تزخر الموائد الشتائية في بعض القرى البقاعية بوجبات غذائية قديمة، يكاد لا يملك سر اسمها ومكوّناتها وحتى طرق تحضيرها إلا قلة قليلة من المعمّرين في تلك القرى، بالإضافة إلى البعض من نسوة الجيل الجديد اللواتي تعلمنها من الأهل والأجداد. أقراص «أبو آمنة» من هذه الوجبات. فهي وجبة غذائية قديمة لا يمكن الجزم بأن سائر القرى تعرف مكوّناتها وطريقة تحضيرها، وخاصةً أن البعض ممن سألناهم عنها أبدوا استغرابهم من التسمية (فكيف بطريقة التحضير!) فيما البعض الآخر كما في بلدات اليمونة وطاريا والنبي رشادة يعرفونها أشد المعرفة.سكينة سليم (78 عاماً) أوضحت أن «أقراص أبو آمنة» من الوجبات الغذائية القروية التي لا يعرفها الجميع، كونها لا تحضر باستمرار، فهي «ما بتتاكل إلا مرة أو تنين بالسنة كلها»، ذلك أن تحضيرها يرتبط أساساً بالمؤونة الشتوية، وخاصة القاورما. ومكوّنات «أقراص أبو آمنة» بحسب الحاجة سكينة بسيطة «ما بدها كتير مواد. جوزين من البرغل السويق (الناعم جداً) وشوية فلفل ورشة طحين وملح وكم حبة رمان.. والباقي ع القاورما». تشرح الحاجة طريقة التحضير التي ترتبط جيداً «بقدر» إعداد القاورما، فبعد الانتهاء منه ونقل القاورما إلى المراطبين، تعمد ربة المنزل إلى فرك «السويق» ببقايا القاورما العالقة في القدر، ليصبح البرغل مشبعاً بلحم ودهن «بيجمعوا على بعضن»، يضاف إليه لاحقاً الفلفل والطحين والملح، والكمون والرمان حسب الطلب لإضفاء نكهة على الأقراص. أما المرحلة الثانية من تحضير أقراص أبو آمنة فتتمثل باقتطاع كتل صغيرة من المزيج الشبيه «بالكبة» وتجهيزها كأقراص دائرية الشكل حتى تُشوى على الصاج أو وجاقات الحطب.
وتعتبر «أقراص أبو آمنة» من الوجبات الغذائية الشهية والغنية بالسعرات الحرارية، وهي مرغوبة من العائلات التي تتقن تحضيرها، حتى أن البعض يعدّها من دون شواء، بل يحتفظ بها في الثلاجة لشيّها وتقديمها لاحقاً، وخصوصاً أيام فصل الشتاء القارس. فاطمة سماحة أشارت إلى أنها تعمد خلال فترة إعدادها القاورما إلى فرك أكثر من 2 كيلو من البرغل الناعم «بقدر» القاورما، فتحضر جزءاً منها، وتحتفظ بالجزء الباقي في الثلاجة بهدف شيّه لاحقاً. وأكدت سماحة أنها لا تستخدم هذا المزيج فقط «لأقراص أبو آمنة»، بل تستعمله أيضاً في تحضير سائر أنواع الكبة بدءاً بـ«الكبة مكبكبة» و«الكبة حيلة» وصولاً إلى «كبة اليقطين».
وإذا كان ثمة تباين بين أهالي القرى البقاعية لجهة معرفتهم بوجبة «أقراص أبو آمنة» القروية، إلا أن جميعهم يتفقون على أنهم يجهلون أصل التسمية.