محمد نزالمثّل السفر إلى إمارة دبي، لسنين طوال، حلم كثير من الشباب في لبنان. يرغبون بالعمل في شركاتها التجارية النشطة، طمعاً بالحصول على الرواتب المرتفعة، بعدما شحّت هذه الأخيرة في بلدهم.
من هؤلاء، محمد. ز الذي اختار طريقة غير شرعية للوصول إلى دبي. وجد شركة تريد موظفين في الإمارة، لكنها تشترط حصول طالب الوظيفة على شهادة جامعية معينة. لم يكن يحوز تلك الشهادة، فقرر تزوير شهادة مماثلة، وأرسلها إلى الشركة.
بعد مدّة، أرسلت إحدى الشركات المولجة تطبيق برنامج تدقيق الشهادات العلمية، تمهيداً لإصدار تصاريح عمل في دولة الإمارات العربية المتحدة، نسخة عن الشهادة الجامعية إلى الجامعة اللبنانية ــــ كلية العلوم الاقتصادية، طالبة التأكد من صحة الشهادة. يُشار إلى أن الوثيقة المزوّرة كانت مذيّلة بتواقيع منسوبة لأمين سر الكلية المذكورة ومديرها وعميدها، ويستدل منها نيل محمد إجازة في إدارة الأعمال ــــ اختصاص الإدارة والتسويق.
ردّت إدارة الجامعة على الشركة، بأن الشهادة المرسلة غير صحيحة شكلاً ومضموناً. عندها، بادرت الجامعة إلى الادّعاء على المزوّر، متخذة بذلك صفة الادّعاء الشخصي. بدأت القوى الأمنية بحثها عن المطلوب، من دون أن تتمكن من العثور عليها، فأصدرت محكمة الجنايات في بيروت حكماً غيابياً في حقه.
الفترة الماضية شهدت زيادة في عدد الأحكام القضائية المتعلقة بتزوير شهادات علمية
في جلسة ختام المحاكمة، ترافع وكيل الجامعة اللبنانية، طالباً إلزام المتهم ببدل عطل وضرر مقدّر بعشرة ملايين ليرة لبنانية.
ثبتت التهمة على محمد، من خلال الأدلة التي سيقت في الحكم، لناحية التزوير واستعمال المزور، إضافة إلى «ما سببه من أضرار للجامعة اللبنانية، أهمها الضرر المعنوي الناجم عن المساس بالمكانة العلمية للشهادات التي تُصدرها».
بناءً على المعطيات الواردة، أصدرت محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضي حاتم ماضي، وعضوية المستشارين كارول غنطوس وهاني الحبال، جرّمت فيه المتهم بالجناية المنصوص عنها في المواد 454 ــــ 460 ــــ 459 من قانون العقوبات، أي بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة مدّة 3 سنوات. وجاء في نص الحكم، إلزام المتهم بدفع مبلغ عشرة ملايين ليرة للجهة المدّعية، بمثابة عطل وضرر. يشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة في عدد الأحكام القضائية المتعلقة بتزوير شهادات علمية، فقبل 3 أشهر أصدرت محكمة جنايات بيروت، حكمين غيابيين يتعلقان بتزوير إفادات نجاح في الثانوية العامة، قضى بالسجن على كل من ماهر وسهام مدّة 5 سنوات.
متابعون لهذه القضايا يرون أن «بيع» الشهادات المزوّرة يكاد يصبح «ظاهرة» في لبنان، نظراً لتواتر الأحكام التي تصدر في هذا الخصوص. سامر (28 عاماً)، أحد الذين كان لهم تجربة في هذا المجال، تلقى وعداً من أستاذ في ثانوية رسمية، بتوفير شهادة ثانوية عامة له، مقابل مبلغ من المال. تردد سامر في البداية، لكن «الأستاذ» طمأنه، طالباً منه عدم الخوف «لأن لديه معارف في الإدارات الرسمية». ينقل سامر عن الأستاذ «المزوِّر» أن هناك «تسعيرة» لكل شهادة، تتراوح بين 1000 دولار مقابل شهادة «البروفيه» و2000 دولار مقابل شهادة الثانوية العامة، وأحياناً شهادات جامعية مقابل 5000 دولار.