، في موازاة بروز «انقسام» في مقاربة الموضوع بين نقابتين للسائقين العموميّين في طرابلس: «نقابة السائقين العموميين» و«نقابة السواقين العموميين». وتبين أن الانقسام ناتج من تباين الخلفيات السياسية بين مرجعيّتي النقابتين. ففيما انتقد «السائقون» البلدية على تقصيرها، رأى «السواقون» أنها «تقوم بواجبها، لكن المسؤليات المترتبة عليها أكبر من إمكاناتها، وأن آخرين غيرها يتحملون مسؤولية الحفر في شوارع المدينة».
أول من أمس عاد هذا السجال إلى الظهور مجدداً، مع اعتصام ثان نفذه السائقون في ساحة التل، احتجاجاً على «تزايد أعمال الحفر في شوارع المدينة، لتنفيذ مشاريع معينة، من دون القيام بأعمال التزفيت أو حتى ترقيعها»، حسب قول رئيس نقابة السائقين أحمد خضور زبيدي.
زبيدي أشار إلى أن «تعليق التحرّك السابق جرى بعد ترقيع بعض الحفر، فأحسنّا الظنّ بأن العمل سينجز، لكن بعد أيام قليلة تبين لنا أن الترقيع كان نتيجة اجتماع عقدته بلدية طرابلس مع بعض أبناء المدينة لمتابعة شؤون تهم مناطقهم!». عند هذا الحدّ يرفع زبيدي صوته، ليقول إن الحفر في الشوارع كانت بنسبة 50 % تقريباً، لكن بعد تعليق الإضراب أصبحت 70 %»، عادّاً ذلك «مؤشراً على إهمال البلدية شؤون المواطنين وتأهيل الطرقات لهم، بعدما أصبحت فاتورة إصلاح سياراتنا تفوق نصف مدخولنا، وبتنا نستدين حتى نؤمن مصروفنا اليومي لنا ولعائلاتنا». رئيس البلدية نادر غزال نال حصة وافرة من الانتقادات التي كالها له السائقون، متحدّثين عن «كثرة أسفاره والتفرغ لمشاريعه الخاصة على حساب مصالح المدينة وأهلها، الذين لا يرونه عندما يحتاجون إليه إلا نادراً». وتوجه إليه زبيدي بالقول: «هل تظن أننا سوف ننتظرك حتى تكمل عهدك بهذا الإهمال الحاصل لمدينة طرابلس، التي لم تعد فيحاء بوجودك»، محذراً من أنه «إنْ لم تستقم الأمور فلا حاجة لنا بك، وكن على ثقة بأننا لن نرضى بوجودك على رأس البلدية ومعنا أبناء طرابلس الشرفاء»، وداعياً أبناء طرابلس إلى التجمّع يوم الأربعاء في 20 الجاري في ساحة جمال عبد الناصر (التل)، للانطلاق في تظاهرة نحو البلدية «للتعبير عن الاستياء» من رئيسها.
غزال ردّ على هذه الاتهامات في حديث لـ«الأخبار» أوضح فيه أن لديه «خطة لتزفيت شوارع في المدينة بتكلفة تصل إلى 4 مليارات ليرة»، نافياً وجود «أي تقصير من جانبنا في هذا الشأن، إلا أن الأمور لا تعالَج بكبسة زر». ولفت إلى أن «البلدية تنتظر مساعدة، وقراراً يصدر من وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي لبتّ هذا الموضوع».
يذكر أن التحرك الأخير للسائقين، كانت قد سبقته شكاوى عديدة رفعها مواطنون في مدينتي طرابلس والميناء إلى رئيسي البلديّتين، غزال ومحمد عيسى، أعربوا فيها عن تذمرهم واستيائهم الشديد من الانتشار الواسع للحفر في مختلف الشوارع، الرئيسية منها والفرعية، نتيجة تنفيذ بعض الشركات المتعهدة مشاريع أو إصلاح وإعادة تأهيل للبنى التحتية، إنما من غير طمر هذه الحفر وإعادة تزفيتها، ما حوّل هذه الحفر إلى مصائد للسيارات، تكبّد أصحابها خسائر مالية كبيرة.
وقد تلقى كلّ من غزال وعيسى في الآونة الأخيرة، عشرات الكتب من مواطنين ومن أعضاء في المجلس البلدي، فضلاً عن شكاوى شفهية، تطالبهما «بالإسراع في تدارك الأمور والتجاوب مع نداءات المواطنين، لتجنيبهم وسياراتهم وأرزاقهم الضرر الكبير الواقع بهم».