6 توصيات أجمع عليها نحو 100 شاب ناقشوا التعديلات المطروحة على قانون الانتخابات البلدية، وهي اعتماد النسبية، الكوتا النسائية، قسيمة الاقتراع المعدّة سلفاً، خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة، تقليص ولاية المجلس البلدي، وانتخاب رئيس البلدية ونائبه مباشرةً من الشعب، معتبرين شرط الشهادة الجامعية أمراً غير ملحّ
كامل جابر
بدت ورشة العمل التي نظمتها «شبكة مجموعات شبابية» في النبطية يوم السبت الفائت، لمناقشة الإصلاحات المقترحة على القانون البلدي، كخليّة نحل. 100 شاب وشابة من جمعيات مختلفة انهمكوا في مناقشة شؤونهم البلدية، التي «باتت تركّب من سلطة فوقية، حزبية أو عائلية، ولا تراعي الشروط والمؤهلات، ولا دور الشباب في النهوض والمشاركة» وفق ما عبّر المشاركون، الذين أبدوا سعادتهم بإتاحة الفرصة أمامهم لمناقشة شأن يعنيهم على هذا المستوى الواسع.
يقول علي غصين، ممثل «الجمعية اللبنانية لديموقراطية الانتخابات» إن الشباب في المجتمع الجنوبي، ومنطقة النبطية «بحاجة إلى ورش عمل شبابية، ليتمكّنوا من الاطّلاع أكثر على قانون الانتخابات، ومن فهم فوائد الإصلاحات المطلوبة». يضيف سبباً أهم: «ولكي يتحفّزوا للمشاركة بجديّة في التشجيع على تحقيق الإصلاحات الممكنة». غصين يولي أهمية للآراء والتوصيات التي ستخرج عن ورشة العمل، حتى لو لم تنفّذ، «لأن الشباب هو مستقبل هذا الوطن، ويجب أن تكون مشاركته أكثر فاعلية ليسهم في بناء هذا المجتمع. ما نطرحه اليوم هو ما يمثّل مطالب الشباب، وفي مقدمها خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة ليكون حجم مشاركتهم أكبر. لكننا نرى للأسف كيف يجري تهميشنا في كلّ المحطات الانتخابية، مع العلم أن أشياء أساسية في المجتمع تقوم على أكتافنا. أليس من حقنا المشاركة والمطالبة بخفض سنّ الاقتراع إلى 18 سنة؟».
خفض سن الاقتراع كان واحداً من المواضيع السبعة التي ناقشها الشباب بعدما توزّعوا على سبع مجموعات يحرّكها متخصصون، وهي شملت قانون النسبية، شرط حيازة شهادات علمية، الكوتا النسائية، قسيمة الاقتراع، مدة ولاية المجلس البلدي، انتخاب الرئيس ونائبه مباشرةً من الشعب.
تكرّرت الشكوى من تهميش الشباب في كلّ المحطات الانتخابية
جنى حوماني (19 عاماً) قدِمت من بلدة حاروف، لتكون ضمن مجموعة ناقشت موضوع «الكوتا النسائية» التي انقسمت آراء أفرادها، من شبان وشابات بين رأيين: «إما أن تكون الكوتا النسائية إلزامية على اللوائح، وإما على المقاعد. نحن نتجه للتوافق على الخيار الثاني، لكي تحفظ المرأة حقها مبدئياً، ثم ترتفع النسبة، عاماً تلو عام حتى يتيقّظ الناس، ويكتشفوا أن المرأة بإمكانها النجاح وقد تبرع في المجتمع، وتصير مسألة انتخابهم لها طبيعية وبديهية».
جنى توافق على القول إن الخلل في القانون «وكذلك في المجتمع. الذكورية تفرض على المرأة أن تفعل كذا وكذا، لكن هل هم مقتنعون بأن المرأة عندما تسمع هذا الإملاء من الرأي سوف تذهب باتجاه تنفيذه، تلبيةً لرغبة الرجل؟ أم أنها ستنتخب هي بحسب ما يمليه عليها رأيها؟ لا أحد يضمن ماذا ستفعل أو تختار. لذلك علينا أن نعطيها حقها الطبيعي في الاختيار والانتخاب، وأن يكون وجودها ملزماً على المقاعد».
بناءً على ذلك، لن تتردّد جنى في الترشّح مستقبلاً «من حقّي أن أطمح. لكن هل سيكون هذا الطموح مقيَّداً سياسياً أم بمنأى عن السياسة؟»، في رأيها في ظلّ هذا الواقع السياسي في لبنان «هناك من يفضّل الابتعاد عن السياسة حتى لا يكون على خلاف مع هذا أو ذاك. لكن ثمة أناس يرون أن من حقهم التجديد والتطوير وخلق آراء مختلفة يسعون من خلالها إلى إقناع الناس، طبعاً عندما يتلمّسون النجاحات».
يوسف عباس (19 عاماً) حاضر عن مركز شباب عيترون، وكان ضمن المجموعة التي تناقش مسألة انتخاب رئيس البلدية ونائبه مباشرةً من الشعب، بإيجابياتها وسلبياتها. يلاحظ «أن الشباب الموجودين في المجموعة، لديهم المعلومات الكافية لتحديد قراراتهم. هم يؤمنون بضرورة أن يدرك الناس، إذا انتخبوا الرئيس ونائبه، حقهم في محاسبتهما». لكنه يتحدث عن اختلاف في الآراء ضمن المجموعة: «أنا شخصياً لا أحبّذ فكرة انتخابهما مباشرةً، لأن الرئيس ونائبه إذا نجحا من تكتل معيّن أو لائحة ما، وأتى بقية الأعضاء من فريق أو لائحة أخرى، فسيتحول المجلس إلى بلدية مواجهة، تعرقل العمل وسيدفع الناس الثمن. يكفي ما تفعله بعض الأحزاب والقوى في شبابنا، ومدى تأثير ذلك على الوطن». على الرغم من ذلك لا ينفي إمكان وجود إيجابيات من انتخاب الرئيس ونائبه من الشعب «الأهم هو أن يصل صوت الشباب».
