لم يترك موقوفو تنظيم «فتح الإسلام» المحتجزون في سجن رومية، على مدى السنوات الخمس الماضية، طريقة إلا وجرّبوها للفرار. منهم من أفلت خارج القضبان، ومنهم من فشل، ومنهم من لا يزال يحاول ويخطط. آخر هذه المحاولات حصلت أمس، داخل مستشفى ضهر الباشق الحكومي، حيث نُقل أحد السجناء «الإسلاميين» بحجّة المرض. هناك، غافل الحرّاس وركض باتجاه الخارج، من دون أن يبتعد كثيراً، فقبض عليه وأعيد توقيفه مجدداً. وبحسب مسؤول أمني، فإن ما حصل كان «عادياً نظراً إلى المحاولات الأخطر، التي سجلت أخيراً، من دون أن تكلل بالنجاح». ويلفت المسؤول إلى أن كثيراً من المحاولات لم يعلن عنها. فعلى سبيل المثال، حفر هؤلاء السجناء فجوة بعمق 110 سنتمترات في الجدار الرئيسي، تحضيراً لعملية فرار واسعة. ولو لم تكتشف هذه الفجوة، قبل حلول الساعة الصفر للعملية، لأمكن أن يستيقظ اللبنانيون على خبر يقول: «فرار جميع سجناء فتح الإسلام من رومية». اليوم، داخل سجن رومية، ثمة من يطالب بـ«إيجاد حل فوري وسريع لقاطني المبنى باء، الإسلاميين منهم تحديداً، بعدما أصبح بعض هؤلاء يمثلون خطراً على جميع السجناء». قبل أشهر، وجه عدد من السجناء، من مختلف أبنية السجن، تحذيرات إلى المسؤولين من «انفجار السجن طائفياً إذا لم يجر وضع حد لبلطجة بعض جماعة فتح الإسلام». أحد نزلاء المبنى، الذي بات يعيش حالة رعب من زملائه، يتحدث عن أمور «فظيعة» تحصل داخل السجن، لكن «الغريب أن لا أحد يتكلم عنها». يقول، مثلاً، إن السجناء الأجانب المنتمين إلى «فتح الإسلام» يقيمون الصلاة وهم ينتعلون أحذيتهم، مبررين الأمر بأن السجن «ساحة جهاد». وقبل أسابيع، بحسب سجين آخر، تعرّضوا لأحد النزلاء بالضرب المبرح ما أدّى إلى «اقتلاع عينه». وعن السبب، قال السجين: «لقد فعل أمراً عادياً بالنسبة لنا، ولكنه حرام بالنسبة اليهم، ما يعني أن دمه أصبح مهدوراً وكان يمكن أن يقتلوه... تخنوها كتير». سجين آخر، يذيع عبر الهاتف أسماء الذين أدخلوا إلى المستشفى، وهم بحالات طارئة، نتيجة تعرّضهم للضرب على أيدي هؤلاء. ويذكر منهم: سمير صالح، بلال نصر الله، خضر رزق، وعادل عبد الله وعلي يزبك.
اللافت أن المسؤولين الأمنيين، خصوصاً العاملين في السجون، لا ينفون «الواقع الصعب» القائم في رومية، ولكن «ليس باليد حيلة». في الواقع، ربما لا تتحمل الجهات الأمنية المسؤولية، بقدر ما تتحملها السلطة القضائية، إذ يصعب على أحد أن يبرر لـ«الإسلاميين» مضي نحو 5 سنوات على توقيفهم من دون البت بملفاتهم، بل ومن دون أن يحضر بعضهم أي جلسة محاكمة. أحد المتابعين يقول: «النيابة العامة التمييزية تبرر التأخير بكون سجناء فتح الإسلام تورطوا بدم الجيش اللبناني، وبالتالي فإن المسألة بيد الجيش، ولكن في المقابل، فإن قائد المؤسسة العسكرية ينفي هذا الأمر، بل يطلب أن تحال كل ملفاتهم إلى المحكمة العسكرية لبتها».