strong>تجاهل الوزراء أمس جدول الأعمال المقرر لاجتماعهم، مخصّصين أكثر من ثلثي الجلسة للتعبير عن مشاعرهم تجاه حادث سقوط الطائرة الإثيوبية. واعترف رئيس الجمهورية بأن الدولة لا تملك الإمكانات للتعامل مع كوارث مماثلة، قبل أن يتشارك مع الوزراء بالهواجس التي تولّدت لديه بعد مشاهدته برنامج «كلام الناس»
تجاهل مجلس الوزراء أمس بالكامل جدول الأعمال الموزع مسبقاً، ليذهب نحو ساعتين ونصف ساعة من ساعات الجلسة الثلاث للكلام على كارثة تحطم الطائرة الإثيوبية. والمفاجأة تمثلت بكشف المعنيين أن الطائرة تحطمت قرابة الساعة الثانية والنصف وخمس دقائق، لكن الجيش اللبناني لم يبلّغ بهذا الأمر حتى الساعة الثالثة فجراً، ولم تنطلق الطّرادات من القاعدة البحرية في جبيل إلا بعد نحو نصف ساعة لتصل إلى المكان المحتمل لسقوط الطائرة قرابة الساعة الثالثة وخمس وأربعين دقيقة.
وبالتالي، يقول أحد الوزراء، تبيّن وجود خلل كبير على صعيد إبلاغ برج المراقبة في مطار بيروت للجيش بالكارثة في التوقيت المناسب. وأكد المصدر في هذا السياق أن التأخير في الوصول إلى مكان سقوط الطائرة يعني القضاء على أي فرصة لإنقاذ ناجين.
وفي السياق، سأل أحد الوزراء عن مغزى تحليق الطوافات فوق البحر عند الفجر، رغم حالة الطقس واستحالة الرؤية. هنا تدخل الرئيس ميشال سليمان ليشير إلى ضرورة استحداث لبنان نظام ops لإدارة الكوارث، وتنظيم تدريبات كل 6 أشهر لمواجهة الكوارث المحتملة كسقوط الطائرات أو حصول زلزال أو طوفان، مؤكداً إثبات التجربة أن لا خبرة لدى الأجهزة المعنية اللبنانية ولا مرونة.
واللافت أيضاً أن وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ سأل عمّا يجب عليه فعله بصفته هذه، فلم يجبه أحد، ليدخل الجميع في حفلة مزايدات بشأن التأثر بالمشاهد والمصيبة الإنسانية، استمرت ساعتين ونصف ساعة. وانتهى الوزراء من دون تحديد ما إذا كانت الدولة اللبنانية ستدفع تعويضات وما إذا كانت هناك خطة بشأن عمليات البحث.
لاحقاً، في نصف الساعة الأخير من الجلسة، أخبر سليمان الوزراء أنه شاهد برنامج كلام الناس الأسبوع الماضي وأحسّ بهول ما يحصل على صعيد المأكولات، وخصوصاً جرثومة سلمونيلّا، فبادر وزراء الصحة والزراعة والاقتصاد إلى طمأنة فخامته. وأكد وزير الصحة محمد جواد خليفة قيامه بجهد كبير لخفض التلوث في المياه، فيما أكد وزير الزراعة حسين الحاج حسن أنه يدقق أكثر في نوعية المبيدات. أما وزير الاقتصاد محمد الصفدي فأبلغ زملاءه أن مكتب مكافحة الغش يقوم بدوريات دائمة لمصادرة المواد غير الصالحة للاستخدام. وانتهى النقاش في هذا الموضوع من دون اتخاذ أي قرار جدي، وتقرر تأجيله إلى جلسة لاحقة.
أما الموضوع الثالث فكان كسّارة عين دارة، حيث أخبر أحد الوزراء زملاءه بأن عدداً من المواطنين المعترضين على المرامل والكسارات كانوا يتفقدون موقعاً قريباً من الكسارة في منطقة عين دارة ففوجئوا بالمسؤولين عنها يعترضون طريقهم ويعتدون عليهم قبل حجزهم في غرفة صغيرة، ريثما يصل عناصر أمنيّون من مخفر المديرج ليوقفوا المواطنين المعترضين لساعات بتهمة محاولتهم سرقة مولد كهربائي يعود للكسارة. وتعهّد وزير الداخلية والبلديات زياد بارود بمتابعة هذا الموضوع لمعاقبة العناصر الأمنيين، علماً بأن بارود قام بجولة تفقدية للكسّارة قبل أيام.
وكانت مداخلة لوزير الاتصالات شربل نحاس نبّه فيها إلى أن عقدي إدارة شركتي الخلوي تنتهي صلاحيتهما نهاية هذا الشهر، وبالتالي يجب بحث تجديد أو تمديد العقدين قبل آخر الشهر. لكن زملاءه لم يعيروا الموضوع أي اهتمام، علماً بأن الجلسة المقبلة مخصصة لبحث قانون الانتخابات البلدية فقط. وبالتالي سينتهي الشهر قبل معالجة موضوع شركتي الهاتف الخلوي.

