مسدسٌ حربي وقناع ووسيلة نقل معززة بجرأةٍ وقّوة قلب. هذه هي فقط عدة «أبطال» عمليات السطو على المصارف. عدة بسيطة، لكنها نجحت حتى الآن في تنفيذ خمس عمليات سطو بأقل خسائر ممكنة. عمليات كان منفّذوها يدخلون المصرف المستهدف فجأة. يبدأون جمع المال بعد تهديد الموظّفين بقوة السلاح ثم يخرجون من دون أن يتمكن أحد من اعتراضهم ليتواروا بعدها. لوجستياً لا يتفوّق المشتبه فيهم على العناصر الأمنية في شيء، لكن تكرار العمليات جعل منها ظاهرة أمنية ناشزة في شهرٍ وُصف بالأمني، ما دفع القوى الأمنية إلى إعلان ما يُشبه حالة طوارئ، إذ باتت تترقّب في كل ساعة وقوع عملية سطو على مصرفٍ ما. أضف إلى ذلك، يبدي أمنيون خشيتهم من أن استمرار الظاهرة على هذا النحو قد يُشجّع آخرين على انتهاج الأسلوب نفسه.
في موازاة ذلك، سرت فرضية أن يكون هؤلاء منتمين إلى مجموعات تكفيرية يلجأون إلى السطو المسلّح بهدف تأمين التمويل الذاتي تمهيداً لتنفيذ عمليات أمنية. الفرضية المتداولة أثارت حالة من الذعر تخوّفاً من عملٍ أمني يُحتمل وقوعه خلال الأيام المقبلة، أسوة بعمليات السطو التي قام بها عناصر تنظيم «فتح الإسلام» على أحد المصارف في منطقة الشمال بهدف توفير مصاريفه لتأمين مستلزمات عسكرية ولوجستية لمقاتليه. لكن هذه الفرضية ما لبثت أن استُبعدت باعتبار أن المؤشر إلى ذلك ضعيف، سواء لناحية الأسلوب الجنائي ونوع السلاح المستخدم، لكونه مسدسات حربية فقط، إضافة إلى ارتداء المنفّذين زيّ راكبي الدراجات النارية، وملاحظة الشهود أن لهجة هؤلاء لبنانية.
أما الجديد في التحقيقات الجارية في عمليات السطو المتسلسلة، فقد علمت «الأخبار» أن أسماء ثلاثة أشخاص من المشاركين في بعض عمليات السطو باتت في حوزة الأجهزة الأمنية. وأوضحت المعلومات أن المشتبه فيهم هم محمد ط. وحسن ع. ومحمد ج.، مشيرة إلى أن هؤلاء استخدموا أموال السرقات لشراء المخدرات. ولفتت إلى أن القوى الأمنية تمكنت من رصد المشتبه فيهم لدى أحد تجّار المخدرات في مخيم برج البراجنة المعروف بـ«الدبدوب». وفي موازاة المعلومات الأمنية، يتردد أن المشتبه فيهم بتنفيذ اثنتين من العمليات توجهوا إثر إحدى العمليات إلى محلة حي السلّم في الضاحية الجنوبية، لا إلى أحد المخيمات مثلاً.
وفي السياق نفسه، تشير المعلومات إلى أن عمليات السلب الأربع التي حصلت خلال شهر تقريباً، تظهر أن مواصفات السالبين وطريقة السلب المستخدمة متشابهة، ما يُرجّح احتمال أن تكون المجموعة المنفّذة عصابة واحدة. ففي المصرف الأول شهر المشتبه فيهم مسدساً حربياً في بهو المصرف من دون أن تقع إصابات. وفي المصرف الثاني أيضاً، تم إطلاق النار في بهو المصرف من دون أن تحصل إصابات. أما في المصرف الثالث، فبادر المشتبه فيهم إلى إطلاق النار بعد دخولهم إلى المصرف، ما أدى إلى إصابة المواطنة وهيبة نصر في رجلها، علماً بأن المنفّذين استخدموا في عملية السطو الأولى سيارة من دون لوحات، فيما استخدموا في بقية العمليات دراجات نارية.
وفي سياق خطة المكافحة المحتملة، تدرس الأجهزة الأمنية تعزيز الدوريات الأمنية في محيط المصارف. ويشير مسؤول أمني إلى احتمال وضع دورية أمنية متخفيّة في محيط كل مصرف، إلا أن مسؤولاً آخر أكّد استحالة ذلك نتيجة النقص في عديد العناصر. وفي غضون ذلك، بدأ رجال الأمن إجراء جولات تفقدية على مختلف المصارف لتحديد الأكثر استهدافاً.
تجدر الإشارة إلى أن المشتبه فيهم نجحوا حتى الآن في السطو على مصرف «فيدرال بنك » في الدامور والمصرف «اللبناني الفرنسي» في ضبية، وكذلك الأمر في كل من مصرفي «SGBL» في كفرشيما و«بيبلوس» في الشويفات .
وأمس، ضرب المشتبه فيهم في منطقة الأشرفية. فدخل مسلحان مجهولان يرتديان خوذتي دراجة نارية إلى مصرف «لبنان والكويت» سابقاً، و«فينيسيا» حالياً، عند طلعة ساسين، وشهرا مسدسين حربيين باتجاه الموظفين المسؤولين عن صندوق المصرف، وغنما ما يقارب خمسين ألف دولار أميركي وخمسين مليون ليرة لبنانية، قبل أن يفرا على متن دراجة نارية، كانا أوقفاها بالقرب من المصرف، باتجاه منطقة كرم الزيتون.
لم تفلح الأجهزة الأمنية، بعد، في إلقاء القبض على السالبين. عيون المصارف وموظفيها ترقب أي تطوّرٍ قد يطرأ. المنافسة بين الاثنين بلغت أشدّها. فمن سيكون المصرف التالي على اللائحة؟



إدانة

أدانت جمعية مصارف لبنان عمليات السطو المتزايدة. وذكرت في بيان صادر عنها أن معدل السرقات في الفترة الاخيرة بلغ عملية كل اسبوع، مشيرة إلى أن «هذه الأعمال الجرمية المتفاقمة تقوم بها كما يبدو عصابات منظمة تستفيد من تقصير أو قصور الدولة، في مختلف الوزارات المعنية والاجهزة المختصة، عن حماية أمن الوطن والمواطن».
واستدلت بذلك على «الفشل الدائم في إلقاء القبض على أي من مرتكبي هذه الجر ائم والتعديات».
ودعت الجمعية «السلطة القضائية للإسراع في محاكمة الموقوفين بهذا النوع من الجرائم وانزال العقوبات المشددة بحقهم لئلا يسود اعتقاد خاطئ بإمكانية إفلات المجرمين من حكم العدالة».



تراجع سرقة السيارات

تشير مصادر أمنية إلى أن سرقة السيارات تراجعت في الآونة الأخيرة. وترد هذه المصادر السبب إلى التوترات الأمنية السائدة في سوريا، ما أدى الى قطع طرق تهريب السيارات المسروقة إلى سوريا.
وتلفت المصادر إلى أن عمليتي سلب سيارتين بقوة السلاح حصلتا منذ نحو أسبوع في كل من نهر الموت والرابية، مشيرة إلى أنهما الأوليان من نوعهما منذ عدة أشهر.
وفي السياق نفسه، علمت «الأخبار» أن عناصر مكتب مكافحة السرقات الدولية تمكنوا من توقيف شخصين يشتبه في أنهما نفّذا عمليتي سلب السيارتين، أحدهما مطلوب بـ21 مذكرة توقيف والثاني مطلوب بمذكرتين لصالح القضاء اللبناني.