مؤتمران صحافيان وأربعة وزراء لمحاولة فهم ما يجري في وادي أبو جميل، وتحديداً في ملف الجزء الباقي من ميدان سباق الخيل الروماني. القضية ليست جديدة، إلا أن طريقة معالجتها اختلفت. إنها المرة الأولى التي يتلاقى فيها ثلاثة وزراء سابقين للوقوف جنباً الى جنب للدفاع عن قرار كانوا قد اتخذوه. دخلت المسألة في سجال سياسي وطائفي واسع، فضاعت معالم ميدان سباق الخيل كلها. إنها المرة الأولى التي تبدأ فيها عملية المحاسبة لوزير حالي ولجنة علمية من قبل سلفه!
المحاسبة تبدو ضرباً من الخيال: الوزراء يتكلمون عن المحافظة على المواقع الأثرية في بيروت في الهواء الطلق. يرفضون الدمج.
يرفضون الرضوخ لسوليدير. يرفضون أن يمس تاريخ الوطن! يتكلمون وكأن ذلك ممكن، أو أنه فعلاً لا يزال ممكناً.
هل نستطيع أن نحلم؟
نحلم بعاصمة يتجول أهلها بين مواقعها الأثرية، ويدخلونها بحرية؟
يريدوننا أن نؤمن حقاً بأنه يمكن لبيروت أن تكون روما؟
يريدوننا أن نحلم بأن المواقع الأثرية ليست حكراً على حفنة من الأغنياء، يعطي أحدهم عنوان بيته في وادي أبو جميل «فوق المدرج الروماني» مثلاً!
سنحلم، وسيطالب المجتمع المدني المشمئز مما وصلت إليه العاصمة بالمحافظة على الآثار.
الشعب يريد الآثار!
أو الأجدر بالقول الشعب يريد ما بقي من الآثار!
لم لا؟ من حقنا أن يبقى لنا شيء في بيروت، من حقنا أن نزور تاريخ عاصمتنا ونراه بأعيننا ولا نطلب الإذن من أصحاب العقارات للدخول الى أملاكهم الخاصة، و«التفرّج» حيناً على الموقع الأثري وأحياناً على الترف في الشقق الخيالية.
كل ذلك من حقنا، لكن ليس من حق أحد أن يتلاعب بأحلامنا ويحاول أن يبدأ المحاسبة على أساس الأخوة والصداقة والصدقيّة في التعاطي. ثلاثة وزراء تعاقبوا على الوزارة نفسها، وفي التيار السياسي نفسه، لماذا لم يجتمعوا سابقاً ليذهبوا معاً الى رئيس الجمهورية مطالبين بالسير قدماً بمشروع قانون حماية الأبنية التراثية؟
لماذا لا يزال القانون في أدراج البرلمان ولم يقر في فترات حكم وزاراتهم؟
لماذا لم يتحدوا بقوة في الملفات الأصعب والأكثر إشكالية سياسياً واقتصادياً؟
لماذا لم يتّحدوا حينما حكموا؟
أم أن أحلامنا ملك لهم؟