شكلت صناعة «الملبن» أحد الخيارات المتاحة للتعويض عن تلف موسم التفاح في عكار العتيقة والجوار، إلى جانب عصير التفاح وصناعة الخل والمربيات. فإذا كانت حبات البرد قد أصابت ثمرة التفاح بندوب جعلتها غير صالحة للحفظ أو التسويق، فإن ذلك لا يمنع أبداً من تحويلها إلى ملبن، وهو أمر على أي حال ليس جديداً على الأهالي الذين يقومون به، سواء لمؤونتهم الخاصة أو لبيعه لمحال الحلويات.أم كفاح التي خسرت أسرتها ــ كغيرها من الأسر ــ ربع موسم التفاح، تستعد لصنع كميات من الملبن تضيفها إلى الكميات الباقية منذ العام الماضي. وهو عمل بالنسبة إليها سهل جداً، مقارنة باستخراجه من العنب أو المشمش. وربما هو العمل «الأفيد» من الأعمال الباقية. ففي اعتقادها يمتلك هذا الصنف خواص غذائية جيدة، لأنه يحتفظ بمكونات التفاح الطازج.
ولصناعة الملبن، تختار أم كفاح التفاح الناضج الخالي من الحموضة. تقشّره وتنزع البذور من داخل الثمرة. بعد ذلك، تضيف مقدار كيلوغرام واحد من السكر إلى كل خمسة عشر كيلوغراماً من التفاح، ثم تضيف إلى الخلطة مقدار ليتر من الماء، وتترك المزيج مدة ساعتين من الزمن.
بعد ذلك، يوضع على النار وتبقيه حتى «درجة الاستواء»، أي حتى تصبح قطعة التفاح سهلة «الانفراط» بواسطة الأصابع. وبعد أن يبرد المزيج، تضيف إليه نصف كلغ من طحين القمح. ثم يُطحَن بإحدى أدوات الفرم في المطبخ.
يمدد المزيج بعد طحنه على شرشف من نوع الكتان «يعني من دون وبر»، على أن تكون سماكته بحدود ثلاثة أرباع السنتيمتر، ويوضع تحت الشمس حتى يجفّ (مقدار يومين تقريباً). ثم يقلب الشرشف ومعه المزيج ليجفّ من الجهة الثانية. وبعد ذلك يُقطَّع، لكي يسهل نزع الشرشف عنه من دون أن يتمزق. ثم يطوى ويوضب في علب، ويحفظ في مكان جاف، لأن هذه الطريقة بالحفظ هي الشرط الوحيد لتمديد صلاحية تناوله مدى سنة كاملة.
إضافة إلى خصائصه الغذائية المماثلة للتفاح، يكثر استهلاك الملبن، وخصوصاً لدى المسلمين، لأنه يُعَدّ الأكل المفضل لدى الصائم بعد الإفطار، بالنظر إلى أن الملبن مادة ملينة تساعد على سرعة الهضم. ويقدم الملبن باعتباره من أجود أنواع الحلوى، وأقلها ضرراً، ويصبح لذيذاً جداً إذا ما أضيف إليه الجوز أو اللوز.
وثمة طريقة أخرى ــ تقول أم كفاح ــ لصناعة الملبن، هي مزجه سائلاً مع الجوز. ويحصل ذلك من خلال ثقب حبات الجوز وتحويلها إلى سلسلة من خلال إمرار خيط عبر ثقوب حبات الجوز. ويجري وضع سلسلة الجوز في عصير التفاح وهو يغلي، ثم تسحب السلسلة، وبعد أن تبرد يعاد وضعها في عصير التفاح مرة أخرى. وهذا النوع من الحلوى يقدم في المطاعم وهو غالي الثمن.