انتقلت صلاحيات مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي إلى اللواء أشرف ريفي منذ أن فقد الأخير نصابه بعد إحالة عدد من قادته على التقاعد. شغر مقعدٌ تلو الآخر ليبقى أربعة أعضاء من أصل أحد عشر. الشغور الحاصل وتعذّر انعقاد المجلس وانتقال الصلاحيات وحصرها بيد اللواء ريفي كلّها أمورٌ بدأت تُنذر بحتمية الشلل في جسم المديرية الآخذ في التآكل. التوقّعات «خيّبها» إيجابياً اللواء المتربّع على عرش المديرية، فقد تمكن الأخير من إنجاز عدد من الملفات التي حالت خلافات مجلس القيادة دون إتمامها، بعيداً عن الخوض في قانونية ما اتُّخذ والثغر القانونية التي قد تعتريها.
أمام هذا الكمّ من القرارات، تفاءل كُثر من عسكريّو ورتباء قوى الأمن الداخلي واستبشروا خيراً بأن المدير العام سيُنجز ما علق من ملفات. التفاؤل لم يكن في مكانه هذه المرة لدى عدد من الرتباء، فملف منح المجازين ترقية استثنائية لا يزال «قيد الإنجاز» لاعتبارات لا تزال غير مفهومة لدى هؤلاء الذين يرون أن قراره بمنحهم الترقية الاستثنائية لن يُسجّل عليه كسابقة.
بناءً على ما سبق، يُشار إلى أن الترقيات الاستثنائية في قوى الأمن الداخلي مستمرة منذ ما قبل بدء النزف في مجلس قيادتها الذي تمثل بتقاعد عدد من قادة الوحدات. فقد سبق أن أصدر مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي قراراً قضى بمنح الترقية لـ 21 رتيباً بصفة استثنائية، إذ رقّوا إلى رتبة أعلى لحيازتهم شهادة ما فوق الجامعية (شهادتي الماجستير والدكتوراه)، رغم عدم وجود نص قانوني يُجيز ذلك. الترقية الاستثنائية الحاصلة أُقرّت في عهد وزير الداخلية الأسبق حسن عكيف السبع، الذي كان صهره في عداد الحائزين الترقية الاستثنائية لتُعرف الدورة في أروقة المديرية باسم هذا الرتيب.
قرار الترقية الحاصل لم يكن الوحيد، فمنذ أشهر توالت القرارات الصادرة عن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، أهمها تعيين نحو أربعة آلاف رقيب ودركي ممن سبق أن تقدموا للتطوع دون أن يخضعوا للامتحانات الخطية التي نص عليها القانون، رغم أن اللواء ريفي يرى أنها ميثاقية لأنها تحقق التوازن الطائفي في المؤسسة. تبع القرار الحاصل عدد من القرارات، كان آخرها أمس، حمل الرقم 276 بعنوان خفض مدة الترقية لرقباء ووضعهم على جدول الترقية وترقيتهم استثنائياً لرتبة أعلى. وبمعنى آخر قضى القرار بمنح أقدمية سنتين لخمسة وستين رتيباً كانوا قد دخلوا السلك بصفة مجندين معاونين بعد نقلهم من الخدمة في الجيش. وكان قد سبق تثبيت هؤلاء مع الذين ثُبّتوا بصفة رقيب، باعتبار أنه لا يمكن تعيينهم بصفة معاون وفقاً لأحكام قانون الـ 17 الخاص بتنظيم قوى الأمن الداخلي لأن أياً من مواده لا تلحظ دخول السلك بهذه الرتبة. ولعدم هدر الحقوق، ونتيجة لمطالبة هؤلاء وحصولهم على وعود الضبّاط، ارتأى المدير العام منحهم أقدمية سنتين ووضعهم على جدول الترقية، بدءاً من أمس لتصبح رتبتهم رقيباً أول.
رغم هذا الكم من القرارات المنجزة، بأمر من سعادة اللواء، لا يزال الرتباء من حملة الإجازة الجامعية في هذه المؤسسة، الذين لا يتعدى عددهم الـ 500 رتيب، يعيشون على وعود قطعها اللواء بمنحهم الترقية الاستثنائية، أمام وفود كانت قد زارته لهذه الغاية. وبانتظار ذلك، ستبقى حقوق هؤلاء مهدورة.
من جهة أخرى، يحكى في الكواليس عن عرقلة في شعبة العديد مسؤولٌ عنها مجهولون. فهؤلاء يتكتّمون عن المعطيات الحقيقية بشأن عدد المجازين لأسباب طائفية محضة، باعتبار أن عدد المسلمين الذين سيحوزون الترقية أكثر من زملائهم المسيحيين، علماً بأن هذه الرتب لم تكن يوماً خاضعة، لا عرفاً ولا قانوناً، لاعتبارات طائفية أو مذهبية على مدى تاريخ هذه المؤسسة، باعتبار أن هؤلاء موجودون أصلاً في السلك، ولن يؤثروا سلباً على عمل المؤسسة، بل على العكس، إذ إن إنصاف هؤلاء يمكن أن يترك أثراً إيجابياً لناحية تعزيز المعرفة والعلم وفق توصيف اللواء ريفي نفسه. لقد خلق هذا الموضوع تشنجاً لدى هؤلاء المجازين الذين هم بصدد التقدم بشكوى إلى مجلس شورى الدولة لتحصيل هذا الحق، رغم تأكيدهم أن عيونهم لا تزال شاخصة نحو مكتب اللواء، فهم يتوقعون أن يُنهي هذا الموضوع، كما سبق أن وعد، أسوة بغيره من الملفات التي أنجزها.
يُفترض أن يكون الملف قد أصبح بعهدة اللواء ريفي، حيث سيصار إلى مناقشته مع عدد من الضباط، قبل أن يحسم المدير أمره في هذا الملف الذي يرجى أن يكون على قدر التمنيات.



