الصمت والألم والترقّب تلفّ عائلة فارس ذبيان وبلدته مزرعة الشوف (عامر ملاعب)، ورفاق الدرب ينتظرون أي إشارة أمل تفيدهم عن مصيره. فقد عمل لسنوات في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ضمن الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي نعاه أمس. ومع نهاية الحرب الأهلية، وفي عام 1990، تحول إلى العمل السياسي في صفوف الحزب القومي، وكان وكيل عميد الدفاع، ثم «منفذ عام» قضاء الشوف. في عام 2003 انتخب عضواً في المكتب السياسي للحزب ثم عميداً للدفاع.خاض عام 2000 الانتخابات النيابية مرشّحاً عن المقعد الدرزي في قضاء الشوف، ونال 31000 صوت.

مغدوشة: عالم آخر

ودّع أنطوان الحايك (45 عاماً) من بلدة مغدوشة (خالد الغربي)، ليل أول من أمس، والده توفيق وأصدقاءه، على أمل اللقاء مجدداً. قال في حينها «منشوف وجهكم بخير»، وتوجه إلى المطار وحيداً.
الوالد في عالم آخر. بالكاد يلتقط أنفاسه، وهو يروي اللحظات الأخيرة لولده قبل مغادرته إلى المطار. ويقول «كان يسهر مساء الأحد مع عدد من رفاقه الذين جاؤوا لوداعه، وعند الثامنة والنصف مساءً ودّعته فقال لي يا بيّ ما تشغل بالك، لما أوصل بتصل فيك وبطمنك عليي». وتوفيق، بحسب أبيه، «كان يعمل في المجال الإداري محاسباً، وسبق له أن عمل في أميركا ثم نيجيريا، وكان قد قدم طلباً للعمل في شركة في أديس أبابا، وقد جاءه الرد أول من أمس أن في إمكانه السفر لأنه قُبل». مع أنطوان «هذا ثاني ولد أفقده بعد شقيقه الأول الذي كان جندياً في الجيش»، يقول الوالد.

جبيل: زوجة حامل

الشاب زياد نعيم القصيفي ( مواليد 1974) مهندس كمبيوتر، من بلدة بلاط ـــــ جبيل (جوانا عازار)، يدير منذ نحو سنتين شركة في أديس أبابا، في إثيوبيا، كان على متن الطائرة التي تحطّمت.
في منزل العائلة في بلدة بلاط، اجتمع الأقارب والأصدقاء. هنا تناول زياد طعام الغداء ظهر الأحد برفقة العائلة. أحد أشقائه، جوني (لزياد شقيقان وشقيقتان)، تحدّث إلى «الأخبار» عن أخيه الذي يحمل شهادة الهندسة من الجامعة اللبنانيّة ويسافر منذ نحو ثماني سنوات، متنقّلاً للعمل في الخارج، وقد ودّع أهله الأحد قبل أن يتوجّه إلى المطار. وفور شيوع خبر تحطّم الطائرة، توجّه شقيقه الثاني أندريه حوالى الرابعة فجراً إلى المطار برفقة عدد من الأصدقاء، فيما تجمّع الباقون في منزل العائلة بانتظار الخبر اليقين عن مصير زياد.
لم يقتنع الشاب من شقيقته كارولين بتأجيل سفره، وقد روت لـ«لأخبار» أنّها اتّصلت به الثامنة والنصف مساء الأحد محاولة إقناعه بعدم السفر بسبب سوء الأحوال الجويّة، «أدّيش إلو بيسافر؟ أوّل مرّة بقلّو ما تسافر»، تقول كارولين وعيناها مغرورقتان بالدموع، إلا أنّ زياد كان يستعجل العودة الى إثيوبيا، وخصوصاً أنّه في عطلة في لبنان منذ عيد الميلاد. «كان مستعجلاً ليعود وينهي أمور العمل»، تقول زوجته تانيا العتيّق، وهي حامل في شهرها الثاني، وقد كانت ترافقه وابنتهما جاين إلى إثيوبيا، إلا أنّ ظروف حملها منعتها من السفر هذه المرّة. وزادت كارولين «أحسست بأنّه كان منزعجاً يوم الأحد»، لتضيف تانيا «إنّها غصّة السفر، كلّما سافر يشعر بالضيق، وهذه المرّة أكثر من غيرها، لكونها المرّة الأولى بعد زواجنا التي لا نرافقه فيها إلى إثيوبيا»، تتذكر والدموع في عينيها، كان «يردّد لابنتنا جاين باستمرار، لا أعرف ماذا يحدث لي لو حصل لك أيّ مكروه». تانيا التي تنتظر بأمل كبير الخبر عن زوجها، توصي من حولها بالصلاة لزياد، فالشاب الذي أبى أن يؤجّل سفره كان يخطّط حسب شقيقته للعودة نهائياً للاستقرار في لبنان، وتنقل عنه قوله «خلص سفر، جايي عيش هون وارتاح بقا».