البقاع | لم يعد الحديث عن نقص عديد مخافر قوى الأمن الداخلي جديداً. لقد قيل الكثير، خلال السنوات الماضية، عن هذا الموضوع، وأطلقت الكثير من النداءات لزيادة هذا العديد، بغية تجنب أي أعمال اعتداء قد تطاول المواطنين والقوى الأمنية. ومن أبرز المناطق التي أضيء على واقعها هذا، منطقة البقاع عموماً، وخاصة قرى البقاع الشمالي.
لكن بمتابعة بسيطة لما يمكن أن يكون قد أُنجز، بعد كل ما أثير، يتبيّن أن شيئاً لم يتغير. بل إن الأمور تتجه من سيئ إلى أسوأ.
فخلال الأسابيع الماضية، تفاقمت الأوضاع، وخاصة بعدما ازدادت نسبة عمليات اختطاف المواطنين، وخاصة الأطفال، وابتزاز أهلهم للحصول منهم على فدية.
أما الاعتداءات على القوى الأمنية، فوصلت إلى ذروتها في المنطقة. وآخر ما سجل في هذا الإطار حصل أول من أمس، من خلال الاعتداء على عنصرين في مخفر بلدة عرسال الحدودية. فقرابة الساعة الثامنة من ليل الخميس ـــــ الجمعة، اعتدى عدد من الشبان على رتيبين في مخفر قوى الأمن الداخلي في البلدة المذكورة، كانا فيه وحدهما، ما أدى إلى إصابتهما بجروح ورضوض نقلا على أثرها إلى مستشفى دار الأمل الجامعي لمعالجتهما. تضاربت الروايات في ماهية الاعتداء وأسبابه، حيث وضعها أمنيون في خانة «الكمين» المقصود من الاستيلاء على أسلحة المخفر، فيما نفى آخرون الأمر ووضعوه في خانة «الخلافات النسائية».
مسؤول أمني أوضح لـ«الأخبار» أن الرتيبين اللذين كانا في مخفر عرسال، وبحسب إفادتيهما، تعرضا لما يشبه «الكمين العسكري».
وفي تفاصيل إضافية، إن التيار الكهربائي انقطع فجأة عن المخفر ليلاً، وقطع أيضاً عن الحي الذي يقع في المخفر، فعدّ الرتيبان الأمر عادياً، حيث «يتك» المحول الكهربائي باستمرار، ما استدعى بأحدهما أن يذهب إلى المحول بهدف «رفعه».
ولدى وصوله، وفي عتمة المكان، تعرض للضرب بعصا على رأسه من الخلف، في الوقت الذي دخل إلى المخفر أربعة شبان، اثنان منهما يحملان مسدسين حربيين، فيما الآخران يحمل كل منهما عصا، قبل أن ينهالا بالضرب على العنصر الآخر. لكن الأخير، بحسب إفادته، لم يستسلم لهما، فدار عراك بينهما، ما أدى إلى إصابة كلا الطرفين بجروح. وعن هوية الشبان المهاجمين وسبب اعتدائهم على المخفر، أشار المسؤول الأمني إلى أن عنصري قوى الأمن الداخلي «تعرفا إلى الشبان المهاجمين، وأسماؤهم صارت معروفة، وسيجري استكمال التحقيقات والبحث عنهم لتوقيفهم». إلى ذلك، رجح بعض المتابعين أن يكون الهدف الأساسي من الاعتداء «سرقة أسلحة المخفر، وهي عبارة عن 18 بندقية حربية تابعة لعناصره، حيث حاول المهاجمون الحصول عليها من الخزانة المخصصة لها، إلا أن الإقفال عليها بإحكام في الخزانة الخاصة ومقاومة العنصرين غير المتوقعة حالا دون إكمال خطتهم». هكذا، بدا المخفر الذي يفترض أن يوفر الأمن للناس، بحاجة إلى من يوفّر الأمن له. فالرتيبان يعانيان من رضوض في رأسيهما وخدوش عديدة في أنحاء متعددة من جسميهما.
من جهته، نفى رئيس بلدية عرسال علي الحجيري في اتصال مع «الأخبار» أن يكون شبان البلدة قد اقتحموا مبنى المخفر، أو أن يكون بحوزتهم أسلحة، مشيراً إلى أن الخلاف حصل خارج المخفر بسبب «أمور نسائية». ونفى الحجيري صحة الحديث عن مهاجمة الشبان «العراسلة» للمخفر بقصد الحصول على أسلحة، معتبراً ذلك «ادعاءات كاذبة، المراد منها تشويه حقيقة الخلاف». بدوره، نفى مصدر أمني آخر صحة الحديث عن أن المراد من الاعتداء على رتيبي قوى الأمن هو الاستحصال على الأسلحة.
