تميّز عام 2009 بتفاقم ظاهرة تعاطي المخدرات، وتحديداً بين الشباب. القوى الأمنية أعلنت أنها أنجزت الكثير، لكن المهمة لم تنتهِ بعد. هل تتمكن من ذلك في عام 2010؟
محمد نزال
برزت خلال عام 2009 ظاهرة تعاطي المخدرات إلى الواجهة، أكثر من الأعوام الماضية. ترافق هذا الأمر مع اهتمام إعلامي وشعبي لافت، وخاصة بعد ارتفاع أصوات العديد من المسؤولين الذين طالبوا الدولة بالدخول إلى جميع الأماكن، بلا استثناء، لمكافحة «الموت الذي ازداد جريانه في دماء الشباب»، على حد وصف أحد المسؤولين الأمنيين.
المخدرات ليست جديدة في لبنان، لكن الجديد في الأمر تمثل في تدني أعمار المتعاطين. فبعدما كان عمر الـ20 سنة معدلاً وسطياً في عام 2008، تراجع إلى 18 سنة في عام 2009، بحسب الإحصاءات التي أجرتها الشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي. جديد آخر أبرزته الإحصاءات، تمثل في ازدياد نسبة تعاطي الإناث خلال عام 2009. أيضاً، برزت الجامعات، التي يفترض بها أن تكون مكاناً لتحصيل العلم، ولإعداد جيل المستقبل، لكونها أحد أكثر الأماكن التي راج فيها استخدام المواد المخدرة. مسؤول أمني رفيع شرح لـ«الأخبار» كيف تفاقمت هذه الظواهر في الجامعات خلال العام المنصرم. حبوب الهلوسة غزت جيوب الطلاب، فبات بعضهم يحملها للتعاطي، وأيضاً، كمادة لضيافة الزملاء. لكن «أغلبهم كانوا ينتقلون إلى مرحلة ثانية بعد مدّة، فيبدأون بتعاطي حشيشة الكيف والأفيون. بعضهم ينتقل إلى مرحلة كارثية، إلى الهيرويين والكوكايين».
18 عاماً معدل متعاطي المخدرات في لبنان
المشهد مأساوي، لا تنكر القوى الأمنية ذلك. لكن «الإنجازات» التي حصلت في عام 2009 تنبئ بأنّ ظاهرة اتساع رقعة تعاطي المخدرات آخذة بالتراجع، وخاصة مع الخطط والتوجيهات التي وضعت لعام 2010. هذا ما يؤكده قائد وحدة الشرطة القضائية العميد أنور يحيى لـ«الأخبار»، الذي أعلن أن الحدّ من المواد المخدرة قد تحسن بنسبة 28% مقارنة بعام 2008. وتُرَدّ هذه الزيادة إلى قدرة القوى الأمنية على إمساك الأرض أكثر من الماضي، وخاصة «مع انفتاحنا على الضاحية، بطلب من سماحة السيد نصر الله، وكذلك بدعوة الدولة للتصدي للمخدرات من مجلس المطارنة». ويلفت يحيى إلى أهمية مؤازرة القوى الأمنية من جميع المواطنين في هذا الموضوع، وتحديداً الإعلام وجمعيات المجتمع المدني والأهل، فضلاً عن إدارات الدولة الرسمية، بما فيها وزارة الصحة وغيرها. وفي السياق، لا يستبعد قائد الشرطة القضائية ضلوع إسرائيل في «إغراق المجتمع اللبناني في آفة المخدرات». يتقاطع هذا الكلام مع ما لفت إليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قبل نحو شهرين، إذ تحدث عن فرضية أن تكون إسرائيل وراء تفشي هذه الظاهرة، واضعاً ذلك في إطار «محاولة تدمير ثقافة المقاومة، من خلال موضوع عابر للمناطق والطوائف والأحزاب، هو موضوع المخدّرات».
ماذا عن الزراعات البديلة التي حُكي الكثير عنها؟ يجيب يحيى: «نحن نلاحق التاجر، فهو القاتل الحقيقي، بينما المزارع يمكن أن يكون فقيراً. لذلك، نطالب المسؤولين المعنيين بوضع مشاريع لزراعات بديلة، ونأمل خيراً في هذا الإطار، وخاصة مع وجود الوزير زياد بارود الذي يبدي اهتماماً كبيراً في هذا الموضوع».
على الأرض، تمكنت القوى الأمنية خلال عام 2009 من توقيف عدد كبير من الشبكات العاملة في تجارة المخدرات، وكان أحد أهم هذه الإنجازات توقيف عبدو. ج. الذي كان مطلوباً للعدالة وفي حقه 373 مذكرة توقيف وحكم غيابي. وكان لافتاً لجوء مكتب مكافحة المخدرات إلى «أساليب أقل عنفاً، وبأقل نسبة إطلاق نار أثناء توقيف المطلوبين». مسؤول أمني في مكتب مكافحة المخدرات أشار إلى أن عام 2009 تميّز بإتلاف مساحات واسعة من الحقول المزرعة بحشيشة الكيف والأفيون، بينما كانت هذه العمليات شبه متوقفة في عامي 2008 و 2007. ويتطلع المسؤول إلى عام 2010 بإيجابية «علماً بأننا ما زلنا بحاجة إلى عدّة متطورة وعديد كاف، حتى نتمكن من القيام بواجبنا على أكمل وجه».