لم يُتبلغ الجيش بوقوع الطائرة إلا بعد نحو نصف ساعة، ولم تصل زوارقه إلّا بعد 45 دقيقة
اللافت أن وزير الإعلام طارق متري أكد بعد الجلسة أنها خصصت للاتفاق على «كل ما يتطلبه العمل للتعامل مع الكارثة الجوية بسقوط الطائرة الإثيوبية وتأكيد عزم الدولة على القيام بكل اللازم في هذا الموضوع». وأكد متري أن «برج المراقبة قام بمهماته منذ اللحظة التي أقلعت فيها الطائرة وحتى سقوطها كما يجب وحسب المعايير الدولية»، مشيراً إلى عقد مجلس الوزراء يوم الجمعة المقبل اجتماعاً يخصص للانتخابات البلدية.
ونقل متري عن سليمان طلبه التنبّه إلى التهديدات الإسرائيلية، وإشادته بمقررات اجتماع وزراء الإعلام العرب «التي جاءت منسجمة مع الموقف اللبناني من حرية الإعلام». وأكد متري ثناء الرئيس والوزراء على ما قام به وزير الصحة لجهة اكتشاف شبكة لتهريب أدوية مزوّرة تعمل من خارج الأراضي اللبنانية، مختتماً بيانه بالإشارة إلى أن الرئيس سعد الحريري وضع الوزراء في أجواء زيارته لفرنسا ولقاءاته وتوقيعه اتفاقات خاصة والتباحث في استعداد فرنسا لتسليح الجيش اللبناني والاطلاع على الأفكار الفرنسية لعقد مؤتمر للسلام.
وكان متري قد أكد قبيل دخوله إلى الجلسة أنها ستبحث في اتخاذ قرارات مالية وإدارية لها علاقة بفتح اعتمادات لشراء معدات للإغاثة، وهو ما لم يحصل. أما وزير الخارجية والمغتربين علي الشامي فأكد أن «موضوع الطائرة المنكوبة سيكون بنداً رئيسياً على طاولة النقاشات، إضافة إلى البند الأساسي وهو موضوع البلديات».
تجدر الإشارة إلى أن جلسة يوم أمس سبقها اجتماع ثنائي بين رئيسي الجمهورية والحكومة استمر نحو ساعة.

تأجيل نيابي

تزامناً مع تأجيل مجلس الوزراء النقاش بشأن قانون البلديات، لم تصدر رئاسة مجلس النواب أي بيان للدعوة إلى عقد الجلسة التشريعية المرجأة منذ نهار الاثنين، ما يعني أنّ الموعد سيكون الأسبوع المقبل، على اعتبار أنّ على الرئاسة تبليغ الكتل بعقد الجلسات التشريعية قبل مهلة تمتدّ بين 48 و72 ساعة من موعد عقدها. ولا تزال الكتل المسيحية تتمسك بوضع مشروع قانون خفض سن الاقترع في سلة إصلاحات متكاملة، رغم إصرار الرئيس نبيه بري على وضع هذا البند على جدول أعمال أول جلسة تشريعية يدعو إليها. أما الكتلتان الكبيرتان، المستقبل واللقاء الديموقراطي، فلا يزال موقف نوّابهما مترنّحاً بين الدعم والرفض، وذلك مع اقترابهما من إسقاط المشروع في حال طرحه بحجّة «عدم فرض المشروع على أحد، والسير وفق التوافق».
وفي ما يخص تعديل قانون الانتخابات البلدية، يؤكد نواب كثر أنّ هذه الإصلاحات لا تزال قابلة للتطبيق، وخصوصاً أنّ التأجيل تمّ. ويضيفون أنّ القانون لا ينص على مهل ومواعيد، بل إنّ الأمر الوحيد المربوط بالوقت هو القدرة التنفيذية لوزارة الداخلية لإجراء التعديلات اللازمة. حتى إنّ البعض يذهب أكثر في رؤيته الإيجابية حيال إقرار الإصلاحات، مستنداً إلى تأجيل إقرار خفض سنّ الاقتراع على قاعدة أنه يريح الوزير زياد بارود في القيام بالتحضيرات اللازمة قبل موعد الانتخابات.


كوتونو لا تشبه إثيوبياأما الحديث عن حاجة إلى فتح خطوط لطيران الشرق الأوسط إلى أفريقيا، يتابع متري، فعبّر عنها الكثير من اللبنانيين وتبحثها شركة طيران الشرق الأوسط ولا مشكلة في ذلك، مؤكداً أن الحادثة لم تقع لأن الطائرة كانت إثيوبية.