البقاع ــ أسامة القادرييتعرض حرج راشيا الوادي، المحمية الطبيعية الواقعة على كتف جبل «الشيخ»، لتعدٍّ فاضح من الحطابين، الذين يقصدون أعماقه مسافة 15 كلم عبر طريق وعرة، لقطع الحطب وبيعه للتدفئة بـ200$ للطن الواحد، في ظل ارتفاع سعر صفيحة المازوت المدعومة من الحكومة و«نقراضه» من المحطات البقاعية. فمساحة الحرج تقدَّر بـ120 هكتاراً، الجزء الأكبر منها هو من الأملاك الأميرية التابعة لبلدة راشيا الوادي العقارية، الغنية بالأشجار البرية المعمرة، ليتبين أنه إضافة إلى السنديان والملول والزعرور البري واللوز، هناك أشجار نادرة كالبروث والكيكلان، فهذان النوعان يمتازان بالصلابة، وتحملهما أقصى تدني درجات الحرارة، وحطبهما هو الأغلى ثمناً.
يحصل هذا رغم وجود مركز الأحراج في سرايا راشيا، الذي يضم بدل المأمور عشرة، هم مكلفون مراقبة أحراج المنطقة، وصولاً إلى تخوم بلدة شبعا الجنوبية، وضبط أي مخالفة «لرعاة المواشي» والحطابين.
المختار أحمد أبو منصور يرى أنّ ما يشهده الحرج من قطع للأشجار، طبيعي «لأن المسؤولين متعامون عن مهماتهم في حماية الحرج». ولا يجد في عدم وجود آلية تنقلهم «مبرراً كافياً لأن يتهرب المأمورون من محاسبة المخالفين». يأتي لومه من أن «في السابق كان هناك مأمور واحد، وكان قادراً على حراسة أحراج منطقة راشيا كلها»، مطالباً بأن تسعى الجهات المعنية إلى توفير سيارة لتسهيل عملية مراقبة الأحراج.
وناشد رئيس جمعية محترف راشيا للثقافة والفنون، شوقي دلال، وزارة الزراعة، التدخّل سريعاً، ووضع حد لما تتعرض له الثروة الحرجية من جريمة إبادة لأشجار نادرة «عمرها من عمر هذه المنطقة». وأكد أن المخالفين «يختارون هذه المنطقة لأنها نائية عن عيون السلطات»، مطالباً المعنيين بالعمل بسرعة من دون النظر إلى أي مبررات في قطع الحطب، مشيراً إلى أنّ الحريق الذي حصل الصيف الفائت هو مفتعل من «تجار الحطب».
ويقول مهدي فايق الذي يعمل مرشداً في «درب الجبل اللبناني»، إن قطع الأشجار تزايد هذا العام بعد ارتفاع سعر صفيحة المازوت وفقدانها من محطات الوقود في منطقة راشيا. ويقول إنه أثناء إرشاده للسيّاح يشاهد الحطابين أثناء قطعهم الأشجار ونقلهم الحطب عبر «بيك أبات»، في أيام عطل الأسبوع، وفي ساعات الصباح الأولى، وهذا ما يجعله يجزم بأنّ الحطابين ليسوا جميعهم من راشيا، بل من بلدات أخرى مجاورة.
«مش بس الحطابين بيجوا من مناطق ثانية، كمان صيادين الحجل».