لقطة

ثمّة أكثر من ثلاثة آلاف رتيب في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ممن أتمّوا القدم العادية للترقية وزادوا عليها نحو سنة من الخدمة، لكنه لم يصر إلى فتح دورات ترقية لهم. ويصف هؤلاء ما يجري حولهم بالإجحاف والغبن النازلَين بحقّهم، ولا سيّما أنهم فوجئوا بتعيين رتباء جدد وآخرين مجندين دون أن تشملهم التفاتة لمعالجة وضعهم المستجد. ويرفع عدد من هؤلاء شكواهم عبر «الأخبار»، مشيرين إلى أن وضعهم صار مشابهاً لوضع الرتباء المعيّنين حديثاً. والجدير ذكره أن الإشكالية الحاصلة خلقت حالاً من الإحباط لدى هؤلاء الذين لا يجدون بيدهم حيلة غير رفع أيديهم إلى الله بالدعاء لعلّه يستجيب لهم ويوحي للواء ريفي حتى يشملهم أحد القرارات المتّخذة.



لا ترقية استثنائية لحملة الشهادات

ذكر مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار» أن أجواء المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، إيجابية لجهة السعي الجدي إلى معالجة مسألة منح الترقية الاستثنائية للرتباء المجازين، الأمر الذي أكدته أوساط اللواء ريفي، لافتة إلى أن ضغط الملفات يؤخر صدور القرار رغم أهميته. وأشارت الأوساط المذكورة إلى أنه تجري دراسة الملف أملاً في أن يصل إلى خواتيمه الإيجابية. في المقابل، ذكر مسؤول أمني آخر أن ما يعوق اللواء عن حسم الأمر هو اعتباره أن اتخاذ هذا القرار بمنح ترقية استثنائية هو من صلاحية مجلس القيادة. وأضاف آخر أن هناك عقبة قانونية تعترض طريق إبصار القرار النور، حيث لفت المسؤول المذكور إلى أن قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي، لم يلحظ مسألة منح قدم أو ترقية استثنائيين لحملة الشهادات الجامعية.