نحو تحويل تجارب العمل الاجتماعي إلى المجالس البلدية
في المقابل يرحب عباس بأن يكون الرئيس ونائبه مثقفين «لكن الأهمّ من ذلك، يجب أن تكون أيديهما ممدودة للجميع حتى لو انتخبهما فريق معين». ويرى أن الثقافة «يجب أن تقترن بمستوى علمي يعتمد على المعرفة، وإلّا فلن يتمكن الرئيس من أن يفعل شيئاً. فالمتعلّم غير المثقف لا يمكنه أن يفعل لنا شيئاً، ولا المثقف غير المتعلّم سيكون باستطاعته أن يفعل شيئاً هو الآخر. يجب أن يتوافر التوزان لتصل الأفكار. ولو أردنا أن نحاسبه، يجب أن يكون على معرفة بالقانون، على سبيل المثال».
تناقش همسة أبو زيد (18 سنة) من كفررمان، وهي تمثل «شبكة مجموعات شبابية» في مجموعتها، عملية خفض عدد سنوات ولاية المجلس البلدي. تقول: «هناك احتمال أن يكون خمس سنوات أو أربعاً، ونحن ربما نرغب في ثلاث... لذلك وضعنا الكثير من الأسباب والاحتمالات على طاولة النقاش، وأعطى كلّ واحد منا رأيه الخاص في هذا الإطار. تساءلنا أنه ربما إذا انتُخب المجلس البلدي مدة ست سنوات، ونحن لم نكن على معرفة مسبّقة بالأشخاص المنتخبين، نصبح مضطرين إلى أن نتحمّلهم ست سنوات إذا أخفقوا. أما إذا كانت المدة أقل ونجحوا في تجربتهم، فإنّه يمكننا أن ننتخبهم ثانيةً».
تدعم رأيها بالقول إن المشاريع التي يفترض أن يقوم بها أيّ مجلس منتخب ليست بالضرورة أن تكون لست سنوات. «فلتكن ثلاث سنوات بدلاً من أن يضع المجلس المنتخب خطة، ربما ينفّذها في ثلاث سنوات، ويبقى في منصب التشريفات ثلاث سنوات أخرى». أشدّ ما تطمح همسة إليه هو أن يصل عدد من الشباب المتدربين في الجمعيات إلى المجالس البلدية «وأن يحوّلوا تجاربهم في الأندية إلى تجارب فاعلة داخل المجالس البلدية. يجب أن نمارس حقنا في الترشّح وخوض التجربة».
آراء الشباب هذه خضعت كلها لعملية تقويم بعد نهار طويل من التفاعل والمشاركة والحماسة، والإخفاق في بعض الأحيان، لأن التوصيات كانت تصدر عن كل مجموعة، بموافقة الأكثرية. وقد أفضت المناقشات إلى توصيات من سبع نقاط هي: اعتماد النسبية. ضرورة وجود حَمَلة إجازات جامعية. اعتماد الكوتا النسائية وقسيمة الاقتراع معدّة سلفاً. خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة. تقليص ولاية المجلس البلدي. انتخاب رئيس البلدية ونائبه مباشرةً من الشعب. ثم اتفق المشاركون، بعد التصويت، على 6 نقاط معتبرين شرط حيازة الإجازات الجامعية أمراً غير ملحّ.
وفي تقويم لنتيجة العمل، أكدت رئيسة «شبكة مجموعات شبابية» ليلى سرحان أن الجمعيات المشاركة من خلال هذه الورشة «استطاعت أن تبرهن أن شباب الجنوب هم فئة أساسية من المجتمع اللبناني، وتجمعهم الهموم ذاتها، وهم يملكون الكثير من الطاقات والإمكانات والمبادرات للتعبير عن قضاياهم، إذا توافرت لهم مساحة للتعبير بغضّ النظر عن المواضيع المطروحة للنقاش والحوار».


الجمعيات المشاركة

رأت الجمعيات المشاركة في ورشة العمل التي نظمتها «شبكة مجموعات شبابية» في النبطية أن الهدف من الورشة في هذا التوقيت هو «لتأكيد اهتمام الرأي العام بمقترحات وزارة الداخلية، الهادفة إلى الإصلاح في قانون الانتخابات، وإجرائها في مواعيدها المحددة. وكذلك من باب الضغط على الرأي العام، ولفت نظره إلى ضرورة إبعاد موضوع الانتخابات البلدية عن دائرة التجاذبات السياسية، وعدم اتخاذ موضوع الإصلاح الإداري ذريعة لتأجيل الانتخابات أو تطييرها». يذكر أن الجمعيات المشاركة هي: مركز كامل يوسف جابر الثقافي الاجتماعي، جمعية الرسالة الزرقاء، نادي اليونسكو، فريق الإسعاف الأولي في النبطية، نقطة ـــــ فاصلة، مجلة شؤون جنوبية، الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات، المجلس الثقافي للبنان الجنوبي وشبكة مجموعات شبابية.