«طرخشقون حلبي». ليس ذلك تعبيراً طلسمياً في لغة المنجّمين والسحرة، بل هو الاسم الحقيقي والمتداول في لبنان وسوريا لنبتة «المخّه بعبّه» التي يعرفها البقاعيون وأهالي الجرود أكثر من غيرهم من اللبنانيين. أما اسمها العلمي فهو «Taraxacum Apleppicum». هي نبتة برّية كثيرة التفرع، تنمو في جرود البلدات البقاعية بين الصخور، وبين أجباب نبتة البلان وأشجار السنديان. تشتهر بطعمها اللذيذ، وباسمها الذي يحار البعض في تفسيره. فتلك التسمية تعود، بحسب الحاجة زينب سليمان، إلى أن فيزيزلوجية النبتة، التي، بمجرد انتزاعها من الأرض وفصلها عن جذرها، تلتفّ فروعها ببطء على وسطها، ليصبح «مخّها داخل عبها» بحسب التعبير الدارج، كما تقول سليمان. وعلى الرغم من سهولة إعدادها وتجهيزها وجبة غذائية، تكمن الصعوبة في العثور عليها، فتلك عملية فيها الكثير من «المشقة» والتعب. فهي لا تنمو إلا في الأماكن العالية، وخصوصاً تلك التي توجد فيها الصخور، كذلك بين فروع أشجار السنديان في أحراج السلسلة الغربية. بالإضافة إلى كل ذلك، تشير فاطمة حمية إلى أن «العثور على «المخه بعبه» يحتاج إلى مشوار طويل، ومجهود جسدي كبير لتوفير ما يكفي لطبخة واحدة فقط»، علماً بأنه خلال هذه الفترة بالذات، تتوافر النبتة بكثرة «لأنه موسمها»، وبالتالي، يمكن الحصول عليها من الروابي الصغيرة «فلا يستدعي الأمر العناء الكبير» كما تقول السيدة.
بحسب السيدات البقاعيات، نبتة «المخه بعبه» لا تُطبَخ، كما هي الحال بالنسبة إلى بعض أنواع النباتات الربيعية، كالبلغصون والدردرية والهندبة البرية التي تحتاج جميعها الى السلق والطبخ، بل تُعدّ للسلطة فقط،
مثل «قرص العنّة»، فتقطّع خشنةً، أو «تُفرط» فروعها، وتُفرك بالملح بقصد التخلص من المياه الموجودة فيها، وتُقطع البندورة إلى جانبها مع شرحات كبيرة من البصل. في النهاية، يضاف إلى جميع تلك المكوّنات الخل والسماق والثوم والملح وزيت الزيتون، فتصبح السلطة بعدها جاهزة للأكل. وتجدر الإشارة إلى أن البعض يتناولون نبتة «المخه بعبه» بعد «فرط» فروعها، مع الزيتون فقط، أو حتّى إلى جانب بعض الوجبات كالبطاطا المسلوقة، و«المجدرة»، و«البرغل على البندورة»، وغيرها من الوجبات الغذائية التقليدية، كما تشير سليمان.
أما الفوائد الصحية لنبتة «المخه بعبه»، فيمكن اختصارها بأنها نبتة مغذّية بالدرجة الأولى، يقدرّها البقاعيون كثيراً، لإيمانهم أيضاً بأنها مضادة للروماتيزم، وتفيد في تنشيط عمل الكبد.