وفي سياق الحديث عن عديد قوى الأمن في المخافر، لم ينف المسؤول الأمني «ضعف وقلة عديد عناصر بعض مخافر في قوى الأمن الداخلي في بعلبك ـــــ الهرمل، عازياً السبب إلى قلة عديد قوى الأمن الداخلي عموماً».
يُشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها مخفر عرسال للاعتداء؛ إذ سبق قبل فترة وجيزة أن تعرض أيضاً لاعتداء آخر، فضلاً عن حادثة التعرض بالضرب لعناصر من فرع المكافحة في مديرية استخبارات الجيش اللبناني، أثناء عملية دهم أحد منازل البلدة في تشرين الثاني من العام الماضي. يومها، بعد الدهم وتوقيف المدعو ح. ق. وتحرك العسكريين للمغادرة، اعترضهم عدد من أهالي البلدة وضربوا العناصر وأخذوا أسلحتهم، محاولين تحرير الموقوف وإطلاق النار على الآليات وإحراق إحداها وقلبها.
خطة أمنية ضد الخطف
وفي سياق أمني آخر، وإزاء انتشار «موضة» خطف أشخاص مقابل فدية مالية في البقاع أخيراً، بعدما فاق عدد هذه العمليات 20 عملية، أكد مسؤول أمني أن قراراً اتخذ بالعمل على إنهاء هذه الظاهرة من خلال عملية أمنية واسعة ستطاول المنطقة، وخصوصاً أن مجلس الأمن المركزي شدد في اجتماعه الأخير منذ يومين على توقيف العصابات المتورطة في هذه العمليات، التي باتت الوسيلة الأسهل والأجدى للحصول على الأموال. والجدير ذكره أنه بعد عمليتي الاختطاف الأخيرتين، اللتين طاولتا الشابين زياد أبو إسبر (17 عاماً) وعلي المخ (16 عاماً)، (أُطلق سراح الأول بعد دفع ذويه مبلغ 116 مليون ليرة، قبل إطلاق الثاني من دون معرفة ما إذا كانت دفعت فدية أم لا)، أوقفت مديرية استخبارات الجيش عدداً من المطلوبين للقضاء بموجب عدد كبير من المذكرات العدلية ومنهم المدعو م. م. المطلوب بموجب أكثر من 200 مذكرة توقيف، والمدعو ع. م. الذي أُصيب لدى محاولته الفرار من القوى الأمنية. كذلك جرت عملية دهم لمنزل ع. ا. حيث أوقف ستة أشخاص من بلدات في البقاع الأوسط، فيما لم يُعثَر على صاحب المنزل. وعلمت «الأخبار» أن المدعو م. ق. أدخل إلى مستشفى دار الأمل الجامعي مصاباً بطلق ناري في بطنه. وبعد توافر معلومات للقوى الأمنية بشأنه، وضعت حراسة عليه للاشتباه به وبشخص آخر.
إزاء هذا الواقع الأمني في منطقة البقاع، الذي يمس الحياة اليومية للمواطنين، ثمة أسئلة كثيرة يطرحها الناس هناك، مثل متى ستعمد وزارة الداخلية والقوى الأمنية لمعالجة مشكلة نقص العديد في مخافرها المنتشرة في كافة المناطق اللبنانية، وخصوصاً الحدودية، التي ينبغي رفع عديد عناصرها بما يتلاءم مع صلاحياتها الملقاة على عاتقها، فضلاً عن توفير كافة التجهيزات اللازمة والآليات العسكرية؟



ثلاث سرقات في ساعة

سجل ازدياد في عمليات سرقة المحال التجارية، أخيراً، في المنطقة الممتدة بين رياق وتمنين في البقاع. ومن الحوادث التي لاقت استغراب المتابعين، حصول ثلاث عمليات سرقة خلال ساعة واحدة فقط في المنطقة المذكورة. فعند الساعات الأولى من فجر أمس، نُفِّذَت العمليات الثلاث بفارق زمني بسيط، حيث سجل عند الساعة الواحدة إلا ربعاً إقدام مجهولين بواسطة الكسر والخلع على سرقة محل أحمد ق. في محلة حوش حالا في رياق، وقدرت قيمة المسروقات بقيمة 500 ألف ليرة. وكان هذا المحل قد تعرض للسرقة قبل فترة زمنية قريبة.
وبعد ذلك، وفي غضون نصف ساعة، أقدم مجهولون في بلدة علي النهري، وبواسطة الكسر والخلع أيضاً، على سرقة محل علي س. لبيع أجهزة الخلوي، وقدرت المسروقات بقيمة خمسة ملايين ليرة لبنانية. دقائق معدودة بعدها وتحصل السرقة الثالثة عند مفرق بلدة تمنين، حيث تمكن مجهولون من سرقة محل رنا م. لبيع السمانة، الذي قدرت قيمة المسروقات منه بثلاثة ملايين ليرة.