الضنية ــ عبد الكافي الصمدلم يستطع محمود طالب ابن بلدة بقاعصفرين في جرود الضنية أن يكتم فرحته، فأضاءت ملامح وجهه بعدما فاضت السماء بخيراتها في اليومين الماضيين، أمطاراً وثلوجاً، إثر انحباس دام قرابة شهر، جاعلاً من شهري كانون الأول والثاني ربيعاً غير مستحب في هذه الفترة من السنة.
«الله يبعت الخير» يقول طالب، وهو يفرك يديه فرحاً لأن «النصبات»، أي غرسات الأشجار المثمرة التي زرعها منذ أيام، قد «علقت»، ولن «يموت منها إلا يللي عمرو قصير، وما إلنا فيه نصيب».
فرحة المزارع الستيني نموذج لما ساد بين أهالي المنطقة، وخصوصاً القاطنين فيها شتاءً، لأن كانون الثاني «بيّضها» في نهاية المطاف، بعدما سرت مخاوف من أن يكون لقب «فحل الشتي» الذي لقّب به هذا الشهر في طور التحوّل، بسبب التغيّر المناخي الذي لم يوفّر منطقة من تداعياته.
رئيس مصلحة الزراعة في الشمال المهندس الزراعي، معن جمال، ابن منطقة الضنية، أوضح لـ«الأخبار» أن «مخاوف بعض المزارعين من احتمال حصول نقص في مياه الريّ الصيف المقبل في غير محلها، لأن معدّل المتساقطات حتى الآن تجاوز معدل السنة الماضية والمعدّل العام، كما أن كميات المياه الجوفية ومياه الينابيع في معظم مناطق الشمال لا تزال فوق معدلها العام».
وتعليقاً على قلق مزارعين من تفتّح براعم بعض أصناف الأشجار المثمرة قبل أوانها، يشير جمال إلى أن ذلك «سيؤثر بلا شك على الموسم الزراعي المقبل، لكن لا يمكن منذ الآن معرفة حجم الضرر الذي سيقع، وإن كان ذلك على وجه العموم بات يعدّ عادياً كل سنة بالنسبة إلى المزارعين».
وعن المخاوف من تأخّر تساقط الثلوج على المرتفعات، ومن عدم قدوم موجة جليد للقضاء على الحشرات المضرّة بالأشجار المثمرة، لأن سنة «الملّاح (أي الجليد) هي سنة الفلاح»، حسب المثل الشائع، يوضح جمال أن الجليد «لا يقضي عادةً على كل هذه الحشرات المضرّة، أو على فئران الحقول، لأنها تختبئ إمّا داخل أغلفة صخرية تصنعها بنفسها، أو في جحور تقيها بردوة الطقس، ثم تعود لتظهر ثانيةً خلال فصلي الربيع والصيف، وإنْ كانت موجة الجليد، إذا كانت قاسية، تميت قسماً منها عادةً».
في موازاة ذلك، أمل محمد لاغا، ابن بلدة السفيرة الجردية، أن تحمل الأيام الباقية من شهر كانون الثاني «الخير، وأن يهطل المزيد من الأمطار، وأن تتساقط الثلوج أكثر»، معتبراً أنه «إذا لم يعملها كانون فلن يفعلها غيره، لأن شباط مهما شبط ولبط، فإن ريحة الصيف فيه!».